خبراء يكشفون حقيقة انهيار الاقتصاد الروسي بسبب الحرب السورية
لا تزال روسيا طرفا في الصراع السوري، بل تعد من أهم الجهات المتدخلة بقوة في سوريا، حيث تتخذ الدولة السورية منطقة إستراتيجية لها، وهو الأمر الذي يجعلها دائما حريصة كل الحرص، بعدم التفريط والتخلي عن نظام بشار الأسد، كونه يؤمّن لها مصالحها، إلا أن اندلاع هذه الحروب دائما ما يرتبط بكوارث اقتصادية تلحق بتلك الدول، كما حدث مع الولايات المتحدة في حربها ضد العراق، وهو الأمر الذي يتخوف منه ويطرحه بعض الباحثين بالنسبة لروسيا.
خسائر روسية
وبرغم تدخل روسيا في أفغانستان سابقا، وما نالته من هزيمة نكراء، إلا أنها حريصة أن تبقى في سوريا، مجلبة لنفسها بعض الخسائر، التي ربما تؤثر عليها مستقبلا، وبرغم إعلان روسيا أن تدخلها العسكري المباشر في سوريا، يأتي لمحاربة تنظيم داعش، إلا أنها واجهت اتهامات باستهداف المعارضة المعتدلة والمدنيينن، وهو ما جعل جنودها محط أهداف للجماعات المسلحة، فبين الحين والآخر تتسارع الأنباء للإعلان عن مقتل بعض القيادات الروسية والجنود أيضا، وكان من بينهم، قتل المستشار العسكري الروسي "إيفان تشيريميسين"، فبراير 2016، إثر سقوط صواريخ على قاعدة في محافظة حمص وسط سوريا، فضلا عن الطائرات التي تسقط مدمرة، وكان من أشهرها طائرة الفرقة الموسيقية التي قتل فيها أكثر من 90 شخصا، وكذلك سقوط الطائرة الروسية في مصر، فضلا عن الكثير من حوادث الطائرات التي لاحقتها.
الحديث عن انهيار الاقتصاد الروسي
وفي خضم الحرب المشتعلة في سوريا التي تتشارك فيها روسيا كطرف أساسي، تبرز العديد من التساؤلات، حول مدى تكبيد الاقتصاد الروسي، خسائر فادحة، وكذلك مدى تعرض روسيا إلى أزمة اقتصادية طاحنة أو أزمة مالية مستقبلا، كما حدث مع الولايات المتحدة الأمريكية لإنفاقها في الحرب العراقية ما لا يقل عن 70 مليار دولار .
اقتصادية روسية: خسائر اقتصادية روسية فادحة
وكانت أستاذة الاقتصاد بجامعة موسكو "إيرينا فيليبفا"، أكدت قبل ذلك في تصريحات لها سابقة، أن هناك خسائر فادحة سيتحملها الاقتصاد الروسي، نتيجة لتدخلها في العسكري في سوريا.
وأوضحت في تصريحات لها، أن إن قرار التدخل العسكري لم يكن صائبا, موضحة أن اقتصاد بلادها يعاني كثيرا من أزمات اقتصادية، نتيجة العقوبات الغربية، فضلا عن الأزمات الداخلية والعالمية الأخرى الخانقة له.
ولفتت أن روسيا في غنى تماما عن التدخل العسكري في أي دولة، مبينة أن التدخل العسكري يتطلب زيادة إنفاق على الشئون الحربية والعسكرية، بما يسبب مشكلات لكافة القطاعات الأخرى، من صحة وتعليم، وغيرها من القطاعات، مما يؤدي إلى سوء كبير في الأحوال الروسية.
خبير روسي: الإعلام الروسي يمارس تضليل كبير
ولم يتوقف الأمر على انتقادات الاقتصادية، "إيرينا فيليبفا"، بل شمل أيضا، الخبير في شؤون الشرق الأوسط "أندريه ستيبانوف" وهو روسي الجنسية، والذي أكد أن الإعلام لديهم يمارس دورا كبيرا في التضليل وتشويه ما يحدث في سوريا، ولا يقدم صورة حقيقية لحقيقة الجرائم المرتكبة هناك من قبل النظام وأقرانه، موضحا أن ما يزيد عن 69% من الروس يعارضون التدخل العسكري الروسي في سوريا، حسبما أوضح استفتاء أجري قبل ذلك.
لا تتكبد خسائر اقتصادية فادحة
من جانبه أكد محمد حامد، الباحث في العلاقات الدولية، أن الاقتصاد الروسي يعد اقتصادا ريعيا، مثل اقتصادات بعض دول الخليج، مشيرا إلى أنهم يعتمدون فقط على الغاز والبترول وصناعة السلاح، إلا أنهم لا يعتمدون بالأساس على الإنتاج.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن معظم الخسائر لدى روسيا تأتي بشرية في المقام الأول، حيث سقوط الطائرات، وبعض حوادث قتل الجنود، بما يؤكد أن التأثير لا يأتي على الاقتصاد بدرجة كبيرة.
ولفت الباحث في العلاقات الدولية، أن روسيا تحسب تدخلها في سوريا بدرجة شديدة للغاية، لتوخي الحذر من درجة الخسائر، موضحا أن اتفاقيات السلاح التي تعقدها مع الدول العربية، فضلا عن تقاربها مع تركيا والكثير من الدول الأخرى، وكذلك المنتظر بشأن إلغاء العقوبات عن روسيا من خلال التفاهم مع ترامب، يعطي قوة للاقتصاد الروسي.
هناك تكلفة لكن لا تصل لحد الانهيار الاقتصادي
كما أكد الدكتور حساني الشحات، الخبير في الشأن الاقتصادي، أن الاقتصاد الروسي يتحمل تكلفة الحرب الدائرة في سوريا، من ناحية استنزاف السلاح، وكذلك استنزافها من ناحية القوى البشرية، والذخائر الروسية.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هناك توقع بأن تتكبد روسيا أيضا خسائر في شأن علاقاتها التجارية، بسبب تداخل الأطراف في سوريا مما يؤثر على اقتصادات تلك الدول مثل تركيا، فضلا عن مشكلات السمعة التي من الممكن أن تؤثر عليها، مثل قتل السفير الروسي.
ولفت الشحات، إلى أنه برغم الإعلان عن بعض هذه الخسائر، إلا أنه ليس معنى ذلك أن تتكبد روسيا خسائر لدرجة الانهيار الاقتصادي، لا سيما أن التغييرات السياسية في سوريا تأتي لصالح روسيا، وكذلك التقدم الكبير في العلاقات مع إدارة ترامب الذي لاحت بعض مؤشراته في الفترة الأخيرة.
روسيا لا تنظر للتكلفة الاقتصادية
وأوضح إبراهيم الغيطاني، الباحث في الشأن الاقتصادي، أن التدخل الروسي في سوريا لم يتكلف كثيرا، بل يرى أنه ضئيلا، مشيرا إلى أن روسيا أيضا لديها العديد من المكاسب التي من بينها، بناء قواعد عسكرية في المتوسط، فضلا عن زيادة النفوذ في المنطقة، وكذلك التعاون والتمدد من خلال الاتفاقيات الاستثمارية، التي تأتي عبر الشركات الروسية مع مصر وبعض الدول الأخرى المختلفة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن روسيا لا تنظر للتكلفة الاقتصادية في سوريا من خلال حربها، كأولوية، بل تنظر دائما للمكاسب عبر الفترات البعيدة، وبالتالي لا يؤثر تدخلها في سوريا على الاقتصاد كثيرا.