مى سمير تكتب: مايكل فلين.. «جنرال التناقضات»

مقالات الرأي



قال إن «أوباما» أجبره على الاستقالة من رئاسة المخابرات العسكرية .. واختاره «ترامب» مستشاراً للأمن القومى

■ أسس مع ابنه شركة لتقديم الخدمات الاستخباراتية والدعاية للأنظمة والحكومات الأجنبية

■ أشاد بمحاولة الانقلاب على «أردوغان».. وغيّر موقفه بعد تعاقد شركته مع جهات قريبة من النظام التركى

■ تجمعه علاقة قوية بالنظام الروسى.. لكنه وصف «موسكو» بالعدو الأكبر فى كتابه «ميدان المعركة»

■ ينتمى لعائلة «ديمقراطية» لكنه سيعمل مع رئيس ينتمى للحزب الجمهورى


أكثر جنرالات الولايات المتحدة الأمريكية غضباً، ويلقب بـ« رجل التناقضات»، ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته، وتلاحقه قائمة طويلة من الاتهامات.. إنه الجنرال الأمريكى «مايكل توماس فلين» الذى اختاره الرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب» مستشاراً له للأمن القومى.

تساؤلات عديدة حول هذه الشخصية المثيرة للجدل، وسياساته بشأن الحرب على الإرهاب، وعما إذا كانت منطقة الشرق الأوسط سوف تشهد توترات بفعل سياسته.


1- الجنرال العسكرى

«مايكل فلين» هو جنرال متقاعد خدم كمدير لوكالة استخبارات الدفاع من عام 2012 إلى 2014 قبل أن يترك العمل العسكرى بعد خدمة استمرت لأكثر من 33 عاما.

وتؤكد تقارير أن «فلين» تم إجباره على تقديم استقالته بسبب خلافات حادة مع رؤسائه بشأن أسلوب إدارته للوكالة، ولكن فى حوار أخير له عندما كان يشغل منصب مدير وكالة استخبارات الدفاع، قال إنه يشعر بكونه الصوت الوحيد الذى يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية مهددة بالإرهاب الإسلامى فى عام 2014 على نحو أكبر مما كانت عليه فى الفترة السابقة لأحداث 11 سبتمبر.

وأشار «فلين» إلى أنه أجبر على التقاعد لأنه شكك فى تصريحات إدارة «أوباما» بأن تنظيم القاعدة على وشك الانتهاء، فى هذا الإطار كتب الصحفى «سيمور هيرش» فى مقال بمجلة «بولتيكو» إن «فلين» اعترف له أن وكالة استخبارات الدفاع قد أرسلت سلسلة من التحذيرات السرية لإدارة أوباما بشأن العواقب الجسيمة التى قد تنشأ من محاولة الإطاحة بنظام بشار الأسد فى سوريا.

وأوضح «فلين» لـ«هيرش» أن وكالته أصدرت عددا من التقارير الاستخباراتية التى تؤكد أن الجماعات الإرهابية المتطرفة تسيطر على الحركات المعارضة للأسد، وأن تركيا ساهمت فى صعود تنظيم داعش فى سوريا.

وبحسب الجنرال «فلين» فإن إدارة «أوباما» لم تلتف لمثل هذه التقارير لأن الرئيس الأمريكى لم يكن يريد الاستماع إلى الحقيقة، وبحسب «دبليو باتريك لانج» الضابط السابق فى وكالة استخبارات الدفاع، فإن الجنرال «فلين» أثار حفيظة إدارة أوباما بسبب إصراره على قول الحقيقة بشأن الوضع فى سوريا، وهو الأمر الذى أدى فى النهاية إلى دفعه لتقديم استقالته.

هذه النهاية المحزنة لمشواره العسكرى دفعت الصحافة الأمريكية لوصفه بأنه أكثر جنرالات أمريكا «غضباً»، خاصة أن تاريخه العسكرى يجعله واحدا من أهم رجال الجيش الأمريكى فى العقود الأخيرة.

تضمن مشوار «فلين» العسكرى الكثير من المشاركات فى عمليات استخباراتية خاصة، وعلى ناحية آخرى كان له أسهامات «نظرية»، فعلى سبيل المثال فى عام 2010 ساهم فى كتابة تقرير مع مركز «الأمن الأمريكى الجديد»، حمل عنوان «التخطيط من أجل مزيد من الفعالية الاستخباراتية فى أفغانستان».

