مصير الاتفاق النووي الإيراني في عهد "ترامب".. وخبراء يوضحون قدرة الرئيس الأمريكي على إلغاء القرار
عادت الحرب من جديد بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، حول الملف النووي، الذي أصبح ملفا من الملفات الأساسية لحكومة دونالد ترامب الجديدة، والذي يظهر جليا واضحا في التصريحات المشتركة بين الطرفين، التي لا تزال ممتدة إلى الآن، وهو الأمر الذي تعرب طهران إزاءه بعض التخوفات خاصة مع انتخاب دونالد ترامب رئيسا جديدا للولايات المتحدة الأمريكية، إذ يحتمل إيجاد تغييرات في الأيام المقبلة.
أسوا اتفاق جرى التفاوض بشأنه
منذ صعود دونالد ترامب إلى واجهة المشهد الأمريكي، باعتباره الرجل الأول في الولايات المتحدة الآن، لم يغب عنه الاتفاق النووي مع إيران، والذي أخذ سجالات كثيرة بين هاتين الدولتين، إلى أن وصل لمرحلة الاتفاق في عهد الرئيس المنتهية ولايته باراك اوباما، حيث أكد ترامب خلال حملته الانتخابية أن هذا الاتفاق هو "أسوأ اتفاق جرى التفاوض بشأنه على الإطلاق"، ووصف أيضا بالكارثة الكبرى.
الاتفاق سيخضع لتغييرات مستقبلية
ويبدو أن ترامب ليس هو الوحيد الذي يتخذ هذا الموقف العدائي من الملف النووي الذي يمثل له صداعا قويا، بل انسحب هذا أيضا على رجاله ومستشاريه، يأتي أبرز المعارضين لهذا الاتفاق ، مستشار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب للسياسة الخارجية "وليد فارس"، الذي أكد إن الاتفاق النووي مع إيران سيتغير، بحيث يراعي التضرر الذي لحق بدول المنطقة، نتيجة التدخلات الإيرانية.
فارس لم ينس أن يكشف أنه من الوارد جدا أيضا، إعادة التفاوض بشأن بعض بنود الاتفاق وإعادة إرساله إلى الكونغرس الأميركي لمناقشته مرة أخرى.
تشاور مستقبلي بشأن الاتفاق النووي
وذكر فارس أيضا أن ترامب سيجلس مع الحلفاء والشركاء في المنطقة لا سيما الخليج ومصر، ومن ثم سيتم النظر في التعامل مع الدور الإيراني، وبناء عليه ستتخذ الكثير من المواقف حيال الملف النووي.
إيران ترعى الإرهاب
كما يعد مايك بومبيو، وهو المعيّن في منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية الـ"CIA" من أكثر رجال ترامب الذين يتطلعون إلى إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، حيث سماه بـ "الاتفاقية الكارثية مع أكبر دولة راعية للإرهاب"، في إشارة إلى إيران.
وشدد بومبيو، ضرورة توسيع العقوبات على برنامج التسلح الإيراني لحماية أمريكا حسب توصيفه.
احتمال ضعيف لبقائه
وفي ذات السياق قال ريتشارد نيفيو وهو مفاوض أميركي سابق مع إيران، أن بنجاح ترامب سيكون الاتفاق النووي في مهب الريح قائلا "وداعاً لاتفاق إيران"، مشيرا إلى أنه من الممكن أن يكون إلغاء الاتفاق إما بسبب قرار متعمد من ترامب بتمزيقه أو بخطوات تتخذها الولايات المتحدة تدفع إيران للانسحاب، وأنه ثمة احتمال ضعيف لبقائه.
إسرائيل والسعي لإفساد الملف النووي
على صعيد آخر تأتي إسرائيل لتزداد الأجواء حرارة، حيث يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، سعيه الجاد في إفساد الاتفاق النووي الإيراني، كما نقلت عنه قناة "سي بي إس" الأمريكية، قبل البارحة.
وأوضح أنه لم يبدأ بعد فى الخطوات من أجل التراجع عن الاتفاق النووي، مشيرًا إلى أن ترامب سيكون صديقا جيدا لإسرائيل، معربا عن أمله في أن تتعاون بلاده مع أمريكا من أجل إفساد الاتفاق النووي الإيراني.
