العربي : الدستور في العالم كله يحمي ويمثل أطياف المجتمع كافة

أخبار مصر


أكد الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أن الدستور في العالم كله يحمي ويمثل كافة أطياف المجتمع، مشيرا إلى أن الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة ونظام الحكم فيها، وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات بين السلطات وحدود كل سلطة وواجبات كل سلطة والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات تجاه السلطة نفسها كما يضع الضمانات للأفراد تجاه السلطة.

جاء ذلك في كلمته اليوم أمام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر كتابة الدساتير في دول الربيع العربي الذي تنظمه العراق في إطار رئاستها للقمة العربية وبحضور هوشيار زيباري وزير خارجية العراق بالإضافة إلى عدد من الخبراء القانونيين في مجال كتابة الدساتير من تونس والعراق وليبيا ومصر واليمن.

وقال العربي:تكمن أهمية مراجعة الدساتير كلما لزم الأمر لمواكبة التغيرات التى تطرأ على المجتمع واحتياجات المواطن من أمن واستقرار وعدالة ومساواة ووضع ضمانات لحماية هذه الحقوق وتوفير العدالة الاجتماعية للشعب.

ولفت إلى أن من أهم البنود الواجب أن يتضمنها أي دستور لضمان ديمقراطية الحكم هو إعمال مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بين هذه السلطات واستقلال القضاء لما فى ذلك من حماية لحقوق المواطن.

وأعرب عن أمله أن تستفيد الدول التي تخوض مرحلة هامة جدا في تاريخها مراجعة دساتيرها أو كتابة دستور جديد من التجارب التي سيتم مناقشتها من خلال هذا المؤتمر لوضع مبادئ لنظام ديمقراطي يحدد سلطات وحقوق وواجبات كل من الحكومة من جهة وكافة أفراد المجتمع من جهة أخرى بهدف توفير ضمانات العدالة والمساواة والتنمية والأمن والحريات المكفولة للحفاظ على كرامة الإنسان في العالم العربي.

ولفت إلى أنه في إطار التغيرات التي تشهدها المنطقة ومطالبة الشعوب العربية بمزيد من الحريات ومزيد من الديمقراطية وتأكيد سيادة القانون والأمن والاستقرار والعدالة الاجتماعية بهدف تحقيق الحكم الرشيد، تولى العديد من الدول العربية اهتماما شديدا بتطوير وتحديث الضمانات التى توفر وتحقق وتضمن هذه المطالب للشعوب.

من جهته، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، راعي الاجتماع، إن رئاسة العراق للقمة العربية في دورتها الثالثة والعشرين وبزوغ ثورات الربيع العربي والحراك الشعبي في كثير من البلدان العربية مناسبة مواتية للعراق وللجميع من اجل عرض التجربة الدستورية العراقية لاسيما ونحن نشهد الان جهود ومساعي دول الربيع العربي لكتابة دساتيرها وبناء ديمقراطياتها.

وأضاف: الدستور الاتحادي العراقي هو حصيلة تجربة سياسية عبرت عن إرادة الشعب وجسدت مشاركة كافة مكوناته وقومياته وطوائفه المتعددة والمتنوعة، مشيرا إلى أن النظام السياسي الذي ولد من رحم الدستور أسس دولة مدنية تحترم الدين الإسلامي والديانات الأخرى وقائمة على فصل وتوزيع وتوازن السلطات الدستورية.

وقال إن الدستور الاتحادي العراقي هو أول دستور دائم يعرفه العراق، وأول دستور لم يفرضه الحاكم بل كتبه الشعب من خلال ممثليه ونوابه الذين انتخبوا عبر صناديق الاقتراع بإرادة حرة واعية ونزيهة، شهد لها العالم بأسره.

واعتبر أن الدستور العراقي، هو أول دستور أسس نظاما سياسيا ديمقراطيا برلمانيا قائما على فصل السلطات وفرض احترام الحقوق والحريات وأوجب إدارة الدولة والحكم من قبل كافة المكونات والأقليات وجعل مشاركة المرأة في الحياة السياسية والنيابية بندا منصوص عليه وشرطا أساسيا لشرعية السلطات، وهو أول دستور يحظى برضا وقبول الشعب من خلال استفتاء حقيقي وليس صوري.

