التموين تتعاقد على شراء أرز من الهند.. و"موردين" الفلاح المصري أولى
تفاقمت أزمة كبيرة في السلع الأساسية لدى المصريين خلال الفترة الماضية، بعد ما كان المواطن يحصل عليها بأمانٍ تام وبسهولة ويسر، ولكن الأمر الآن انقلب رأساً على عقب، وتحول الأرز من سلعة أساسية إلى حلم وأمنية، من حيث السعر وطرق الحصول عليها، فبين عشية وضحاها تحول سعر الكيلو من 4 جنيهات إلى 9 جنيهات، وبدأ الخلاف بين موردي الأرز والحكومة على سعر التوريد وعقدت مناقصات عدة ولكن كلا الطرفين تعصب لرأيه، والمواطن البسيط رهينة الخلاف و"كبش الفدا"، وبعد هذا الصراع اضطرت الحكومة إلى استيراد "أرز هندي"، بـ 7,5 جنيه للمستهلك، بعد أن كان يفيض من الإنتاج المحلى ما يقرب من مليون طن سنوياً، حيث كان المواطن يأكل مما تزرع يداه، أصبح يأكل مما يزرع الهنود، بالإضافة إلى تدنى الأرز الهندي عن الأرز المصري بمقدار خمس مرات بالنسبة للمواصفات العالمية.
وفى استطلاع لأراء مجموعة من موردي الأرز للحكومة، قال مورد رفض ذكر اسمه، إن الحكومة لجأت إلى الاستيراد، بعد أن رفضت مناقصات عدة، حيث رفضت استلام طن الشعر بسعر 3000جنيه حينما كان بـ2800، ورفضت استلامه بسعر 3500 حينما وصل إلى 3200 جنيه للطن، وبعد أن ارتفعت الأسعار، تم عقد مناقصة لتوريد الأرز المحلى بسعر 8 جنيه للكيلو، وبدلاً من أن تقتنص الفرصة تم رفضها، وعقدت مناقصات لاستيراد أرز هندي بسعر 420 دولار للطن، في ظل أزمة الدولار وفى حالة وجود الأرز المحلى لدى الموردين.
وأوضح مورد آخر، أنه باستيراد الحكومة كميات من الأرز الهندي، تخلت الحكومة عن دعم زراعة وصناعة مصرية يعمل فيها الملايين من المواطنين، منوهاً إلى أن الأرز الهندي من أردأ الأنواع العالمية، مضيفاً أنه كان على الحكومة توفير ما لديها من دولارات والتعاقد مع الموردين المحليين بالجنيه المصري، معتبراً أن ذلك الأفضل من حيث الجودة وفرق السعر الطفيف مقارنة بالأرز الهندي، سائلاً: " هو الأولى دعم الفلاح المصري وألا الفلاح الهندي؟!، مش إحنا أحق بالدولار اللي هيدخل جيوب الهنود".
بينما أشار أحد الموردين، إلى أن "تهريب الأرز"، هو السبب الرئيسي في الأزمة، حيث بعد غلق الحكومة باب التصدير أمام الموردين، لجأ المورد إلى تهريب ما لديه من كميات، بدون سداد رسوم جمركية أو ضريبية، موضحاً أن المورد يسلم طن الأرز المحلى عن طريق التهريب، بسعر يتراوح من 800 دولار إلى 1000 دولار، بدون أي وجه حق، والدولة تتكبد خسائر فادحة.
وعلى الجانب الآخر، أوضح إبراهيم عامر، المستشار الإعلامي لوزارة التموين والتجارة الداخلية، أن الوزارة لجأت إلى كميات استيراد الأرز الهندي، بعد أن امتنع الموردون عن التوريد للحكومة، بسبب الاختلاف على السعر الذي حددته الأخيرة، واستوردت 35 ألف طن، بسعر 7.5 للمستهلك، مشيراً إلى أنه سعر منخفض بنسبة 25%، مقارنة بسعر الأرز المحلى، للتخفيف على المواطنين.
وأضاف عامر، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الوزارة تعاقدت على استيراد 75 ألف طن أرز هندي، لسد احتياجات السوق، في ظل رفض القطاع الخاص، التعاون مع الحكومة، لتوفير الأرز للمواطنين بسعر مناسب، قائلاً: " الحكومة ليست سمسار يشترى السلعة ويربح من ورائها"، منوهاً أن الحكومة تعمل على توازن السوق، ومنافسة القطاع الخاص، من أجل تخفيض الأسعار.
وأكد المستشار الإعلامي لوزارة التموين، أن مباحث التموين بالوزارة، لا تدخر جهداً في مكافحة التهريب، بمعاونة وزارة الداخلية وقوات حرس الحدود، وتم إحباط محاولات عديدة من التهريب، والحد من ذلك، فيما تمكنت الوزارة من منع حالات التهريب بطرقها المختلفة، مضيفاً أن الحكومة قامت بحملات على مخازن الأرز لكثير من المحتكرين والمستغلين، وتم القبض عليم ومحاصرة كميات كبيرة من الأرز، وذلك للحد من عمليتي التهريب والاحتكار.