ويتمتع « فلين» بتاريخ طويل فى مجال المخابرات العسكرية، ومن ضمن المناصب التى شغلها رئيس مجلس المخابرات العسكرية، ومساعد مدير المخابرات الوطنية، كما شغل منصب ضابط الاستخبارات الأول فى القيادة المشتركة للعمليات الخاصة.

لم يأت اختيار «ترامب» له كمستشاره للأمن القومى كمفاجأة فقد سطع اسمه كمرشح محتمل لأكثر من منصب فى إدارة «دونالد ترامب»، وكان «فلين» المرشح الأقوى لمنصب نائب الرئيس، ولكن بعد اختيار» ترامب» لحاكم ولاية اندياينا «مايكى بينس» انتقل «فلين» لمنصب مستشار الأمن القومى، وهو ما يتلاءم إلى حد كبير مع خلفيته العسكرية والاستخباراتية.


2- محاربة الإرهاب وليس الإسلام

فى عام 2016، أصدر «فلين» كتاباً تحت عنوان «أرض المعركة: كيف يمكن أن نربح الحرب العالمية ضد الإسلام الراديكالى وحلفائه»، تحدث فيه عن رؤيته الخاصة لمكافحة الإرهاب والانتصار عليه.

فى هذا الكتاب تحدث «فلين» صراحة عن أهمية تعريف التطرف الإسلامى ودوره فى صناعة الإرهاب، واعتبر الحرب ضد الإرهاب بمثابة حرب عالمية، مؤكداً الحاجة لأن تبدأ هذه الحرب من داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

وكتب «فلين»: إذا لم يكن بإمكان الأمريكان انتقاد التطرف الإسلامى داخل أمريكا، فكيف يمكن للجيش الأمريكى أن يحارب الإرهاب سواء داخل أو خارج أمريكا، مؤكداً ضرورة شن حملة «إيديولوجية» فعالة بأمريكا ضد الأفكار الإسلامية المتطرفة حتى يمكن هزيمة الإرهابيين فى ميادين المعارك الخارجية.

واعتبر «فلين» هذه الحرب بمثابة خطوة رئيسية لكى يفهم الشعب الأمريكى الطبيعة الحقيقية لعدوهم، فمن وجهة نظره الحرب على الإرهاب ليست فقط حربا «عسكرية» ولكنها حرب أفكار وإيديولوجيات فى المقام الأول.

وكما يطالب «فلين» بضرورة محاربة الأفكار المتطرفة فى أمريكا بحملة فكرية تصحح المفاهيم، يطالب أيضاً بإصلاح دينى داخل المجتمعات الإسلامية من أجل محاربة الأفكار المتطرفة التى وصفها بأنها تغلف نفسها بالدين الإسلامى.

وفى هذا الإطار، أثنى «فلين» بقوة على النظام المصرى ووصف دعوة الرئيس «السيسى» بإصلاح الخطاب الدينى فى العالم الإسلامى بأنها الأكثر شجاعة وصراحة على الإطلاق، مؤكداً إعجابه بدعوة الرئيس المصرى لإصلاح الخطاب الدينى، واعتبره نموذجا: يجب الاحتذاء به فى الشرق الأوسط.

يعد «فلين» من كبار مؤيدى النظام المصرى، حيث دعا «ترامب» إلى ضرورة تقوية علاقته بالرئيس السيسى فى إطار الحرب على الإرهاب، وفى كتابه «ميدان المعركة» يحاول «فلين» نفى اتهامه بمعاداة الدين الإسلامى بالتأكيد أنه يناهض الفكر الإسلامى المتطرف وليس الإسلام كديانة، إيماناً منه بأن الفكر المتطرف هو المصدر الرئيسى للجماعات الإرهابية.

تعرض « فيلن» لاتهام صريح بمعاداته للدين الإسلامى فهو عضو فى منظمة «اعمل من أجل أمريكا» وهى منظمة غير حكومية تأسست فى عام 2007، بهدف العمل على حماية أمن الولايات المتحدة الأمريكية ومحاربة الإرهاب، وقد اشتهرت هذه المنظمة بمعاداة المسلمين فى أمريكا.

