مفاجآت «انفجار البطرسية»

العدد الأسبوعي

احداث الكنيسة البطرسية
احداث الكنيسة البطرسية

■ الجانى زار الكنيسة فى اليوم السابق وادعى رغبته فى دخول المسيحية.. شخص آخر سبقه للدخول وأعطاه إشارة التنفيذ

■ خفض حجم تأمين الكنيسة للمرة الأولى.. أفراد الشرطة يتركون البوابة لتناول الإفطار.. والحادث يأتى قرب الذكرى الـ7 لـ«تفجير القديسين»

■ شباب الكنيسة يتعرفون على الإرهابى بعد نشر صوره بوسائل الإعلام.. ولا كاميرات مراقبة فى «البطرسية»


مع قرب حلول الذكرى الـ7 لحادث تفجير القديسين الذى وقع قبل 7 سنوات، جدد الإرهاب من استهدافه للأقباط باستهداف الكنيسة البطرسية، بتفجير نفذه انتحارى، ببساطة رغم أنه أثار الشكوك بوضوح عندما زار المكان المستهدف فى اليوم السابق لتنفيذ جريمته، التى لم ترصدها كاميرات المراقبة لعدم وجودها، إلا فى مبنى الكاتدرائية، ليختلط المشهد بمشاعر الغضب والحزن معاً ليجهض مشاعر الفرحة التى تقترب بحلول عام جديد يمكن أن يكون مرحلة جديدة خالية من المتاعب للمصريين جميعاً ولكنه انقلب للعكس تماماً.

1- بدأ قداس الأحد فى الكنيسة البطرسية بشكل عادى جداً، باستثناء توافد المصلين بعدد أكبر من المعتاد، لتواكب الصلاة مع إجازة المولد النبوى، والإجازة الأسبوعية للحرفيين الهلاك والعاملين بالورش المحيطين بالكنيسة.

«عم عاطف»، أحد شهود العيان، قال لـ«الفجر»، إنه كان من أول 10 أشخاص وصلوا إلى الكنيسة بعد الانفجار لإسعاف المصابين، حيث كان متواجدًا أثناء القداس بالكاتدرائية المرقسية الكبرى، وبرفقته عدد من العاملين بشركة أوراسكوم للإنشاءات، بحكم أعمال الترميمات والبناء التى تتم ببعض جوانب الكاتدرائية، والتى تحتضن على يمين بوابتها الرئيسية، الكنيسة البطرسية، موضحًا أنه سمع صوت الانفجار فى تمام 9.50 صباحاً.

أما سينيتيا، 14 سنة، المصابة التى ترقد بقسم الرعاية المركزة بمستشفى الدمرداش، فقالت إنها شاهدت شاباً يرتدى جاكيت وكابًا أسود اللون، خلال صلاة القداس، ووقع الانفجار بمجرد أن فتح الأخير سوستة الجاكيت.

جان سليم، قال إنه وزملاؤه تعرفوا على «محمود شفيق محمد مصطفى»، والذى قال الرئيس عبدالفتاح السيسى، إنه الشخص الذى تورط فى تفجير الكنيسة، فور نشر صورته عبر وسائل الإعلام، حيث قال شباب الكنيسة إن الجانى حضر إلى البطرسية مساء اليوم السابق للحادث، وطلب شراء كتب وهدايا، إلا أن ضحالة معرفته بالمسيحية جعلته يتلعثم، فى نطق بعض أسماء القديسين، كما سأل عدة أسئلة مثل: «أنتوا بتصلوا الساعة كام، أنا عاوز أبقى مسيحى أعمل إيه»، ما جعل الشباب يبعدونه نظرًا لأنه كان مثيرًا للريبة والشكوك.

جان أضاف إنه فى يوم الانفجار، كان خادم الكنيسة بمفرده فى المبنى لذا مسألة ترك البوابة أمر وارد جدًا، ما سهل مهمة دخول الإرهابى إلى الكنيسة، كما أن شخصاً آخر دخل أولاً واطمأن على هدوء الأوضاع وخرج وأعطى إشارة للإرهابى الذى دخل إلى المبنى ولكن بمجرد دخوله تعرف عليه عم نبيل، أحد خدام الكنيسة، - استشهد فى الانفجار- الذى كان قد رأى الإرهابى فى اليوم السابق، فحاول منع الإرهابى من الدخول لكن الأخير أسرع بالدخول وفجر نفسه بمجرد وصوله إلى بوابة السيدات، والتى كانت أقرب إليه، لأن الباب الكبير كان مغلقاً.

2- تلقى البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى كان يترأس صلوات القداس فى إحدى الكنائس القبطية باليونان، نبأ الانفجار، بعد حدوثه بنحو 15 دقيقة، وشعر بحالة شديدة من الحزن لم يتمكن من السيطرة عليها، فانعكس على وجهه بشكل واضح خاصة أنه كان لا يزال فى مرحلة رئاسة القداس، وخلاله أجرى عدة اتصالات كلف فيها الأنبا دانيال أسقف المعادى، والنائب الباباوى بتمثيله واستقبال الجهات الأمنية، ومرافقة النيابة العامة لحين عودته إلى مصر.

مصدر كنسى أكد لنا، أن اتصالات أخرى جرت بين الدولة والأمن والكنيسة منذ اللحظة الأولى لمعرفة البابا بنبأ الانفجار من مكانه باليونان، صدر عقبها بيان رسمى من الرئاسة بإعلان حالة حداد لمدة 3 أيام، كما أصدرت الكنيسة بيانًا بالحادث طالبت فيه الشعب القبطى بالصلاة لأجل الجميع بمن فيهم المتسببون فى الحادث.

