روبرت فورد: مقاتلو إيران وطائرات روسيا قلبوا معادلة سوريا
لا تغيب تفاصيل المشهد السوري عن السفير الأمريكي الأخير في دمشق روبرت فورد، وهو يقر بثلاثة أخطاء لإدارة الرئيس باراك أوباما في التعامل مع المعارضة والحكومة العراقية وروسيا، مع التأكيد أن القرار الأخير في سوريا لم يكن للولايات المتحدة.
وينصح فورد الذي غادر منصبه قبل أكثر من عامين ويعمل حالياً أستاذاً جامعياً، الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالعمل في إطار من التعاون مع تركيا، مشيراً إلى أن حال النظام السوري برئاسة بشار الأسد أفضل من السنوات السابقة بدعم إيران وروسيا. وفق ما جاء بموقع "24"
وقال روبرت فورد بحسب صحيفة الحياة اللندنية: "عام 2012 كانت الحرب السورية حرب استنزاف، إنما دينامياتها تغيّرت اليوم، ما تغير هو أن الإيرانيين باتوا قادرين على المجيء بآلاف المقاتلين من ميليشيات في العراق أو مخيمات لاجئين للأفغان في شرق إيران، ما يعطي طهران قوة عددية في القتال أكبر من تلك الموجودة لدى المعارضة السورية، لذا، عندما كان القتال بين الجيش السوري أو ما تبقى منه والمعارضة بداية، أعطت حرب الاستنزاف الأفضلية للثوار، إنما اليوم وبسبب التدخّل الإيراني فهذه الحرب في مصلحة طهران في المدى الأبعد، إذ إن الديناميات تغيّرت رأساً على عقب".
معركة حلب
وحول ما يجري في حلب أضاف "أعتقد بأننا أمام صورة مشابهة لما رأيناه في القصير في ربيع 2013، عندما حاول الثوار أن يسيطروا على مواقع يمكن محاصرتها وضربها بقوة جوية وبالدبابات والمدفعية وهنا التفوّق للحكومة السورية، ما يجعل من المستحيل استمرار السيطرة على المواقع"، موضحاً أنه "وعلى غرار خسارة "الجيش الحر" في القصير، يتكرر الأمر عينه في حلب اليوم، من هنا سيكون على الثوار تغيير تكتيكاتهم، إذ لا يمكنهم الاستمرار بمحاولة السيطرة على أراض كجيش تقليدي لأنهم ليسوا كذلك، وليس في مقدورهم التصدّي للطيران الروسي، وعليهم إعادة التفكير بإستراتيجيتهم".
وأشار السفير الأمريكي السابق في دمشق إلى أن انسحاب المعارضة كلياً من حلب وتوجههم إلى إدلب يعني سيطرة النظام على إدلب لاحقاً، مؤكداً أنها لن تستطيع كذلك استعادة السيطرة على حلب مع تواجد الطيران السوري والمقاتلين الإيرانيين، وتابع "من دون شك استعادة الحكومة السورية لحلب انتصار سياسي وعسكري، من الواضح أيضاً أن لدى تركيا نوعاً من الاتفاق مع روسيا حول حلب، وهي سحبت ألوية من هناك مثل "فتح حلب" وأرسلتها إلى جبهة درعا، والثوار يعتمدون على تركيا وفي حاجة إلى مساعدتها، وهم في مأزق اليوم".
المشهد القادم
ويتوقع فورد أنه وخلال سنة "سيسيطر بشار الأسد على إدلب، أما تركيا، وعبر قوات درع الفرات، فستسيطر على المناطق التي في حوزة الدرع اليوم، وقد تسيطر على منطقة الباب ومنبج، لا أعرف من سيسيطر على الرقة، هل هي قوات سوريا الديموقراطية أو غيرها، كذلك سيكون للقاعدة مناطق سيطرة في غرب سوريا ولداعش في شرقها، وأعتقد بأن بشار الأسد سيسيطر على البقية، قد ننتقل إلى اتفاقات وقف إطلاق النار بين مختلف هذه الأطراف".
وأوضح أن ذلك قد لا يعد انتصار للأسد، برغم أن موقعه أفضل مما كان عليه في 2012 و2013 وحتى في 2015، "إنما كيف سيكون شكل مدن أو أحياء مدنية في حلب والغوطة وحمص وواقعها؟ من سيعيد بناءها؟ اليوم نحن أمام سوريا مختلفة، حتى الشكل الإثني للبلاد تغيّر، كان عدد سكان سوريا قبل الثورة 25 مليون نسمة، واليوم صار حوالى٢٠ مليوناً، أعتقد بأن الوضع السوري سيبقى غير مستقر وبأعباء اقتصادية ونسب دمار هائلة، ووفق ما قاله رامي مخلوف، (الأسد أو نحرق البلد)، واليوم لديهم بلد محروق".
ترامب وسوريا
وحول نصائحه إلى الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة ترامب، قال "صراحة لا أعرف كيف يمكن إعادة ترتيب سوريا في وقت قريب، الأهم لأي رئيس هو مصلحة الولايات المتحدة القومية، بخفض تدفّق اللاجئين ومنع المتطرّفين من تطويع مقاتلين، ولا أعتقد بأن مساعدة حزب الاتحاد الديموقراطي (الأكراد) أمر جيد، كما لا يمكن الوصول إلى اتفاق وقف لإطلاق النار بمساعدة روسيا والأسد، لأن الثوار لن يتوقفوا عن القتال، ومن هنا ليست لدي فكرة كيف يمكن الوصول إلى ذلك من دون مساعدة الثوار، لا أعتقد بأن في إمكان روسيا فرض اتفاق وقف لإطلاق نار وأشكك في أن المعارضة ستقبله، ربما سقوط إدلب يمكن روسيا وتركيا من التفاوض حول اتفاق كهذا".
وأضاف "سيكون أمام ترامب خياران، إما العمل مع تركيا ويعني ذلك التصدّي لإيران وروسيا، أو العمل مع روسيا لفرض شروط على تركيا، وإذا فعلوا ذلك فهذا سيعني أن الأسد سيدخل مناطق مثل الحسكة والرقة وسيكون هناك تدفق جديد للاجئين وقد يفتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحدود أمامهم إلى أوروبا، أو قبول سيطرة الأكراد في منطقة روجافا، وهم يشكّلون تهديداً لتركيا، في كلتا الحالتين هناك تهديد لشريك في حلف الأطلسي (الناتو)، ولا أعرف أي خيار سيأخذه ترامب، إنما من المنطقي أن يساعد تركيا في محاولة الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار".
وحول دور ورصيد أوباما في سوريا أشار إلى أن الدور الأمريكي لم يقدم في البداية سوى الوعظ ولم يقدم بدائل أو حلول، لم يوقف التوسع الإيراني في سوريا، كما لم يفرض عقوبات على موسكو، ونوّه إلى أن أمريكا لم تطلق الثورة السورية، ولم يكن لإدارة أوباما تأثير كاف في السوريين وسوريا.