الإيرادات غير النفطية.. قفزات متفاوتة في وصفة محمد بن سلمان لعلاج "الإدمان النفطي"
كشفت بيانات الميزانيات
السعودية لأعوام عدة سابقة عن قفزات متفاوتة في الإيرادات غير النفطية لميزانية السعودية،
لكن ميزانية 2017 كانت تتميز بأكبرها؛ وهو ما يشكّل قفزة حقيقية في طريق التخلي عن
"عصر البراميل"، بعدما كان برميل النفط يشكِّل رافدًا أساسيًّا في ميزانية
السعودية منذ عقود.
فبالعودة إلى بيانات
الميزانيات السابقة نجد أن الإيرادات غير النفطية للمملكة العربية السعودية في عام
٢٠٠٠ م كانت ٤٤ مليارًا، بعدها زادت الإيرادات بما يقارب ٣ مليارات للعام ٢٠٠٢. وشهد
العام ٢٠٠٣ قفزة في الإيرادات غير النفطية؛ إذ بلغت نحو ٦٢ مليارًا. وتطابق العام
٢٠٠٤ مع العام الذي سبقه. وتراجعت الإيرادات غير النفطية بنحو مليارين في العام
٢٠٠٥.
وفي عام ٢٠٠٦ وكان
الإيراد غير النفطي بها نحو ٦٩ مليار ريال، وشكّل الإيراد غير النفطي في العام الذي
يليه نحو ٨١ مليارًا.
زيادة الإيرادات
وفي عام ٢٠٠٨ كانت
الإيرادات غير النفطية نحو ١١٨ مليار ريال، وشهد العام الذي تلاه انخفاضًا، وكانت الإيرادات
غير النفطية تشكِّل نحو ٧٥ مليار ريال. وفي العام ٢٠١٠ كانت الإيرادات غير النفطية
٧١ مليارًا.
ومنذ عام ٢٠١١
بدأ تصاعد الميزانية السعودية، وكذلك زيادة الإيرادات غير النفطية بشكل متقارب؛ إذ
سجلت الإيرادات غير النفطية فارقًا يزيد على ١٠٠ مليار ريال.
تقدُّم ملحوظ
منذ البدء في رؤية
المملكة العربية السعودية قفزت الإيرادات غير النفطية قفزة كبيرة في ٢٠١٥ و٢٠١٦، وشكلت
الإيرادات غير النفطية في العام المالي ٢٠١٧ أكبرها منذ عقود؛ إذ بلغت ما يقارب
٢٠٠ مليار ريال سعودي، فيما أقرت المصروفات العامة للدولة بمبلغ ٨٩٠ مليار ريال سعودي.
هذا التسلسل والنجاح
الأخير في الإيرادات غير النفطية يعيدنا إلى حديث سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع رئيس
المجلس الاقتصادي والتنموي، الأمير محمد بن سلمان، الذي كشف عن عزم المملكة العربية
السعودية إقالة دستورية البترول، كما شبهها محمد بن سلمان، بعدما خضعت لها السعودية
على مر عقود من الزمن، واعتمد عليها في تلك العقود بنسبة تزيد على 90 % في تسيير شؤون
الدولة في الأوجه كافة. والحل هو الاعتماد على موارد أخرى، تعالج السعودية من حالة
الإدمان النفطي.
حالة الإدمان النفطي
بدأت قصة إدمان
النفط في السعودية حين وقّع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود في 29 مايو من عام
1933م اتفاقية الامتياز للتنقيب عن البترول بين حكومة السعودية وشركة ستاندرد أويل
أوف كاليفورنيا سوكال.
وفي 8 نوفمبر من
العام نفسه تم إنشاء شركة تابعة، هي شركة كاليفورنيا أريبيان ستاندرد أويل كومباني
(كاسوك) لإدارة الامتياز. ولم تنتهِ هذه القصة عند حفريات باءت بالفشل، لكنها تواصلت،
حتى تم استخراج النفط، وحتى وصلت السعودية إلى أعلى قائمة البلدان المصدرة للبترول
بمشتقاته، وكذلك أعلى قائمة أغنى دول العالم من جراء سعر برميل البترول، الذي كان هو
القائم بميزانية الدولة منذ اكتشافه. وأنتجت السعودية ما يقارب 135 مليار برميل على
مدى اثنين وثمانين عامًا، حتى موافقة مجلس الوزراء على خطة التنمية 2030.
الخطر
وتمثيلاً للخطر
الذي تحدث عنه سمو ولي ولي العهد الناتج من الاعتماد الكلي على البترول ما حدث في السبعينيات
الميلادية - بحسب متابعين - عندما وصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في المملكة
العربية السعودية إلى رقم قياسي عالمي 1.858٪ بفضل طفرة النفط، بيد أن هذا لم يكن بالإمكان
استمراره؛ وبالتالي انكمش نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 58 ٪ في الثمانينيات،
لكن جهود التنويع الناجحة ساعدت في تسجيل نسبة نمو بلغت 20٪ في التسعينيات، وهو الأمر
غير المستبعد تكراره مستقبلاً في ظل ما تشهده ميزانية الدولة من اعتماد مباشر على النفط،
بالرغم من انحدار أسعاره؛ فلطالما بات سعر البرميل همًّا على صدور السعوديين بمختلف
طبقاتهم.
الموارد المدفونة
وأبرز ولي ولي
العهد جانبًا أكثر إشراقًا حول الموارد المدفونة في السعودية؛ لتكون جزءًا من موارد
فعّالة متنامية للميزانية السعودية، منها السياحة الترفيهية والدينية، وتصنيع السلاح
داخليًّا؛ لتخرج السعودية من حالة الإدمان النفطي التي تعانيها الدولة؛ فتسببت في دفن
هذه الموارد منذ عقود من الزمن، إلى أن وافق مجلس الوزراء أمس على خطة التنمية.
ومن العوائد غير
النفطية في ميزانية ٢٠١٧ رسوم حكومية ومبيعات السلع والاستثمارات، والضرائب والمكاسب
والغرامات والجزاءات، وضرائب التأشيرات، وحصة الحكومة من الاتصالات، وإيرادات متنوعة،
وكذلك رسوم أعمال التعدين، وضريبة المشروبات الغازية والضارة نقلًا عن صحيفة سبق.