8 حلول لإنقاذ اقتصاد مصر بعد انتهاء عصر المعونات

العدد الأسبوعي

بنك - أرشيفية
بنك - أرشيفية


منها تحسين مناخ الاستثمار وتفعيل نظام المقايضة مع الدول الصديقة


تأزم الوضع الاقتصادى فى مصر، وارتفاع الأسعار بشكل جنونى، دفع خبراء الاقتصاد للبحث عن حلول واقعية لحل المأزق، لاسيما بعد انتهاء عصر «المعونات» بشهادة محافظ البنك المركزى طارق عامر فى مؤتمر الشباب بشرم الشيخ.

«عامر» كشف فى جلسة الإصلاح الاقتصادى على هامش المؤتمر عن عدم تلقى مصر لمعونات أو دعم من الدول العربية خلال 2016، والتى كانت تبلغ كل عام منذ ثورة 30 يونيو نحو 10 مليارات دولار، ففى 2015 تلقت مصر دعما عربيا بنفس القيمة تقريبا، وخلال مؤتمر شرم الشيخ 6 مليارات دولار ونحو 4 مليارات دولار دعم وقود.

وطالب «عامر» المصريين بضرورة الاعتماد على الذات، فى ظل تراجع إيرادات السياحة من 7.5 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار؛ بسبب انخفاض قيمة العملة، وهو ما يعنى أن مصر لديها فجوة بقيمة 16 مليار دولار، مؤكدًا أن استقلال القرارين الاقتصادى والسياسى له ثمن، لذلك تم اتخاذ إجراءات صعبة لكنها صحيحة، ومهما كانت تكلفتها فهى من أجل المصلحة العامة.

واتفق خبراء اقتصاديون فى حديثهم لـ«الفجر» على أن إعلان الدولة عن هذا التوجه تأخر، إذ لا يوجد اقتصاد فى العالم يعتمد على التبرعات أو المعونات والمنح والقروض إلى الأبد، فقال الدكتور مجدى عبدالفتاح الخبير الاقتصادى والمصرفى، إن الدولة تأخرت فى إعلان ما ترغب فى تطبيقه من قرارات اقتصادية، وتمت الإشارة إلى الأمر بشكل غير واضح، وكان يجب إعلانه مباشرة، لأنه جزء من عملية التنمية والبناء، ويكشف عن التوجه الاقتصادى والمفاهيم المتبعة، ويعتبر أول لبنة اقتصادية حقيقية لمصر.

وأضاف، أن مصر يمكنها الاعتماد على نفسها من خلال حلول مؤقتة وأخرى طويلة الأجل، وفيما يخص الحلول المؤقتة فهى متعلقة بالتعامل مع أزمة العملة الأجنبية، وأولها اتفاقيات تبادل العملات، مثل التى وقعها البنك المركزى مع نظيره الصينى مؤخرًا بقيمة 18 مليار «يوان» لمدة 3 سنوات، أما ثانى الحلول المؤقتة فهى نظام الصفقات المتكافئة «المقايضة» مع الدول التى تتعامل معها مصر تجاريًا، وهو النظام الذى كان معمولا به فى نهاية الستينيات، عن طريق المبادلات التجارية بين مصر والاتحاد السوفيتى، حيث تمت مبادلة الأسلحة السوفيتية بالحاصلات الزراعية المصرية.

ومصر عليها أن تعتمد على حلول طويلة الأجل لكنها تحقق التنمية، أهمها وضع خطة اقتصادية واضحة تعيد تشغيل المشروعات المتوقفة وتحفز إنتاج السلع التى تستوردها مصر من الخارج، من خلال منحها إعفاءات ضريبية واستثمارية ليتم إنتاجها محليا، وعلينا تمويل المشروعات الضخمة وبناءها بأموال المصريين، بنظام الشركات المساهمة والاكتتاب، على أن يتم توزيع عائدها بنسب، بعد إعداد دراسة جدوى وإنشاء هيئة تكون مسئولة عن تلك المشروعات.