وهذه التصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، لا تأتي لأول مرة، بل كان نتنياهو دائما من أكثر الأشخاص الذين ينتقدون الاتفاق النووي، وكان من أوائل المسئولين الذين عارضوا الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، باراك أوباما في ذلك، حيث يخشى من أن يمثل هذا خطورة على بلاده.
موقف إيران من تلك التصريحات
انهمرت أيضا التصريحات الإيرانية حول الاتفاق النووي، الذي أكدت في مجملها ضرورة الأخذ في الاعتبار من قبل إدارة الرئيس ترامب الجديدة، هذا الاتفاق الذي جرى الموافقة بشأنه، ليس فقط مع الإدارة الأمريكية، وإنما مع خمس دول أخرى، حيث أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن فوز دونالد ترامب لا يمكن أن يؤدي إلى إلغاء الاتفاق النووي، ودعت بعد ذلك القيادات الإيرانية إلى ضرورة احترام الاتفاق النووي.
أوباما والاتفاق النووي
والجدير بالذكر أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما روجت للاتفاق النووي مع إيران، حيث أشارت إلى أنه يعد إنجازاً لها في مجال السياسة الخارجية، بعد أن وافق أوباما ، على رفع معظم العقوبات المفروضة على إيران.
من الصعب إلغاء الاتفاق
الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، أوضح أن الملف النووي الإيراني يعد من أكثر الملفات حساسية بين إيران وبين الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن هذا الاتفاق لم يأت بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران فقط، بل جاء بين أطراف عدة.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أنه من الصعب جدا إلغاء هذا الاتفاق النووي، الذي لا تنفرد به الولايات المتحدة، بل يتشارك معها العديد من الدول الأخرى، وهي الدول الخمس الكبرى، التي يطلق عليها دول 5+1، مبينا أن هذا الاتفاق يخضع للكثير من الاجراءات الأخرى لا ينبغي على الإطلاق تجاهلها.
وذكر أن إيران لا يمكن أن تهدأ على الإطلاق، إزاء إلغاء هذا الاتفاق، أو الحديث عن أية أمور آخذة في هذا الأمر، قائلا هذا الملف إذا حدثت به تغييرات سيؤدي إلى اشتعال المنطقة بين هذه القوى الكبرى.
الملف النووي يتوقف على مدى المصلحة الأمريكية
من جانبه أكد هشام عبد الفتاح الباحث بالعلاقات الدولية والمتخصص في الشئون الخليجية، إن الاتفاق النووي الإيراني مع الولايات المتحدة الأمريكية، يرتب ارتباطا وثيقا مع محددات المصلحة الأمريكية في المنطقة، والتي ستظهر جميعها في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أنه برغم التصريحات العدائية لدونالد ترامب، إلا أنه لا يمكن على الإطلاق القول باستطاعة ترامب أن يغير وحده مجرى هذا الاتفاق.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الحرب المتواجدة في المنطقة العربية، وجميع القضايا المشتعلة في تلك الدول، تعد من الأمور المؤثرة تماما في هذا الملف، لا سيما أن إيران تمسك بزمام الكثير من تلك الملفات والقضايا.
وذكر عبد الفتاح أن هذه التصريحات أيضا، لا ينبغي الاهتمام بها كثيرا، لا سيما أنها لا تزال تأتي بعيدة عن التصريحات الفعلية للإدارة الأمريكية، مشددا أن من المرشح جدا أن تتغير هذه التصريحات تماما بعد أن يصبح ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ترامب لا يزال يتعرف على قضايا المنطقة
الدكتور محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية، أوضح أن جميع التصريحات التي تصدر من ترامب في هذا التوقيت لا يمكن اعتبارها على الإطلاق في عداد الكلام الفعلي، حتى وإن تعلقت وتحدثت عن ضرورة فسخ الاتفاق الخاص بالملف النووي مع إيران.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر" أن ترامب في الأيام المقبلة سيؤهل لمرحلة جديدة ، بعد الجلوس مع مختلف المؤسسات الأمريكية الداخلية، وإفهامه حقيقة الملفات والقضايا التي تدور في المنطقة.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن القرار الأمريكي في أي حال، إذا خرج متعلقا بأية ملف وقضية، يكون خاضعا للرأي المؤسسي وليس متعلقا بشخص الرئيس وحده، وهو الأمر المتعارف عليه في السياسة الأمريكية.