منال لاشين تكتب: أسرار من حكومة الريس حنفى

مقالات الرأي



■ وزير الصحة يتفاوض سرًا مع الشركات الأجنبية على رفع سعر 20% من الأدوية خلال ستة أشهر

■ قرار زيادة الجمارك تأخر 6 أشهر والسياحة طلبت عدم المساس بالخمور

■ شريف إسماعيل لوزير المالية: هو قرار الفراخ المستوردة صدر ليه بأثر رجعى؟.. والجارحى يرد: عادى زى السكر!

■ بسبب الأزمة المالية مضاعفة حصة الخصخصة والحكومة تطرح 40% من 3 شركات بترول للبيع خلال شهرين


من حق المعلم حنفى الشهير بالممثل عبدالفتاح القصرى أن يطالب رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل بحقوق الأداء العلنى. وذلك عن المشهد الشهير للمعلم حنفى «أنا كلمتى ما تنزلش الأرض أبدا» وبعيدين يتراجع المعلم حنفى ويقول «خلاص هتنزل المرة دى بس».

فحكومة المهندس شريف إسماعيل كل شوية ترجع فى كلامها. وبالطبع الرجوع للحق فضيلة. ولكن هذه الفضيلة لا تنفى أن كثرة القرارات المتراجع عنها أصبحت ظاهرة تنافس المعلم حنفى. فى فيلمه الشهير (ابن حميدو). ولكن أفلام الحكومة من هذا النوع أكثر من الهم على القلب

الحكومة أصدرت قرارا بإلغاء الجمارك على الفراخ المستوردة. وفجأة انقلبت الدنيا وعقد رئيس الحكومة اجتماعات مع منتجى الفراخ. والحكومة تراجعت عن القرار.

ومن مدة أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة لإعداد الأسعار الاسترشادية للسلع الاستراتيجية. وبالطبع هذا القرار لم يعجب الكبار جدا من رجال الأعمال فى اتحاد الغرف واتحاد الصناعات. وبمجرد تليفون وعين حمراء للحكومة تم التراجع عن لجنة الأسعار الاسترشادية.

وحتى عندما قررت الحكومة ترشيد النفقات خاصة الدولارية أصدرت قرارا بترشيد البعثات الدبلوماسية وتانى يوم تراجعت عن القرار وقامت باستثناء وزارة الخارجية صاحبة أكبر عدد من البعثات الدبلوماسية.

وقرار الفراخ المستوردة الذى أثار اتهامات للحكومة بالمحاباة ومجاملة رجال أعمال بعينهم هو مجرد حلقة من سلسلة الفشل الذريع والتهالك الذى تعانى منه دواوين ووزارات الحكومة.

وكان تطبيق القرار بأثر رجعى قد أثار كثيرا من اللغط والاتهامات. وفى اجتماع لبحث الأزمة سأل رئيس الحكومة شريف إسماعيل وزير المالية عمرو الجارحى عن السبب فى تطبيق القرار بأثر رجعى. وكان رد وزير المالية غريبا فعلا. فقد قال الجارحى: عادى ما احنا عملنا كده فى السكر المستورد. ويبدو أن وزير المالية لا يعرف الفارق بين أزمة السكر وقرار الفراخ المستوردة. وأن وزارته تنقل القرارات «كوبى بيست». وذلك بدلا من إعداد قرار لكل حالة. على بلاطة وزارة المالية والجمارك أخذتا قرار السكر وغيرتا فقط اسم السلعة والتاريخ. وضربتا عرض الحائط بالاختلاف بين واقعة السكر وظروف الفراخ المستوردة.

لأن إعفاء السكر المستورد من الجمارك بأثر رجعى كان لمواجهة الأزمة الحادة فى السوق، واختفاء السكر وارتفاع أسعاره بشكل جنونى. ولكن القرار الخاص بإعفاء الدواجن المستوردة من الجمارك كان قرارا وقائيا من باب الاحتياط. وخوفا من أن تضرب إنفلونزا الطيور سوق الدواجن. ولذلك لم تكن هناك ضغوط لاتخاذ القرار بأثر رجعى. وقد أصدم القراء لو أكدت أننى أميل إلى عدم وجود بيزنس أو فساد فى القصة. ولكن أحيانا يكون الإهمال والعشوائية أخطر من الفساد. إحنا مش طالبين طلبات عبقرية ولا فوق العادة. كل المطلوب من الحكومة ورئيسها ووزرائها إنهم يفكرون قبل اتخاذ أى قرار. ويستمعون إلى كل الأطراف.


