هدم مقر «المحامين» مخطط لإخلاء «وسط البلد» من التوتر

العدد الأسبوعي

مبنى نقابة المحامين
مبنى نقابة المحامين - أرشيفية


فى غمضة عين تم هدم مبنى نقابة المحامين، قلعة الحريات، وتحول البناء التاريخى إلى أنقاض ترتع فيها القطط وتتراكم حولها تلال القمامة، وهو المشهد الذى سيحتفظ به أعضاء النقابة فى مبنى كان يتردد ذاكراتهم، لأن مبنى نقابتهم الشهير الذى كان أحد أهم معالم منطقة وسط البلد، لن يعود إلى الأبد.

منذ 4 أشهر تم هدم نقابة المحامين، تمهيداً لبناء مبنى جديد يليق بالمحامين ومكانتهم، على مساحة 2400 متر مربع، حسب تصريحات سامح عاشور، نقيب المحامين، الكارثة أن هذا الحلم الجميل لن يتحقق على الإطلاق، لأن الهيئة العامة لمترو الأنفاق خاطبت حى عابدين التابع له المبنى، وأكدت رفض البناء لأنه سيضر بأعمال الخط الثالث للمترو لأن إقامة المبنى الجديد ستتطلب حفراً عميقاً تحت الأرض ما سيؤثر على هيكل المترو.

اشترط القانون المنظم لهيئة مترو الأنفاق، عدم البناء فى حرم شريط مترو الأنفاق لمسافة نحو 20 متراً من شريط المترو، إلا بعد موافقة الهيئة، حتى لا يتأثر هيكل المترو، وهو الأمر الذى يجعل بناء مبنى جديد غير قانونى، خاصة أنه كان من المقرر إنشاء جراج للسيارات أسفل مبنى النقابة يتطلب الحفر تحت الأرض بمسافة كبيرة ما يؤثر على خط المترو.

الغريب أن مخاطبات الهيئة والحى بدأت منذ قرابة شهر وعلم بها أعضاء مجلس النقابة، إلا أنهم تجاهلوا الأمر، بزعم أن المراسلات لم تكن موجهة إلى النقابة ولم يتم إخطارها بها بشكل رسمى، والأغرب أن النقابة لم تتقدم إلى الحى بطلب لإصدار رخصة بناء، رغم أن سامح عاشور نقيب المحامين ومجلس النقابة قالوا إنهم وقعوا بروتوكولاً مع القوات المسلحة لتولى عملية بناء وهدم مبنى النقابة.

وكان عاشور، بصفته نقيب المحامين، رفع فى عام 2012 دعوى أمام مجلس الدولة من أجل الحصول على حكم بهدم مبنى النقابة، ما يعنى أن قرار هدم مقر النقابة لم يكن تصرفاً عشوائياً ولكنه أمر تم اتخاذه بهدوء ومنذ فترة طويلة، ما يعنى أن استحالة البناء أمر لم يكن وارداً على الإطلاق كما أن مشروع الخط الثالث للمترو لم يكن مفاجئاً لأنه أمر معروف منذ سنوات أيضاً.

اتهم بعض المحامين عاشور، بأن هدم مبنى النقابة، لم يكن عشوائياً ولكنه تم وفق مخطط أمنى، هدفه تفريغ منطقة وسط البلد من الكيانات الثورية، حيث توجد النقابة فى إحدى أهم المناطق الحيوية فى مصر، لقربها من ميدان التحرير، حيث لعبت النقابة على مدار تاريخها دوراً حيوياً فى تنظيم الاحتجاجات ضد نظامى حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك، قبل ثورة 25 يناير، وجماعة الإخوان، بعدها، وذلك بجوار نقابة الصحفيين ونادى القضاة، حيث تم تسمية هذا الثلاثى، «مثلث الرعب» لكونها مركز حراك سياسى ساخن بالمنطقة.

فى حال رفض إصدار ترخيص بناء مبنى جديد للنقابة ليس أمام المحامين سوى خيارين أولهما بناء مقر جديد للنقابة فى منطقة مدينة نصر أو التجمع الخامس فى الأراضى المخصصة لها، وهو ما رفضه المحامون مؤكدين أنهم متمسكون بمبناهم القديم، ولو وصل الأمر للجلوس فى المبنى بوضعه الحالى بعد هدمه.

تتعدى تكلفة الوحدات السكنية التى استأجرتها النقابة، فى مبنى مجاور للمبنى المهدم بوسط البلد، ومنطقة العباسية 100 ألف جنيه شهرياً، لاستضافة إدارات النقابة انتظاراً للعودة إلى المبنى الجديد ومنها إدارتى المعاشات والعلاج.

ولا يزال مجلس النقابة ينفى مسألة وقف بناء المبنى الجديد، بعد رفض الحى وهيئة المترو، حيث أكد محمد عبد العظيم كركاب، عضو المجلس، أن هناك مخاطبات مستمرة لحى شرق القاهرة واللجنة العشرية المختصة بإصدار التراخيص اللازمة لإنشاء المبنى، آخرها خاصة بإصدار تراخيص الصرف الصحى، نافياً رفض هيئة المترو إصدار تراخيص البناء مؤكداً أن مبنى النقابة يبعد عن خط المترو مسافة مسموح بها فى القانون ولا تمنع من استكمال البناء.