عبدالحفيظ سعد يكتب: ألاعيب وكواليس لعبة الإخوان فى مبادرة «الزيات» للمصالحة
أيمن نور وآيات العرابى حرضا المكتب الإدارى للتصعيد ضد عزت للحفاظ على مصالحهما المالية من قطر
لا يتوقف تنظيم الإخوان عن المناورة حتى فى الوقت الذى تعانى فيه الجماعة من حالة انقسام داخلى، ما بين مجموعات تابعة لمكتب الإرشاد القديم، بقيادة محمود عزت، ومجموعة أخرى التى تطلق على نفسها المكتب الإدارى.
ويضاف لملف الانقسامات الداخلية فشل التنظيم فى توجيه كوادره سواء فى القيام بعملية احتجاجات نتيجة عزوف عدد كبير من العناصر الاستجابة لأوامر القيادات، بل إن الأمر وصل إلى وجود انشقاقات أكثر خطورة تمثل اتجاه عدد كبير من عناصر التنظيم للعمل إلى التشدد أكثر وتنبى أفكار داعش، بل انضمت عناصر بالفعل من الإخوان للتنظيم الإرهابى.
لذلك جاءت لعبة تنظيم الإخوان الأخيرة، الذى يحاول الآن البحث عن مخرج لأزمته، التى باتت تهدد كيان التنظيم ما بين الانشقاق أو الانضمام لداعش، وكان المخرج هذه المرة المبادرة التى طرحها منتصر الزيات محامى الجماعات الإسلامية والمرشح السابق لمنصب نقيب المحامين، يوم الأحد الماضى، والتى سعى منها «الزيات» لتحريك المياه الراكدة، من خلال محاولة إيجاد صيغة وسط، تقوم على خروج الإخوان من تصنيف الجماعة كـ«إرهابية»، مقابل الاعتراف بالنظام القائم، ووقف عمليات التحريض من قبل الإخوان التى تولد العنف..
المبادرة التى طرحها الزيات، تعمد فيها عدم نسبها لأحد من الإخوان أو الحكومة، ونسبها لـ«منتدى الفكر والثقافة» الذى يترأسه، وأنها محاولة منه للبحث عن صيغة لـ«وقف العنف والعمليات العدائية». كما أنه لم يدخل فى تفاصيل أكثر تعقيدا فيما يخص الوضع القانونى لقيادات الجماعة والقضايا المتهمين فيها، أو حتى البحث عن شرعية قانونية للجماعة، مع الاكتفاء فقط برفع اسمها - الجماعة- كـ«منظمة إرهابية» ومحاولة إيجاد طريق لبدء الحوار على الأقل للعناصر الأقل تشدداً، خاصة فى ظل وجود جبهة داخل التنظيم نفسه، تتبنى بالفعل خطاب العنف.
وبعيدا عن تفاصيل المبادرة، إلا أن كواليس طرحها والتى كشفت عنها مصادر خاصة قريبة من التنظيم، والتى تؤكد أنه المبادرة لاقت قبولاً غير معلن من عدد من قيادات التنظيم فى السجون، خاصة أن «الزيات» محامٍ لعدد من قيادات الجماعة فى القضايا التى يحاكمون فيها الآن أمام القضاء. ويضاف لذلك أن الاطلاع على المبادرة تم عبر قيادات التنظيم التى تعيش فى تركيا، خاصة أن الزيات قبل أيام من طرحه المبادرة كان قد أجرى حوارًا مطولاً فى قناة «مكملين» التابعة للتنظيم ، وذلك فى برنامج محمد ناصر.
كما كشفت المصادر فإن حوار «الزيات» الذى أذيع على حلقات فى البرنامج، سجل فى الجزء الأخير طرحه للمبادرة وبنودها وكان مقررا أن يذاع يوم السبت الماضى 17 سبتمبر، وهو ما يعنى أن الإخوان فى تركيا كانوا على اطلاع على ما جاء فيها قبل طرحها بأيام.
لكن تم إلغاء إذاعة الحلقة المسجلة التى كانت مخصصة، لطرح مبادرة الزيات، ويرجع سبب ذلك، إلى خشية قيادات التنظيم أن تنسب المبادرة لهم، خاصة أن قناة «مكملين»، تعد معبرة عن التنظيم، وغالبية متابعيها من الإخوان، وخشى الإخوان فى تركيا أن يتسبب طرحها على قناتهم، أن تزيد من حالة الانشقاقات الداخلية فى التنظيم، خاصة أنهم يتبنون خطاباً تصعيدياً وتحريضياً.
وعلى إثر ذلك سحب الجزء من حوار الزيات عن المبادرة، فى قناة «مكملين» ليطرح فى جريدة «العربى الجديد»، وهى الصحيفة التى تصدر من لندن بتمويل قطرى، حتى لا تحسب المبادرة على أنها صادرة من الإخوان، وبعدها تناولتها المواقع القريبة من الإخوان ووكالات أنباء تركية.
وعقب طرحه المبادرة، خرجت المجموعة الخارجة عن سيطرة قيادات مكتب الإرشاد، بقيادة «محمد منتصر»، وهو الاسم الحركى، لتعلن عن إجراء انتخابات داخلية فى الإخوان، باختيار عناصر جديدة لمكتب الإرشاد لم يتم تسميتهم، مع الإبقاء على المكتب القديم بقيادة محمد بديع.
ويبدو أن الإعلان الذى جاء من مجموعة محمد منتصر، المناوئة للقائم بأعمال المرشد محمود عزت، كان رد فعل على مبادرة منتصر الزيات، خاصة أن هذا التوجه الذى تقوده مجموعة ما تطلق على نفسها «المجلس الثورى»، والتى تضم عناصر من خارج التنظيم مثل آيات العرابى ومحمد الجوادى وأيمن نور، والتى تخشى على مصالحها أن تتأثر خاصة المكاسب التى تحصل عليها فى ظل الوضع الحالى من أموال ومصالح سواء من قطر أو تركيا.
غير أن رد الفعل السريع من العناصر المناوئة لمكتب الإرشاد القديم، يكشف عن ازدياد حالة الارتباك داخل التنظيم، ما بين سعيه للمصالحة والاعتراف بالخطأ، فى ظل الظروف الإقليمية المتغيرة وإمكانية تخلى حلفائه خاصة فى تركيا عنهم، لكنهم فى الوقت نفسه، يخشون من ردود أفعال عناصر التنظيم والشباب فى أنهم باعوا لهم الوهم، ودفعوهم للمواجهة، وتحميلهم المسئولية عن الخسائر التى حدث من 30 يونيو، دون أن يحققوا أى نتائج، مما يفتح عليه باب المسألة من الداخل.