وتضم قائمة تصريحات «فلين» الكثير من العبارات والاتهامات الحادة للدين الإسلامى، وبحسب جريدة النيويورك تايمز فإن «فلين» يعتبر الدين الإسلامى بمثابة السبب الرئيسى لانتشار الإرهاب الذى يرفع شعار الإسلام، كما وصف «فيلن» الإسلام بأنه أيديولوجية سياسية وليس «ديانة»، وتجاوز فى هجومه على الإسلام بوصفه بأنه مثل السرطان.

فى إحدى تغريداته على موقع تويتر كتب: إن الخوف من الإسلام أمر منطقى، وتضمنت التغريدة عرضاً لفيديو يزعم أن الدين الإسلامى يريد استعباد أو إبادة 80% من البشر، ولكن فى كتابه» ميدان المعركة» يحاول «فلين» تأكيد أنه ليس ضد الإسلام ولكنه ضد الأفكار المتطرفة المسلمة.


3- ميدان المعركة

فى كتابه «ميدان المعركة» يستعرض الجنرال «فلين» استراتيجيته فى مواجهة الإرهاب من خلال أربعة أجزاء رئيسية، الأول يحمل عنواناً هو«صناعة ضابط استخباراتى» ويستعرض فيه تاريخه فى العمل مع الجيش أو المخابرات وهو الأمر الذى منحه رؤية عميقة بشأن الأمن القومى، والسياسة الخارجية، وميادين المعارك المختلفة. يستعرض الكتاب بداية عمله العسكرى فى العديد من المناطق مثل جريندا وهاييتى، وكيف منحته هذه التجربة العسكرية قدرة على فهم أهمية الجمع بين المخابرات والعمليات العسكرية، وهذه التجارب جعلته يؤمن بأهمية أن يكون ضابط مخابرات جيدا.

وفى إطار حديثه حول كيفية مواجهة التنظيمات الإرهابية، أشار «فلين» إلى ثمة تشابه بين العمليات العسكرية التى شارك فيها ضد الأنظمة الشيوعية وبين الحرب على التنظيمات والجماعات الإرهابية، خاصة فيما يتعلق بفكرة تحفيز المواطنين للوقوف بجانب الجيش الأمريكى وبين قدرة الأخير على تحقيق الانتصار.

وقال الجنرال الذى سيحتل منصب مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى الجديد «دونالد ترامب» إنه عندما انتقل الجيش الأمريكى من محاربة الشيوعية إلى محاربة تهديدات الجماعات والتنظيمات الإرهابية ازداد يقينه من أن هذه الحرب تحتاج إلى ضابط مخابرات أكثر من ضابط عسكرى، ولهذا ركز جهوده على جمع المعلومات وتحليل البيانات.

وكشف «فلين» فى كتابه بعضاً من فساد المنظومة السياسية فى الولايات المتحدة، موضحاً أنه مع ترقيه فى مجال المخابرات اكتشف أن عمله يخضع للاعتبارات السياسية أكثر من المخاوف الأمنية، وشرح هذا الوضع فى جملة واحدة هى «أن التقارير الاستخباراتية فى أمريكا لا يفترض أن تنقل أخبارا سيئة للقادة».

وأكد أن الرئيس الأمريكى السابق «بوش» والحالى «أوباما»، كليهما يرفض الاستماع إلى الأخبار السيئة، خاصة تلك المتعلقة بالشرق الأوسط والتورط الأمريكى العسكرى فى المنطقة.

واتهم «فلين» الرئيس الأمريكى أوباما بأنه مسئول بشكل مباشر عن صعود تنظيم داعش فى العراق بعد قراره بانسحاب القوات الأمريكية، والذى أسفر أيضاً عن توسع النفوذ الإيرانى بالعراق.

ويرى «فلين» أن الانتصار فى الحرب على الإرهاب يستلزم صناعة ضابط استخبارات لديه الشجاعة على تقديم الحقيقة، ومواجهة الرؤساء الأمريكان بالأخبار السيئة.

