تعرف على العلاقة بين الصلاة والصبر
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ،أما بعد:-
فقد قرن الله جل وعلا في القرآن الكريم بين الصبر والصلاة ، كقوله تعالى : (واستعينوا بالصبر والصلاة) البقرة (آية45)، وقوله :( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة )البقرة (آية 153)، وفي ذلك سر لمن تأمله .
فما وجه الشبه بين الصبر والصلاة ؟وما سر الاقتران بينهما ؟
أما وجه الشبه بين الصبر والصلاة : فهو أن كلاهما "نور" يدل على ذلك ما رواه أبو مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه قال :قال رسول الله عليه الصلاة والسلام : (الطهور شطر الإيمان..،والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء)رواه مسلم(رقم223).
قال ابن رجب رحمه الله :(فهذه الأنواع الثلاثة من الأعمال أنوار كلها ، لكن منها ما يختص بنوع من أنواع النور،فالصلاة نور مطلق)ثم قال رحمه الله عن الصبر: (وأما الصبر فإنه ضياء والضياء هو النور الذي يحصل فيه نوع حرارة وإحراق ، كضياء الشمس،بخلاف القمر فإنه نور محض ، فيه إشراق بغير إحراق ، قال عز وجل:(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا)يونس (آية5) (جامع العلوم والحكم:2/165-169).
وأما سر الاقتران بين الصبر والصلاة :-فإن الصلاة نور مطلق، وفيها راحة للنفس، كما ورد في الحديث (أرحنا بالصلاة يا بلال) صححه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود :4171-4172).
والصلاة فيها أيضا قرة عين للمؤمن ،كما في الحديث : (وجعلت قرة عيني في الصلاة ) صححه الألباني في صحيح سنن النسائي رقم 3680.
وأما الصبر فهو كما ورد في الحديث (الصبر ضياء) والضياء: نور فيه نوع حرارة .
ونور الصبر هو إنارته لقلب المؤمن وبصيرته عند صبره على الطاعات، وصبره عن المعاصي والمنكرات واستبصاره الحق عند صبره على البلايا والنوازل والملمات، مع ما للصبر ونوره من عواقب حميدة في الدنيا والآخرة وهذا كله لمن أخلص صبره لله وحده.
وأما حرارة الصبر فهي بسبب ضبط النفس وحبسها وإرغامها على ما تكره.
ومما سبق نجد أن الصلاة نور مطلق ، ولكنه نور بارد،إذ راحة النفس وقرة العين لا تكون إلا من شيء بارد.
وأما الصبر فهو نور ولكنه نور فيه نوع حرارة وإحراق كضياء الشمس.
فالمؤمن في هذه الحياة يحتاج إلى الصبر في جميع أحواله خاصة حال البلاء ،ولما كان الصبر فيه نوع حرارة فهنا تأتي الصلاة –التي فيها برودة –لتخفف حرارة الصبر ، بل قد تطفئها بإذن الله.
فعلى قدر إكثار المؤمن من الصلاة من جانب ، وعلى قدر خشوعه فيها من جانب آخر ، يكون تخفيف حرارة الصبر أو إطفاؤها .
وأما عندما يريد المؤمن أن يخشع في صلاته لتكون راحة لنفسه وقرة لعينه ،فلا بد له من الصبر في حالتين:
1- الصبر في دفع الأسباب المانعة من الخشوع .
2- الصبر على استجلاب الأسباب المعينة على الخشوع.
فعلى قدر الصبر في الحالتين يكون خشوعه في صلاته.
وتمثيل ذلك :أن الصبر كضوء الشمس ، والصلاة والخشوع فيها كنور القمر ، فالقمر يستمد نوره من ضوء الشمس ، فعلى قدر ضوء الشمس يكون نور القمر هلالاً أو بدراً.
ففي حال البلاء تكون حرارة الصبر مع برودة الصلاة ،وفي حال الخشوع يكون ضوء الصبر (الشمس)، ويكون نور الصلاة (القمر).
هذا ما قد يسر الله لي من ذكر سرٍّ من أسرار اقتران الصبر والصلاة في القران الكريم.
والله أعلم..