1- صفقة الدواء

وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين صرح بدل المرة ألف مرة بأنه لا رفع لأسعار الدواء. وهذا التصريح - فى حد ذاته - إيجابى بالنسبة للمواطن المطحون. ولكن الخبراء الاقتصاديين أكدوا استحالة عدم رفع أسعار توريد الدواء من الشركات الأجنبية أو حتى المحلية. وذلك لأن الدولار قفز من 8.8 جنيه إلى 17 جنيها. أى أن الدولار زاد بنحو 100%. وقضية الدواء فى منتهى الحساسية. خاصة مع اقتراب نفاد مخزون الدواء من المادة الخامة من ناحية، واقتراب انتهاء مخزون الأدوية المستوردة من ناحية أخرى. إذن المفاوضات التى يجريها الوزير مع الشركات يجب أن تكون سريعة وتصل لنتائج قبل أن تواجهه أزمة توفير الدواء للناس. وقبل أن يتحول الدواء لسلعة رائجة فى السوق السوداء.

ولكن بعد شهر من المفاوضات لم يصل الوزير إلى نتائج مبشرة بانتهاء الأزمة أو حتى حدوث انفراجة فيها. الجديد أن الوزير الذى أقسم على عدم رفع سعر الأدوية فى الإعلام تراجع فى الاجتماعات المغلقة. وعرض على الشركات رفع سعر 10% من الدواء كل ستة أشهر، على أن تتراوح نسبة الزيادة من 30% إلى 50%. أى أن الوزير تفاوض فى السر على رفع زيادة 20% من الأدوية خلال عام.

الوزير عرض على الشركات تقديم تسهيلات أخرى لصناعة الدواء. وهذه التسهيلات مرتبطة بأسعار الكهرباء والوقود والغاز وضريبة القيمة المضافة على المواد المستخدمة فى صناعة الدواء المحلية. الوزير عقد أكثر من 30 اجتماعا. ولكن التنازل الذى قدمه الوزير لم يحظ باستجابة لدى معظم الشركات خاصة الأجنبية. وبعض الشركات أصرت على رفع أسعار 30% من الأدوية كل ثلاثة أشهر. وبمثل هذا المعدل فإن كل الأدوية سيرتفع سعرها خلال أقل من عام واحد. بينما طلبت أقلية من الشركات العودة إلى الشركات الأم لعرض الأمر عليها.

شركات الأدوية المحلية طالبت بتدخل رئيس الجمهورية لحل الأزمة. والصيادلة رفعت لرئيس الجمهورية قائمة بالأدوية الناقصة من السوق، وذلك ردا على إصرار وزير الصحة على عدم وجود أزمة فى توفر الأدوية. وإصرار وزير الصحة على عدم الاعتراف بالأزمة لم يؤد إلى زيادة عُمر الأزمة، وانتهاء المخزون من الأدوية والمواد الخام. فالوزير تراجع بنسبة صغيرة ولو انتظرنا المعدل البطئ لمفاوضات الوزير (هنلبس فى حيطة).. لازم رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية والرقابة الإدارية يتدخلوا فورا لحل الأزمة.


2- خصخصة مضاعفة

قرار بيع حصص من شركات البترول والبنوك وشركات قطاع الأعمال قرار قديم وتم الإعلان عنه عبر بيان رئاسى منذ عدة شهور ولكننا قد انفردنا بنشر الخبر قبل الإعلان عنه رسميا.. ولكن الجديد أن الحكومة تحت وطأة الأزمة المالية اتخذت قرارا سريا بزيادة الحصة التى سيتم طرحها من الشركات وربما البنوك وبشكل خاص شركات البترول.

وكانت الحكومة قد أعلنت مرارا وتكرارا أن حصة البيع تتراوح ما بين 20% إلى 25% على أقصى حد ولكن فى الأسبوع الماضى فكرت الحكومة أن ترفع حصة البيع لتتراوح ما بين 35% إلى 40%. خاصة شركات البترول التى سيتم طرحها كأول مجموعة للبيع فى الربع الأول من العام الجديد. وقد تم اختيار ثلاث شركات بالفعل للمجموعة الأولى من الطرح فى البورصات العالمية وليس البورصة المصرية فقط.