وتابع: مضى على تطبيق الدستور سبع سنوات ألهمنا خلالها فن وسياسة الحوار لمواجهة التحديات وتسوية الخلافات وتجاوزها، وعلمنا كيف نستثمر الاختلاف في الرأي لترسيخ الديمقراطية وإثراء التجربة السياسية ومكننا من أن نحول الخلافات إلى مناسبات للتفاهم والتوافق والحفاظ على استقرار واستمرار السلطات الدستورية التي تأسست على هدى مبادئه وآلياته، وهي فيدرالية الدولة ولا مركزية السلطة مبدآن أساسيان حفاظا على وحدة وسيادة العراق.

واعتبر أن من إنجازات الدستور العراقي الاستحقاقات السياسية والسيادية والمتمثلة بتحقيق المصالحة الوطنية واعتماد نهج المصلحة الوطنية وإنهاء احتلال العراق والانتصار على الإرهاب ما هي إلا شواهد على مميزات الدستور.

وقال:أصبح الدستور المرجع الذي يهدينا ونحتكم إليه عند الأزمات والأساس لشرعية الاتفاقات والتوافقات، كما أن المحكمة الاتحادية العليا أثرت تجربة العراق الدستورية والسياسية بفقه دستوري يوضح ما جاء مبهما ويكمل ما جاء ناقصا في الدستور، ومجلسنا النيابي أدرك ومنذ البداية بأن الدستور بحاجة إلى متابعة ورعاية وتعديل ففرض في تشكيلاته لجنة دائمة لتعديل الدستور تتولى اتمام بعض القوانين كقانون المجلس الاتحادي وجعل بعض نصوص الدستور تواكب تطور المجتمع والعمل السياسي في العراق وتجارب ونصوص دساتير الدول الأخرى.

وأعرب عن أمله أن تكون تجربة العراق الدستورية عبر محاور تتناول كيفية إعداد وكتابة الدستور وأبعاده السياسية وما تضمنه من حقوق وحريات سياسية ومدنية أن تخرج بملاحظات ودروس وعبر ينتفع منها أشقائنا العاكفون والمقبلون على كتابة دساتيرهم لتعبر عن إرادة شعوبهم في بناء الدولة الديمقراطية المدنية.

من ناحيته، قال الدكتور يحيي الجمل الفقيه الدستوري المنسق العام للمؤتمر، نائب رئيس الوزراء الأسبق إن مصر والعراق من أسبق الدول في وضع الدساتير في مسيرة الديمقراطية في العالم العربي بعد أن شهدت مصر ثورة 1919 وبعدها ثورة العشرين في العراق .

وأضاف إننا كنا نظن أن رياح التغيير تهب على العالم كله وتأتي عند حدودنا وتتوقف لكن هبة رياح التغيير ونالت الوطن العربي من شماله في تونس ثم مصر وليبيا وها هي في سوريا ، معتبرا أن رياح الديمقراطية تهب كأنها أعاصير وأحيانا برفق، مشددا على أنه لن نستطيع تعلم الديمقراطية إلا بممارستها ، مشيرا إلى أنه أحيانا الرغبة الجامحة في تحسين أوضاعنا تجعلنا نستعجل الأمور.

وأضاف الجمل: التغيير يقتضي فهم ثقافة الحوار والمتحضرون يعرفون كيف يتحاورون ويختلفون ويتفقون وهذا مقدمة أساسية لأي تطور، ولكن لا يريد أحد أن ينصت لأحد، مشيرا أنه رغم ذلك نحن أمام تجارب عديدة ثرية حتى لو كانت ثرية بالسلبيات أحيانا لكن جوانبها متعددة.

يشار إلى أن المؤتمر يناقش 4 محاور هي: التجربة العراقية في كتابة الدستور والدروس المستفادة من هذه التجربة، تجارب كل من تونس ومصر وليبيا واليمن في كتابة الدساتير، القواسم المشتركة بين التجارب العربية، والتعرف على رؤى دول الربيع العربي لكتابة الدساتير.

ويهدف المؤتمر إلى توعية الجهات المعنية بكتابة الدساتير في دول الربيع العربي بكيفية كتابة دساتير تتماشى مع المتغيرات الحالية في المنطقة وتتوافق مع تطلعات الشعوب العربية خلال المرحلة القادمة.