يحمل الجزء الثانى من الكتاب عنوان «القتال»، ويشير «فلين» فى هذا الجزء إلى صعوبة تحقيق انتصار حقيقى إذا كانت الحرب ضد جماعات متمردة أو حرب عصابات.

وبحسب وجهة نظره فإن النجاح فى القتل أو القبض على عناصر من المتمردين أو الجماعات الإرهابية يساهم فى زيادة الوضع سوءًا حيث يؤدى إلى اجتذاب هذه الجماعات لمزيد من الأعضاء الجدد، مؤكداً أن الجيوش ليست هى من تحدد نتيجة الحرب ولكن المواطنين فى أرض المعركة، فالجانب الذى يختار الشعب الوقوف إلى جواره هو بالتأكيد الجانب المنتصر، ورأى أن الحرب على الإرهاب لا تتعلق بمحاربة الإرهابيين أو المتمردين، ولكنها تتعلق بمحاولة كسب المواطنين.

وتحت عنوان «تحالف العدو» يأتى الجزء الثالث من الكتاب والذى يتطرق فيه الجنرال «فلين» للحديث عن ضرورة إعادة النظر فى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط خاصة فيما يتعلق بإيران.

يكتب «فلين» أن أمريكا تجاهلت لسنوات طويلة التهديد الايرانى، وانتهى الأمر بتوقيع الاتفاق النووى بين إيران وإدارة الرئيس أوباما.

ومن وجهة نظر الجنرال «فلين» فإن إيران من أكبر الدول الداعمة للإرهاب، حيث قامت بتمويل تنظيمات سنية وشيعية على حد سواء، فعلى سبيل المثال دعمت جماعات مثل القاعدة وداعش، حيث تطبق إيران مبدأ «عدو عدوى صديقى»، وتطرق الكتاب فى هذه الجزئية للحديث عن فكرة تحالف أعداء الولايات المتحدة على الرغم من الاختلافات بينهم، ويؤكد «فلين» أن الإعلام الأمريكى وإدارة أوباما يرفضون الإشارة إلى هذه الحقيقة، فى المقابل هم أكثر تركيزاً على الحفاظ على مستوى من اللياقة السياسية لتحويل الأنظار عن الحقيقة، محذراً من استمرار الجماعات والحكومات الإسلامية الراديكالية التى تدعم الإرهاب الإسلامى فى مهاجمة أمريكا ما لم يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة.

الجزء الأخير من كتاب الجنرال «فلين» يحمل عنوان «كيف ننتصر»، ويشير فيه إلى وجود طرق من أجل الانتصار على الجماعات الإرهابية وحلفائها، ولكن هذا يحتاج رغبة حقيقية لتحقيق هذا الانتصار من قبل أمريكا وقيادتها والاستعداد، للقيام بكل ما يلزم من أجل تحقيق مثل هذا الانتصار، وإلا فإن هذه الحرب لن تنته.

ومن المهم الثناء على شجاعة الجنرال «فلين» الذى يشير إلى حقيقة مهمة، تتجسد فى عدم وجود نية حقيقية من جانب الولايات المتحدة للقضاء على التنظيمات الإرهابية، موضحاً أن غياب هذه الرغبة هو أحد أسباب استمرار الحرب على الإرهاب إلى أكثر من 15 عاما دون تحقيق نتائج إيجابية على أرض الواقع.

ويطرح الجنرال «فلين» تساؤلاً مهماً مفاده: كيف لم ينتصر الجيش الأمريكى وحلفاؤه على الإرهاب رغم كل التجهيزات والإمكانيات العسكرية الضخمة لقوات التحالف التى تعد الأفضل فى تاريخ العسكرية منذ الحرب العالمية الثانية.

وينتهز «فلين» الفرصة من أجل الهجوم على إدارة الرئيس «أوباما» حيث يتهمها صراحة بأنها أحد أسباب تصاعد التنظيمات الإرهابية، لافتقارها هذه الرغبة الحقيقة فى القضاء على الإرهاب، وفى هذا الإطار يشير إلى تصريح الرئيس أوباما فى 16 نوفمبر 2015 عندما قال: إنه غير مهتم بتحقيق أو مطاردة فكرة القيادة الأمريكية أو الانتصار الأمريكى.