3- فى الشارع المقابل لبوابة البطرسية، والبوابتين الأولى «الرئيسية»، والثانية للكاتدرائية، والواصل بين ميدانى رمسيس والعباسية مرورًا بمحطة مترو غمرة، بدأ الموقف فى الاشتعال بهتافات الأقباط الذين توافدوا على المكان الساعة 11 صباحاً بعد معرفة الخبر، ولم يقتصر المتوافدون على سكان العباسية والضاهر والوايلى فقط، ولكن كان بينهم أبناء محافظات الإسكندرية، وسوهاج، الذين حضروا خصيصًا لحضور القداس.

مايكل أرمانيوس، ناشط قبطى معروف منذ مشاركته باعتصامى ماسبيرو الأول والثانى، تزعم الهتافات بالتزامن مع زيارة كل من مدير أمن القاهرة، واللواء مجدى عبدالغفار وزير الداخلية، ووزراء الصحة والتضامن والتنمية المحلية، وكذلك محافظ القاهرة، لمكان الحادث وفصل بين التظاهرات ورجال الدولة والكنيسة كردون أمنى مكثف من قوات الشرطة والجيش، وسط هتافات: «مسلم قبطى مش مهم..نفس القهر ونفس الهم»، و«احنا رافضين العيدية ..الأقباط مش أقلية»، و«أرفع راسك فوق أنت قبطي». وحضر القس الشهير مكارى يونان، راعى الكنيسة المرقسية بالأزبكية، والذى تحدث إلى المتظاهرين لتهدئتهم، بناء على اقتراح بعض المسئولين، إلا أن صوته لم يصل لآلاف المحتشدين.

4- دخل عدد من الأساقفة لرؤية الكنيسة البطرسية، وعلى رأسهم الأنبا موسى، أسقف الشباب، وكيل معهد الرعاية والتربية، والأنبا مارتيروس، أسقف عام كنائس شرق السكة الحديد، رئيس لجنة المصنفات الكنسية، والأنبا بولا، أسقف طنطا، مسئول الملف السياسى بالكنيسة، بجانب عدد من أعضاء مجلس النواب مثل محمد أبوحامد، نائب دائرة الضاهر، ومنى جاب الله، نائبة منشأة ناصر، وثروت بخيت، نائب دائرة عين شمس، ومارجريت عازر، وعلاء عابد، وجون طلعت نائب دائرة روض الفرج.

وانقسمت الكنيسة إلى 3 أقسام، الأول هو الركن الخلفى وهو الذى امتلأ بكتل اللحم، والدماء، والثانى هو الجزء الأوسط من الكنيسة والذى تعرض للتدمير الكامل، والثالث مدفن الدبلوماسى الراحل بطرس غالى، الذى بنى الكنيسة ليدفن بها، وهو الأقل من جهة الخسائر، حيث لم يتأثر مدفنه بالانفجار.

5- خلت الكاتدرائية المرقصية ولم يتواجد بها إلا عدد قليل تنوع بين الإعلاميين والصحفيين، ورجال المركزين الإعلامى والثقافى للكنيسة، فيما تواجد الآباء أرميا وبولا ومارتيروس وموسى ودانيال، ورجال الدولة على رأسهم وزير الأوقاف ووكيل الأزهر، بالمقر الباباوى.

واستمر صمت الكاتدرائية، حتى حضر البابا تواضروس الثانى، فى تمام الساعة 7.15 صباح الاثنين الماضى، ودخل من البوابة رقم 4، المطلة على المركز الثقافى القبطى، فى موكب مكون من سيارتين فقط، ودخل إلى المقر الباباوى من بوابته الخلفية، مصدر كنسى قال لنا إن البابا كان فى حالة غضب شديد، وضيق غير مسبوقين. وسط هذا الكم المختلط بالغضب والحزن تواجد شاب ضخم يدعى «ماكس» وبرفقته عدد كبير من الشباب، أمام البوابة الرئيسية للكاتدرائية وأصروا على دخول الكنيسة البطرسية لمشاهدة آثار الانفجار ولكن الشرطة منعتهم ما ترتب عليه حدوث حالة من الهرج والمرج بين صفوف المتظاهرين، سرعان ما هدأ الموقف بعد تدخل قيادات الشرطة لاحتواء ماكس ومن معه.

6- اشتعل الشارع المقابل للكاتدرائية فى منتصف الليل، بسبب وقوع اشتباكات ومشادات قوية بين بعض المتظاهرين المطالبين برحيل وزير الداخلية وقوات الشرطة الموجودة لتأمين المنطقة.

وقال بولس عياد، شاهد عيان، لـ»الفجر»، إنه فى كل يوم أحد يتواجد عند محيط الكاتدرائية مدرعتان وسيارة تدخل سريع وسيارة شرطة لتأمين الكنيسة ولكن فى يوم الحادث لم يوجد أى نوع من أنواع التأمين سوى سيارة شرطة واحدة، مشيرًا إلى أنه أثناء القداس لم يكن هناك أحد متواجدًا وكانت السيارة فارغة وجميع أفراد الشرطة كانوا يتناولون الإفطار، وهو ما كان غريبًا للغاية لأن عدد المترددين على الكنيسة فى هذا اليوم يرتفع لأكثر من 300 قبطى، كما أن تهريب كمية كبيرة من القنابل مرة واحدة فى نفس اليوم، إلى الكنيسة أمر صعب، نظرًا لتواجد الأمن الذى يفتش الداخلين بالإضافة لوجود البوابات الحرارية، ملمحًا إلى تورط أحد العناصر بالسماح بوضع القنبلة فى اليوم السابق للانفجار.