وسيناريو رفع حصة البيع من الشركات سيستند على مدى جاذبية الشركات المطروحة للبيع ومدى الإقبال المتوقع على هذه الشركات أو بالأحرى الحصص من جانب المستثمرين الأجانب.

وسر اختيار شركات البترول فى المجموعة الأولى أنها أكثر جاذبية للمستثمر ومن المتوقع أن تلقى رواجا فى البيع وإقبالا كبيرا عليها فى البورصات. وبسبب أو بحجة الرواج سيتم رفع الحصة إلى 35% أو 40%. وتهدف الحكومة لزيادة مواردها المالية من الدولار وذلك من خلال زيادة الحصة المطروحة للبيع من الشركات.

أما البنوك فحتى الآن لم يتخذ قرار بزيادة الحصة المطروحة للبيع من بنك القاهرة. وحصة البنك المركزى فى البنك العربى الإفريقى. ولكن الاتجاه هو ألا تصل الحصة المطروحة للبيع إلى 40% بالنسبة للبنوك.

وحتى الآن لم يتم اتخاذ الخطوات النهائية فى طرح حصص من شركات قطاع الأعمال والتى يتوقع أن تكون فى آخر مجموعات البيع وبنسب أعلى من 25% التى تم الإعلان عنها فى بداية العام.


3- نهاية حلم ساويرس

بعد أكثر من ستة أشهر من الانتظار انتهت صفقة أو بالأحرى حلم الملياردير نجيب ساويرس لشراء شركة آى سى كابيتال. وهى بنك الاستثمار التابع لبنك (سى آى بى). وجاءت النهاية غير السعيدة لساويرس بإعلان سى آى كابيتال عن عملية بيع جديدة لنحو 70% من أسهم الشركة لعدد من المستثمرين. وبحصص أقلية وذلك مع احتفاظ البنك بالحصة الباقية وبالإدارة والعاملين بالشركة.

الإعلان عن الصفقة الجديدة كان نميمة وسط البنوك وسوق المال. معظم النميمة تخص نجيب ساويرس الذى خسر حلمه بتكوين كيان قوى ينافس هيرمس. لأن ساويرس كان قد اشترى شركة بلنتون وفى حالة نجاح صفقة سى آى كابيتال كان سيرفع حصته فى سوق بنوك الاستثمار. تتواصل النميمة أن ساويرس بعد أن فشل فى شراء حصة من هيرمس كان يرغب فى امتلاك كيان قوى ينافسها. والنميمة امتدت إلى المشترين الجدد أو بعضهم. فقد عاد محمود الجمال (حما) جمال مبارك لدخول مجالات جديدة فى الاستثمار واتجه زهران لأول مرة للاستثمارات المالية. أما أقوى نميمة تعلقيا على ضياع صفقة سى آى كابيتال من ساويرس فجاءت من القطاع المصرفى. فقد علق مسئول مصرفى كبير على ضياع الصفقة. بأنها مجرد درس صغير أو قرصة ودن لساويرس. وكان ساويرس قد قاد هجوما شرسا على محافظ البنك المركزى طارق عامر. لأن المحافظ قال فى حوار تليفزيونى إن مشترى بنوك الاستثمار يجب أن يكون عنده خبرات ليفيد الشركة التى يشترتها. وهو الأمر الذى اعتبره نجيب ساويرس إهانة كبرى.


4- قرار متأخر

قرار زيادة الجمارك على 364 سلعة تأخر أكثر من ستة أشهر. القرار اتخذ فى اجتماعات المجلس التنسيقى بين الحكومة والبنك المركزى. وكانت فلسفة القرار أن يتم إحلال المنتجات الوطنية بدلا من المستورد. وتم اختيار سلع لها بديل محلى لزيادة الجمارك عليها. ولكن بالطبع فإن وزارة المالية أو بالأحرى الحكومة اتخذت القرار متأخرا. ويبدو أن الحكومة اتخذت القرار أخيرا لسبب آخر. وهو زيادة حصيلة الجمارك. لرفع الحصيلة الضريبية بشكل عام. ومن ثم تقليل عجز الموازنة.

وقد أثار غياب الخمور بأنواعها من قائمة زيادة الجمارك تساؤلات كثيرة وغضبا أكبر. ولكن سبب استثناء الخمور من الزيادة الأخيرة هو طلب قطاع السياحة بعدم زيادة الجمارك على الخمور حتى لا تزيد الأعباء على قطاع السياحة الذى يعانى من وطأة الأحداث وغياب السياح خاصة السياحة الروسية والإيطالية.