4- رجل التناقضات

هجوم الجنرال الأمريكى على الإسلام، ثم تأكيده فى كتابه أنه لا يعارض الدين الإسلامى ولكن فقط الأفكار المتطرفة، ما هو إلا حلقة فى سلسلة من التناقضات التى ارتبطت بالجنرال الذى يمكن وصفه بـ«الرجل المتقلب»، لأنه بمراجعة مواقف الجنرال العسكرى الأمريكى نجد قائمة من التناقضات المثيرة للجدل، على سبيل المثال، بعد تقاعده أسس مع ابنه مجموعة «فيلن الدولية»، وهى شركة متخصصة فى تقديم الخدمات الاستخباراتية والأعمال للحكومات الأجنبية والشركات الدولية.

وعلى الرغم من آراء «فلين» الحادة ضد التنظيمات الإرهابية ذات الصلة بالعالم الإسلامى، إلا أن مجلة «بولتيكو» أشارت إلى أن شركته تعمل لصالح النظام التركى المعروف بدعمه لجماعة الإخوان، وتلعب الشركة دوراً كبيراً فى الدعاية للرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفى يوم الانتخابات الرئاسية، كتب «فلين» مقالا دعا فيه حكومة الولايات المتحدة لدعم أردوغان كما انتقد بشدة فتح «جولان» المعارض للنظام التركى والذى يعيش فى أمريكا.

لكن هذا الدعم للرئيس التركى يخالف موقف «فلين» من نظام أردوغان المعروف، ففى يوليو 2016، علق «فلين» على محاولة الإطاحة بنظام أردوغان فى تركيا بأنها تستحق «الثناء»، ولكن بعد شهرين، وبالتحديد بعد تعاقد شركته مع إحدى الشركات التركية القريبة من النظام التركى، تغير موقف «فلين» من أردوغان ووصفه بالحليف المهم للولايات المتحدة الأمريكية.

اختيار «ترامب» لـ«فيلن» فى منصب مستشاره للأمن القومى ليثير موجة من الانتقادات، خاصة فى ظل علاقات شركة «فلين» الخاصة مع الحكومات الأجنبية، ما يعكس شكلا من أشكال تضارب المصالح.

على صعيد آخر، تجمع علاقة قوية بين «فلين» و«موسكو»، ويعد الجنرال الأمريكى واحداً من أهم المحللين السياسيين والعسكريين الذين يظهرون على شاشة محطة «آر تى الروسية» المملوكة للدولة، وقد شارك فلين فى حفل بموسكو لتكريم هذه المحطة، وجلس فلين على نفس الطاولة مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين.

هذا التقارب مع النظام الروسى أتى فى وقت تشهد فيه العلاقات الروسية ــ الأمريكية مرحلة تعيد للأذهان من جديد ذكريات الحرب الباردة، ولكن على الرغم من ذلك اختار «فلين» الاقتراب من النظام الروسى الذى يصفه فى نفس الوقت فى كتابه «ميدان المعركة» بأنه نظام عدو لأمريكا.

الجدير بالذكر أن «فلين» نشأ فى عائلة تنتمى للحزب الديمقراطى، وهو نفسه مسجل كأحد أعضاء الحزب الديمقراطى، وعلى الرغم من ذلك فقد اختاره الرئيس الجمهورى الجديد «ترامب» كمستشار له كما كان المتحدث الرئيسى فى المؤتمر الوطنى للحزب الجمهورى فى عام 2016.

هذه القائمة من المواقف المتناقضة التى تتلون وتتغير وفقا لمصالح الجنرال وأهدافه تؤكد لنا أننا أمام رجل عسكرى يحترف العمل السياسى بكل ما يحمله هذا العالم من تقلبات وتغيرات فهو يدرك أن فى عالم السياسة لا توجد مواقف ثابتة، وبدأ «فلين» عمله بالفعل مع الرئيس الأمريكى الجديد دونالد ترامب، وشهدت المرحلة الانتقالية قيامه بتقديم تقارير استخباراتية يومية لترامب باعتباره مستشاره للأمن القومى، وسيمنحه هذا المنصب الكلمة الأخيرة فى كيفية تعامل أمريكا مع الأزمات الدولية بدءًا من العلاقات مع الصين وروسيا إلى إعادة رسم التحالفات الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط.