منال لاشين تكتب: أسرار ما بين السياسة والاقتصاد فى عامين
أخبار 2017
زيادة مصروفات المدارس والجامعات بنسبة تتراوح بين 100% و 300%
إلزام البنوك بتخصيص جزء من القروض الصغيرة للنساء فى عام المرأة
البرلمان يطالب الحكومة برفع الحد الأدنى للأجور.. وزيادة المعاشات وإعفاءات ضريبية لبيزنس المعاقين
■ الحكومة طلبت من صندوق النقد عدم نشر تقريره عن الاقتصاد المصرى وشروط قرض الـ12 مليار دولار
■ الرئاسة أجلت التوقيع على قانون الجمعيات الأهلية.. وطلبت دراسة من جهة سيادية حول القانون
فى كل عام وفى ربع الساعة الاخير من العام تعودت أن اكتب لكم آخر أسرار العام الراحل واهم أسرار العام الجديد.
وفى العام الماضى كنا اول من انفردنا بأسرار من نوع أن مصر ستطلب قرضا من صندوق النقد، وان الحكومة ستطرح مشروعات فى قطاع الأعمال للبيع فى البورصة وان المركزى سيخصص مبادرة بـ200 مليار جنيه للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بفائدة خاصة جدا ورفع الدعم عن المواد البترولية.
وقد تحولت هذه الأسرار إلى اخبار وحقائق. وتلونت الحياة بلون كئيب وحاد بتوابع بعض هذه الاخبار. قرض الصندوق جر وراءه ارتفاعات هائلة ومتتالية فى أسعار السلع والخدمات بسبب تعويم الجنيه. كما جر القرض وراءه قروضا اخرى بـ6 مليارات دولار. بالإضافة إلى القروض الميسرة من كل من البنك الدولى والبنك الافريقى للتنمية. باختصار مصر استهلكت فى عام 2016 نسبة كبيرة من فرص الاقتراض من الخارج. المثير أن الاقتراض من الخارج اصبح فرصة للتباهى والخلاف حول من هى الجهة التى نجحت فى الاقتراض من الخارج اكثر من غيرها. دخلنا فى منافسة على القروض بين وزارات ومؤسسات الدولة.
خنافة أو صراع آخر العام كان بين البنك المركزى ووزارة التعاون الدولى حول هذا الملف، فى تصريحات منسوبة لمحافظ البنك المركزى طارق عامر افتخر الرجل بان البنك استطاع تدبير قروض مهمة هذا العام وأنه وفر لمصر 15 مليار دولار. وإذا جمعت قروض المركزى وقروض التعاون الدولى فتكتشف اننا أمام كارثة. وان العمل الوحيد الذى تجيده الحكومة والدولة الآن هو الاقتراض. ونسبة الاستثمار الاجنبى فى مصر لا تزيد علي 25% من المليارات القادمة من القروض بكل الجنسيات، ومن معظم المؤسسات الدولية. ولذلك فنحن نحتاج فى عام 2017 إلى التركيز على العمل وجذب استثمارات أجنبية مباشرة بدلا من التباهى بالقروض.
ونحتاج أن يركز المركزى على محاربة التضخم بعد الارتفاعات الهائلة فى الأسعار، وأن تضغط الحكومة فى اتجاه ضبط الاسواق ومحاربة الاحتكار.
1- كواليس سياسية
قبل كارثة الكنسية البطرسية بأيام اتخذ الرئيس السيسى قرارا بتأجيل التوقيع على قانون الجمعيات الأهلية. وهو القانون الوحيد الذى اعده نواب بالبرلمان وذلك بعد أن اهملوا مشروع القانون الذى اعدته الحكومة أو بالاحرى وزارة التضامن، ويتردد داخل كواليس البرلمان أن مجلس النواب قام بتأجيل ارسال القانون للرئيس وان هذا التأجيل جاء بناء على نصيحة جهة سيادية. ولكن حادثة البطرسية غطت على كل الاخبار والأسرار. السيسى طلب من جهة سيادية اعداد دراسة متكاملة حول القانون الذى لاقى رفضا من معظم الجمعيات الأهلية وعلى رأسها المنظمات العاملة فى مجال التنمية الصحية والتعليمية ومكافحة الفقر. واتفقت الخمس الكبار فى منظمات المجتمع المدنى فى مجال التنمية على أن القانون سيئ. وهذه الجمعيات لا تمارس أى نشاط حقوقى سياسى. وهذه الجمعيات ايضا تعد شريكا اساسيا للحكومة فى مشروعات التنمية ومكافحة الفقر. ولذلك طلب الرئيس السيسى دراسة حول القانون حتى لا تتم اصابة منظمات المجتمع المدنى بالشلل. خاصة أن الحكومة تعتمد فى خطتها لمكافحة الفقر على توسيع الاعتماد على هذه المنظمات. قيادات البرلمان وائتلاف دعم مصر تراقب الموقف خوفا من اعادة الرئيس السيسى القانون للبرلمان مرة اخرى. وهو الامر الذى يعد فضيحة للبرلمان وفى اول مرة يمارس دوره التشريعى كاملا ويتصدى لاعداد قانون من الالف إلى الياء.
وبالطبع أكبر فضيحة للبرلمان فى عام 2016 هى جريمة عدم تنفيذ حكم محكمة النقض. وهو الحكم الخاص بأحقية الدكتور عمرو الشبكى فى عضوية البرلمان عن دائرة الدقى. وقد استنفد البرلمان كل الاسباب المنطقية وغير المنطقية لتنفيذ حكم المحكمة. من كواليس هذه الفضيحة أن رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال تراجع ثلاث مرات على الاقل عن انهاء الملف الشائك. وكان بعض النواب من اهل القانون قد طلبوا من رئيس البرلمان وقف هذه المهزلة وتنفيذ حكم محكمة النقض حرصا على كرامة البرلمان وصورته أمام الرأى العام. ووعد الدكتور على عبدالعال ثلاث مرات بأن ينتهى الموضوع وينفذ حكم محكمة النقض دون جدوى. وبالمثل وعد الدكتور على عبدالعال محامى الدكتور عمرو الشوبكى بتنفيذ الحكم. وخلف وعده. ولذلك فإن آخر اخبار 2016 هى لجوء الشوبكى للمحكمة لمخاصمة على عبدالعال. ارجو ألا أضطر أن أكتب فى نهاية 2017 عن قضية عمرو الشوبكى أو بالاحرى فضيحة تجاهل البرلمان حكم النقض الخاص بعضوية الشوبكى.
2- أسرار اقتصادية
حتى الآن لم يعلن أو ينشر صندوق النقد تقريره التفصيلى عن حالة الاقتصاد المصرى، وهو التقرير الذى يجرى اعداده قبل الموافقة على القرض. بالمثل لم يتم اعلان الشروط التفصيلية بين الصندوق والحكومة المصرية. وتنص قواعد الشفافية لصندوق النقد علي إتاحة هذه الوثائق للنشر العام. وقد كتب اكثر من كاتب اقتصادى فى هذه النقطة. واشك أن نرى هذه الوئاثق الا بعد رحيل الحكومة أو على الاقل المجموعة الاقتصادية الوزارية كاملة. لان الحكومة المصرية أو المفاوض المصرى فى مباحثات قرض الصندوق طلب من الصندوق عدم نشر هذه الوثائق. والطلب جاء شفهيا وخلال المفاوضات حول القرض. وعلى فكرة هذه ليست المرة الأولى التى تتجاهل فيها حكومات مصر نشر كافة الشروط والتعهدات فى قرض صندوق النقد. وليست المرة الأولى الذى يستجيب فيها الصندوق للمطلب المصرى. لكن الفارق فى هذه المرة هو التعتيم الكامل من الصندوق والحكومة المصرية بالطبع والاكتفاء بالتصريحات والبيانات الصحفية.
بالمثل هذه هى المرة الاولى الذى ينفرد بها محافظ البنك المركزى ووزير المالية فقط بالمباحثات حيث طلب المحافظ طارق عامر استبعاد وزيرة التعاون الدولى الدكتورة سحر نصر من المفاوضات، وتم تحجيم دور وزير التخطيط الدكتور اشرف العربى فى هذا الملف الشائك. وبحسب معلوماتى فإن شروط القرض كاملة لم تناقش فى اجتماع مجلس الوزراء.وعرضت فقط على الرئيس السيسى ورئيس الحكومة. وعلم كل وزير بالتكليفات الخاصة بوزارته فقط. منتهى منتهى الشفافية. بالطبع من البديهى ألا يعرف المواطن شروط الصندوق إذا كان معظم اعضاء الحكومة لا يعرفون شروط الصندوق.
3- أخبار سعيدة
مع الارتفاعات المتتالية والواسعة والشاملة فى سعر السلع والخدمات، مع هذا الاستمرار يصعب تصور أن ثمة اخبارا سعيدة يمكنها أن تجلب الرضا فى العام الجديد عام 2017. فالمواطن فى الغالب ولديه حق بالطبع يقيس الاشياء بزاوية الأسعار. خاصة أن المواطن يدخل فى 2017 بانخفاض فى دخله الحقيقى يتراوح بين 40% و60%. ولكن وكما يقول الشاعر الكبير محمود درويش: «على هذه الارض ما يستحق الحياة». هناك بالطبع فى 2017 عدة اخبار جيدة، خاصة الاخبار التى تخص بعض فئات المجتمع. نبدأ بالنساء. وقد اعلن الرئيس السيسى أن عام 2017 عام النساء. وثمة خطوات للنساء. على رأس هذه الخطوات إلزام البنوك بتخصيص نسبة من القروض الصغيرة والمتوسطة لمشروعات النساء، وذلك بفائدة 5%. عام المرأة سيبدأ بمؤتمر ومن المتوقع أن يتم عقد المؤتمر فى شهر مارس. وتقدمت بعض المنظمات النسائية باقتراحات للرئاسة لتنفيذها فى عام المرأة. من بين هذه الاقتراحات تخصيص معاش استثنائى للمرأة المعيلة. وتشديد العقوبات على جريمة التحرش. وتعديلات قانونية تخص قضايا الاسرة والحضانة والنفقة.
من الأخبار السعيدة ايضا ما يخص المعاقين.. فلأول مرة سيتم منح المعاقين خصما فى الضريبية على الدخل. وذلك فى اطار عدة مزايا جديدة للمعاقين. ولكن منحهم خصما على ضريبة الدخل هو اهم خبر سعيد لهم. وبالمثل سيتم التركيز على حقوقهم فى العمل سواء العمل فى الحكومة والمؤسسات أو حقهم فى الحصول على تمويل لمشروعات اقتصادية وتجارية خاصة بهم. وزيرة التضامن غادة والى انتهت من مشروع قانون حقوق ذوى الاحتياجات الخاصة، والمشروع الآن فى طريقه للبرلمان.
رغم الأداء السياسى السيئ للبرلمان وانحيازه ضد الحريات المجتمعية والصحافة والاعلام، الا أن عام 2017 قد يحمل اخبارا جيدة تأتى من خلال البرلمان. فقد زادت الآراء المؤيدة داخل البرلمان لرفع الحد الأدنى للأجور داخل الحكومة وخارجها. الاتجاه برفع الحد الأدنى للأجور بدأ بين صفوف نواب المعارضة والمستقلين. لكن الارتفاع الجنونى فى الأسعار جعل نسبة لا يستهان بها داخل تكتل الاغلبية «دعم مصر» يرى ضرورة مطالبة الحكومة بزيادة الحد الأدنى للأجور. لكن قيادات دعم مصر نصحت النواب بالتروى فى طلب زيادة الحد الأدنى للأجور، وذلك نظرا للازمة الاقتصادية والمالية التى تمر بها البلاد والموازنة العامة للدولة. ومع ارتفاعات الأسعار الحادة عاد بعض نواب «دعم مصر» لطرح فكرة زيادة الحد الأدنى للأجور، أو اقرار علاوة استثنائية للموظفين لمدة محددة. قيادات بدعم مصر أبلغوا النواب المطالبين بالعلاوة انهم سيؤيدون المطلب. قيادات الائتلاف رهنت هذه الموافقة فى حالة واحدة. وهذه الحالة هىحدوث قفزات حادة فى سعر الدولار. لان هذه القفزات ستؤدى إلى ارتفاع جديد وحاد فى أسعار الخدمات. المثير أن بعض قيادات ائتلاف دعم مصر من رجال الأعمال وضعوا شرطا اخر. وهو اقتصار مطالبة رفع الحد الأدنى على الحكومة والمحليات فقط. وترك الامر للتفاوض فى القطاع الخاص. النواب من رجال الأعمال برروا هذا الشرط بصعوبة اوضاع القطاع الخاص.
4- توابع الخصخصة
عام 2016 كان عام الخصخصة أو بالاحرى الاعلان عن بيع حصص من شركات وبنوك فى البورصة. وعام 2017 سيكون عام تنفيذ هذه الخصخصة. وكما قلت من قبل ستبدأ الخصخصة بطرح أسهم وحصص فى شركات البترول. ولم تكتف الحكومة بما أعلنته من قبل بطرح 25% من أسهم الشركات، ولكن النسبة قد تصل إلى 40% من اسهم الشركات. وسيكون طرح بعض الشركات العامة خاصة البترول فى البورصات العالمية، وليست البورصة المصرية.
