تركيا تبحث عن مسلح بعد مقتل 39 في هجوم على ملهى ليلي
فتح مسلح النار على المحتفلين بالعام الجديد في ملهى ليلي مكتظ على ساحل مضيق البوسفور في مدينة اسطنبول التركية اليوم الأحد مما أسفر عن مقتل 39 شخصا على الأقل من بينهم العديد من الأجانب ثم لاذ المسلح بالفرار.
وقفز بعض الأشخاص في مياه البوسفور لإنقاذ أنفسهم بعد أن فتح المهاجم النار عشوائيا في ملهى رينا بعد ما يزيد بقليل فقط عن الساعة من بداية العام الجديد. وتحدث المسؤولون عن مهاجم واحد فيما أشارت بعض التقارير وبعضها على وسائل التواصل الاجتماعي إلى احتمال وجود أكثر من مهاجم.
وأصاب الهجوم تركيا - العضو في حلف شمال الأطلسي- بالصدمة بينما تحاول التعافي من محاولة انقلاب فاشلة وسلسلة من التفجيرات الدامية في مدن منها اسطنبول والعاصمة أنقرة وألقي باللوم في بعضها على تنظيم الدولة الإسلامية بينما أعلن مسلحون أكراد مسؤوليتهم عن البعض الآخر.
وكانت أجهزة الأمن في أنحاء أوروبا في حالة تأهب خلال احتفالات العام الجديد بعد هجوم على سوق لعيد الميلاد في برلين قتل فيه 12 شخصا.
وقبل أيام قلائل دعت رسالة عبر الإنترنت بثتها جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية إلى شن هجمات "فردية" على "الاحتفالات والتجمعات والملاهي الليلية".
ونقلت صحيفة حريت عن شهود قولهم إن هناك عددا من المهاجمين وإنهم هتفوا باللغة العربية.
وقالت واحدة من رواد الملهى الليلي للصحيفة وتدعى شينم أويانيك "كنا نمرح وفجأة بدأ كل الناس في الركض.
قال لي زوجي لا تخافي وقفز فوقي ودهسني الناس وأصيب زوجي في ثلاثة أماكن."
وأضافت "تمكنت من الخروج... كان شيئا فظيعا" ووصفت رؤية الناس ملطخين بالدماء.
وأعاد هجوم اسطنبول إلى الأذهان هجوما شنه إسلاميون متشددون على قاعة باتكلان للموسيقى في باريس في نوفمبر تشرين الثاني 2015 بالتزامن مع هجمات أخرى على حانات ومطاعم مما أسفر عن مقتل 130 شخصا.
وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن هناك 15 أو 16 أجنبيا بين القتلى لكن تم التعرف على هوية 21 جثة فقط حتى الآن.
وأضاف أن هناك 69 شخصا في المستشفى بينهم أربعة في حالة خطيرة.
وقال صويلو للصحفيين "تجرى عملية بحث عن الإرهابي. بدأت الشرطة عمليات ونأمل في الإمساك بالمهاجم قريبا."
وقال مسؤولون إن مواطنين من السعودية والمغرب ولبنان وليبيا وإسرائيل وبلجيكا من بين قتلى الهجوم. وقالت فرنسا إن ثلاثة من مواطنيها أصيبوا.
وقالت قناة الجديد اللبنانية التلفزيونية إن أسرة لبناني اختفى بعد الهجوم قالت اليوم الأحد إنها تلقت أنباء تفيد بأنه من بين القتلى. وأضافت القناة أن الأسرة أبلغت رسميا بمقتل اللبناني ويدعى إلياس ورديني.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن امرأة إسرائيلية من بين القتلى وذكرت أن اسم القتيلة هو ليان ناصر وتبلغ من العمر 19 عاما.
وتشارك تركيا في تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وشنت عملية توغل عسكري في سوريا في أغسطس آب لطرد التنظيم من على حدودها. كما ساعدت في إبرام هدنة هشة في سوريا بالتعاون مع روسيا.
وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اليوم الأحد في بيان مكتوب "كأمة .. سنحارب حتى النهاية ليس فقط الهجمات المسلحة للجماعات الإرهابية والقوى التي تقف وراءها بل هجماتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية أيضا.
"يحاولون خلق الفوضى والنيل من عزيمة شعبنا وزعزعة استقرار بلادنا بهجمات مقيتة تستهدف المدنيين... سنحافظ على هدوئنا كأمة ونقف معا بقوة أكبر ولن ندع مجالا لمثل هذه الألاعيب القذرة."