وترى الدكتورة شيرين الشواربى، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مصر يمكنها الاعتماد على توليفة من الحلول المالية المكملة والدائمة لعبور الأزمة بسلام، فدائما ما ننصح بعدم وضع البيض كله فى سلة واحدة، خصوصًا فى ظل مرور الاقتصاد المصرى بظروف صعبة لا تجذب الاستثمار بسهولة، فيجب أن نعمل أولا على ملف تحسين بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار، ثم العمل على الحل الجذرى، وهو العودة إلى الإنتاج بكفاءة وتنافسية فى السوق المحلى لمواجهة العجز الكبير فى الميزان التجارى.

والحكومة ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة عليها أن تعلن عن خطط واضحة لتنمية جميع القطاعات الإنتاجية، وأن يتم وضع معايير للجودة للمنتج المصرى مع إلزام الحرص عليها، لمنافسة نظيره المستورد ذى الكفاءة العالية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل وتخفيف أزمة البطالة، ولا بد أن ندرك جميعًا أن الاستمرار فى نفس المسار الحالى سيؤدى إلى المزيد من التدهور فى قيمة الجنيه.

ومن جانبه أوضح الدكتور محمود عبدالحى أستاذ الاقتصاد الدولى ومدير معهد التخطيط القومى السابق، أنه حتى تستطيع مصر امتلاك إرادتها يجب أن تستغنى عن العالم الخارجى، ليس بالانعزال ولكن من خلال أن تكون شريكًا أساسيًا فى المعاملات التجارية، فيجب أن يكون لدينا منتج مصرى له صفة استراتيجية عند دول العالم، ومن الضرورى إنفاق 20 مليار جنيه على تطوير منتج مصرى جديد، فى إطار ما يسمى بـ»الصناعات الباذخة»، لتستطيع مصر وضع قدم فى السوق العالمى، مثل صناعة أجهزة التحكم والتوجيه والقياس والمعايرة، والتى تستخدم فى الصناعات الكيماوية، أو صناعة المناظير والأجهزة الطبية أو الصناعات التى تحتوى على تكنولوجيا متقدمة.

وفى مجال الزراعة نحتاج إلى أن يتم تخصيص مساحات كبيرة لزراعة القمح والفول والحبوب الزيتية، حيث تستورد مصر 50% من احتياجاتها من القمح و90% من الفول والزيت، فيجب تحقيق الاكتفاء الذاتى من تلك المحاصيل خصوصًا أننا نعانى من التدهور فى قيمة العملة، كل ذلك بخلاف تطوير الزراعة والصناعة بأقصى ما نستطيع، ودعم الصناعات الصغيرة وتشجيع المستثمرين المحليين، خاصة الشباب منهم، وذلك من خلال تخصيص الأراضى لهم بحق الانتفاع ثم تمليكها لهم فيما بعد، وهو ما يخلق فرص عمل ومجتمعات جديدة ويحقق العدالة الاجتماعية.

ونصح الدكتور عبدالرحمن عليان الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، بالاستفادة من تجربة عبدالناصر الاقتصادية، والتى اتسمت بالاعتماد على الذات من خلال الحل الذى اتخذ لعلاج مشكلة البطالة، عن طريق إعادة تأهيل العاملين فى السوق وتنمية مهاراتهم من خلال تطوير التعليم ومقرراته، ليتم تخريج دفعات مدربة فنيا، مؤكدًا ضرورة محاربة الفساد فى الجهاز الحكومى، وتحقيق فكرة تكافؤ الفرص، وعدم استغلال النفوذ والتربح غير المشروع.

ويشير الدكتور أسامة عبدالخالق، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس والخبير الاقتصادى بجامعة الدول العربية، إلى أن النهضة الصناعية التى حققتها مصر كانت النقطة الأهم فى التجربة الناصرية، وهى التى منحت هيبة للدولة وقوة اقتصادية، علاوة على أنها كانت سببًا فى سعى الجميع إلى كسب رضاء مصر، لذلك يجب أن نستفيد من هذا الدرس، خاصة بعدما نجح عبدالناصر فى الاستغناء عن قروض البنك الدولى عندما قرر إنشاء السد العالى.