ومن توابع الخصخصة أو خصخصة الادارة فى 2017 استمرار سياسة تأجير فروع من شركات التجارة الداخلية «بنزايون. عدس. ريفولى» وغيرها من شركات التجارة الداخلية. عام 2017 سيشهد تأجير نحو 25 فرعا من فروع هذه الشركات للقطاع الخاص. وتسهم عملية تأجير هذه الفروع فى زيادة أرباح شركات قطاع الأعمال أو بالاحرى تحسين موازنات هذه الشركات سواء التابعة أو القابضة.
من الاخبار السيئة إلى حد كبير اتجاه الحكومة لزيادة المصروفات الدراسية فى كل من المدارس والجامعات بنسب كبيرة ومتفاوتة. المصروفات ستزيد من 100% إلى 300%. وهذه الزيادة ستأتى فى اطار البحث عن توفير موارد اضافية لاصلاح التعليم. فى الغالب ستبدأ الاصوات المؤيدة للسيسى بالكلام فى الفضائيات والصحافة عن «الملاليم» التى يدفعها التلميذ أو الطالب كمصروفات للدراسة.
من أخبار 2017 التى تخص الكهرباء خبر يخص الطاقة الشمسية. فقانون تعريفة الطاقة الشمسية لم يلب طموحات لا الحكومة ولا شركات القطاع الخاص. وشهد ربع الساعة الأخيرة من عام 2016 خروجا متزايدا لعدد من الشركات من مجال انتاج الطاقة الشمسية. وبررت هذه الشركات خروجها من منظومة الطاقة الشمسية بعدم امكانية تحقيق عائد اقتصادى أو بالاحرى ارباح مجزية من الدخول فى مجال الاستثمار فى الطاقة الشمسية. وقد دفع البطء فى إحراز تقدم فى مجال انتاج القطاع الخاص للطاقة الشمسية وزارة الكهرباء إلى التفكير فى تعديل القانون. خاصة أن الحكومة ووزارة الكهرباء تعتمد بشكل كبير أو بالأحرى تراهن على تزايد النمو فى قطاع الطاقة الشمسية خلال 2017.
ولكن الرهان الاهم فى عام 2017 يجب أن يكون على استقرار وانخفاض الأسعار فى الاسواق. وعلى رأس هذه الأسعار سعر الدولار نفسه.
بعيدا عن النظريات الاقتصادية التى ترددها الحكومة وعن الاستثمارات الأجنبية التى تنتظرها الحكومة. بعيدا عن هذا وذاك فإن الحفاظ على سعر مستقر للدولار، بل وانخفاض سعره يجب أن يكون هم وعمل ورهان الحكومة فى 2017. ويجب أن نصل لسعر عادل للدولار تحت أى ظرف، وفى أى ظرف. فإذا تأخرت أو تعثرت الاستثمارات الاجنبية، لا قدر الله، فيجب أن تتخذ الحكومة خطوة جريئة ومتأخرة بمنع استيراد السلع الاستفزازية. لان استمرار استيراد هذه السلع هو احد اسباب ارتفاع سعر الدولار. خاصة أن مستوردى السلع لم ولن يفوا بوعودهم ومبادرتهم. وكان التجار واتحاد الغرف قد طرحوا مبادرة بوقف الاستيراد الترفى لمدة ثلاثة شهور. ثم عاد التجار يهرولون للاستيراد بعد اقل من اسبوع من التعويم. التحويلات الأجنبية تضغط ايضا على الدولار، وبقدر ما ربحت البورصة وهللنا لها وبها، فان خروج الارباح الأجنبية من البورصة يزيد ايضا من سعر الدولار. وكل ذلك يؤدى إلى مزيد من زيادة أسعار السلع والخدمات. والمواطن تحمل فوق طاقته وصبره واحتماله، ولن يستطيع تحمل المزيد. ولذلك يجب استهداف التضخم من جانب المركزى واستهداف استقرار وخفض الدولار من قبل الحكومة والمركزى.
باختصار لا يجب الرهان على صبر المواطن اكثر من ذلك، فعلى رأى ام كلثوم للصبر حدود.
وكل عام وانتم ومصر بخير.