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم لكن إردوغان ربط الهجمات بالتطورات في المنطقة التي تواجه فيها تركيا صراعا عبر حدودها في سوريا والعراق. ويعيش حاليا نحو ثلاثة ملايين لاجئ سوري داخل تركيا.
والملهى الليلي أحد أشهر الملاهي الليلية في اسطنبول ويرتاده الأجانب والمحليون ويطل على مضيق البوسفور الذي يفصل أوروبا عن آسيا في حي أورتاكوي باسطنبول.
وقالت محطة (سي.إن.إن ترك) التلفزيونية إن حوالي 500 إلى 600 شخص كانوا داخل الملهى الليلي فيما يبدو عندما وقع الهجوم. وقتل المهاجم شرطيا ومدنيا أثناء اقتحامه ملهى رينا الليلي قبل أن يفتح النار بشكل عشوائي في الداخل.
وقال واصب شاهين حاكم اسطنبول "إرهابي بسلاح بعيد المدى... نفذ هذا الهجوم بوحشية وهمجية بإطلاق النار على الأبرياء الذي يحتفلون فحسب بالعام الجديد" فيما يبدو أنه إشارة لنوع من الأسلحة.
وقال البيت الأبيض إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يقضي عطلة في هاواي قدم تعازيه وكلف فريقه بتقديم المساعدة للسلطات التركية.
تدخل سريع للشرطة
انتشرت عشرات سيارات الإسعاف وعربات الشرطة خارج الملهى الليلي في حي أورتاكوي الذي يقع تحت أحد ثلاثة جسور تعبر مضيق البوسفور ويضم عددا من الملاهي الليلية والمطاعم والمعارض الفنية.
وكتب سيفا بويداس وهو لاعب كرة قدم تركي عبر حسابه على تويتر "لم أشهد من أطلق النار لكن سمعت أصوات الرصاص والناس وهي تهرب. تدخلت الشرطة سريعا."
وأضاف "كانت صديقتي ترتدي كعبا عاليا. حملتها وأخرجتها على ظهري."
ونقلت صحيفة حريت عن محمد كوجارسلان صاحب ملهى رينا الليلي قوله إن إجراءات أمنية اتخذت خلال الأيام العشرة الماضية بعد تقارير للمخابرات الأمريكية عن هجوم محتمل.
وتواجه تركيا عدة تهديدات بما يشمل امتداد العنف إليها من الحرب في سوريا.
وبالإضافة إلى حملتها عبر الحدود ضد الدولة الإسلامية تحارب تركيا مسلحين أكراد في جنوبها الشرقي.
وجاء هجوم ليلة رأس السنة الجديدة بعد خمسة أشهر من محاولة انقلاب عسكري فاشلة هزت تركيا وقتل خلالها أكثر من 240 شخصا عندما قاد جنود دبابات وطائرات مقاتلة في محاولة للاستيلاء على السلطة.
وفي 28 ديسمبر كانون الأول حثت مؤسسة ناشر الإعلامية التي تدعم الدولة الإسلامية المتعاطفين مع التنظيم على شن هجمات في أوروبا خلال فترة العطلات واستبدال الألعاب النارية بالأحزمة والعبوات الناسفة وتحويل الغناء والتصفيق لبكاء وعويل.
وقبل شهر حث متحدث باسم الدولة الإسلامية مؤيدي التنظيم على استهداف الحكومة التركية التي وصفها بالعلمانية الملحدة.
وشهدت تركيا عددا من الهجمات في الأسابيع الأخيرة. ففي يوم 10 ديسمبر كانون الأول انفجرت قنبلتان خارج استاد لكرة القدم مما أدى إلى مقتل 44 شخصا وإصابة أكثر من 150 آخرين.
وأعلن مسلحون أكراد مسؤوليتهم عن هذا الهجوم.
وقتل تفجير سيارة ملغومة 13 جنديا على الأقل وأصاب 56 شخصا عندما استهدف حافلة تقل جنودا خارج أوقات الخدمة في مدينة قيصرية بوسط البلاد بعد ذلك بأسبوع وهو هجوم ألقى إردوغان بمسؤوليته على مسلحين أكراد.
وقتل السفير الروسي في تركيا رميا بالرصاص أثناء إلقائه خطابا في أنقره في 19 ديسمبر كانون الأول على يد ضابط شرطة خارج الخدمة صاح "الله أكبر" و"لا تنسوا حلب".
وفي يونيو حزيران قتل نحو 45 شصا وأصيب المئات عندما نفذ متشددون يشتبه بانتمائهم للدولة الإسلامية هجوما بالأسلحة والقنابل على مطار أتاتورك في اسطنبول.