ما حكم مصافحة المصلين عقب انتهاء الصلاة؟
المصافحة عقب الصلاة مشروعة، وهي دائرة بين الإباحة والاستحباب؛ لأنها داخلة في عموم استحباب التصافح بين المسلمين، وهو ما يكون سببا لرضا الله تعالى عنهم، وزوالِ ما في صدورهم من ضيق وغِلّ، وتساقطِ ذنوبهم مِن بين أكفّهم مع التصافح؛ ففي الحديث: ((إذا التقى المسلمانِ فتصافحا وحمدا اللهَ واستغفراه غفر اللهُ لهما)). رواه أبو داود وغيره عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه-.
واختار الإمام النووي – ت 676هـ - في "المجموع" أن مصافحة مَن كان معه قبل الصلاة مباحة، ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة، وقال في الأذكار: "واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه، ولكن لا بأس به؛ فإن أصل المصافحة سُنّة، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرَّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخرِجُ ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها". اهـ.
ثم نقل عن الإمام العز بن عبد السلام –ت 660هـ- أن المصافحة عقيب الصبح والعصر من البدع المباحة.
إذا فالمصافحة مشروعة بأصلها في الشرع الشريف، وإيقاعُها عقب الصلاة لا يُخرِجُها من هذه المشروعيّة؛ فهي مباحة أو مندوب إليها على أحد قولَي العلماء، أو على التفصيل الوارد عن الإمام النووي في ذلك، مع ملاحظة أنها ليست من تمام الصلاة ولا من السُنَنِ التي نُقِل عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- المداومةُ عليها بعد الصلاة، وعلى مَن قلَّد القول بالكراهة أن يُراعيَ أدب الخلاف في هذه المسألة ويتجنب إثارة الفتنة وبَثَّ الفُرقة والشحناء بين المسلمين بامتناعه مِن مصافحة مَن مَدَّ إليه يده مِن المصلين عقب الصلاة، وليَعلَم أن جَبر الخواطر وبَثَّ الألفة وجَمعَ الشمل أحبُّ إلى الله تعالى مِن مراعاة تجنب فعلٍ نُقِلَت كراهتُه عن بعض العلماء في حين أن جمهورهم والمحققين منهم قالوا بإباحته أو استحبابه.