بعيدا عن العرب..هل ستنشب حرب بين الولايات المتحدة وإيران في مضيق هرمز؟
لا يزال إعلان إيران المدوي بالسيطرة على مضيق هرمز يحوي الكثير من التساؤلات، ويحمل الكثير من التكهنات حول أنواع كثيرة من المواجهات التي باتت قاب قوسين أو أدنى من الاندلاع، حسبما يؤكد المتخصصون، ومن أهم هذه المواجهات التي أصبحت حديث البعض، هو اندلاع حرب بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران في مضيق هرمز التي أعلنت إيران السيطرة عليه.
الولايات المتحدة وأهمية مضيق هرمز
يعد مضيق هرمز من أهم المناطق التي تهم الولايات المتحدة الأمريكية فأفضليته لا تأتي لدول الخليج العربي فحسب، وإنما يجود أيضا على الكثير من الدول الأخرى بتلك الأفضلية ومنها بالتأكيد الولايات المتحدة، حيث يهمها هذا المضيق من خلال مصالحها النفطية والاقتصادية العملاقة والكبيرة، فضلا عن تواجدها الإستراتيجي في تلك المنطقة وذلك لردع الجانب الروسي، في إطار الحرب الباردة التي تأتي بين الروس وبين الأمريكان في الكثير من مناطق العالم، ومن ناحية ثالثة يعد المضيق ممرا مهما له تجاه إسرائيل لتتمكن من الحماية والمساعدة الكافية.
خطة أمريكا في السيطرة على الممرات المائية
ومع إعلان سيطرة إيران على مضيق هرمز، تتجه الأنظار صوب التاريخ، وتحديدا تجاه الخطط الأمريكية التي كشف عنها وهي نيتها الدائمة في السيطرة على الممرات المائية، ويأتي هذا منذ الحرب العالمية الثانية وحتى وقتنا هذا، وتأتي هذه الخطط بالتحديد منذ مقولة ضابط البحرية الأمريكية الذي يدعى "ألفريد ماهان" ، الذي قال منذ عام 1941 " من يسيطر على المحيط الهندي سيكون لاعبا بارزا على الساحة الدولية" ومن هنا تولدت فكرة السيطرة على الممرات المائية ليهمّ قادة وسدنة الولايات المتحدة الأمريكية بالتخطيط للسيطرة على الممرات الإقليمية المائية جميعها، ومنها يحكمون سيطرتهم على العالم.
ويعد هذا المخطط الأمريكي الموضوع منذ قرون، والذي يهدف لعسكرة المحيط الهندى بالكامل، باعتباره مفتاح البحار السبع بالقرن الـ 21 المحدد لمصير العالم، وفقا لكتابات ماهان، وهو من أخطر المخططات التي عملت عليها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي يصفها الكثير من الباحثين، أنها ربما تسبب حربا عالمية ثالثة، حيث يستهدف هذا المخطط السيطرة على "سقطرى" المكونة من أربع جزر وهي المعروفة بـ "أرخبيل اليمني"، حسب ما كشفه مركز الأبحاث الكندي "جلوبال ريسيرش" بالإضافة إلى السيطرة على أربعة ممرات مائية رئيسية أخرى هي قناة السويس بمصر ومضيق باب المندب على حدود جيبوتى واليمن، ومضيق هرمز على الحدود الإيرانية مع سلطنة عمان، ومضيق ملقا على حدود إندونيسيا وماليزيا، وهو ما يمثل سيطرة كبرى للولايات المتحدة الأمريكية.
استفزاز أمريكي حالي تجاه طهران
ومنذ أن أتي المتطرف والمحافظ الأكبر، دونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة ، بدت هناك الكثير من الأمور تضح حول إيران، فالاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وبقية القوى العظمى، برغم الموافقة عليه والسير قدما بايجابية تجاهه، إلا أنه مع صعود ترامب تبرز العديد من السياسات المناهضة والعدائية تجاه هذا الاتفاق.
برز هذا الاستفزاز أولا من قبل الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أثناء حملته الانتخابية وبعد توليه الرئاسة، حيث يؤكد مرارا وتكرارا على عدائيته الشديدة للاتفاق النووي، بل وهدد أكثر من مرة بإلغائه.
تعيين "جيمس ماتيس" المعادي لإيران
لم تتوقف الاستفزازات على هذا النحو من التصريحات، وإنما ترجمها دونالد ترامب فعليا، من خلال تعيينه وزير الدفاع المعروف "بالكلب المسعور" منذ نحو يومين وهو الجنرال "جيمس ماتيس" الذي يتخذ أيضا موقفا معاديا تجاه إيران، والتي وصفها من قبل بأنها أكبر تهديد محدق بالاستقرار والسلام في الشرق الأوسط.
ويعرف عن ماتيس مناهضته لإيران، وخاصة الاتفاق النووي، وقد اختلف مع الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما بشأن إيران وسحب القوات الأمريكية من المناطق التي كان مسؤولا عنها، وهو الخلاف الذي أزعج أوباما ودفعه للتخلي عنه.
ماتيس: إيران ترعى الإرهاب
وليس هذا فحسب، بل يرى ماتيس أن إيران تتسبب في خمسة تهديدات لابد من مواجهتها، وهي رعاية الإرهاب، والتدخل العسكري في العراق وسوريا ولبنان، والتهديد المباشر لأمن الخليج العربي، ومحاولاتها الدائمة في إشعال الحرب اليمنية.
وعن اختيار ماتيس ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن إدارة أوباما لم تمنح ثقتها في ماتيس قبل ذلك، لأنها كانت ترى منه موقفا عدائيا قويا تجاه الملف النووي مع إيران، بل وتحمسه الشديد لمواجهة عسكرية مع إيران.
وعليه فإن بعض المراقبين يرون أن ماتيس، هو الاختيار الأمثل لترامب من أجل الضغط على إيران، وهو الأمر الذي جعل إيران قلقة بشكل دائم، مما يجعلها في جهوزية دائمة، لأية عدوان قادم عليها لا سيما إذا تحقق بالفعل رؤية ترامب ووزير دفاعه جيمس ماتيس "الكلب المسعور".
إعلان سيطرة إيران على مضيق هرمز وعلاقته بأمريكا
وبرغم الهجوم الشديد والتخوفات الكبرى التي أبرزها العرب والدول الخليجية من جراء إعلان إيران عن سيطرتها على مضيق هرمز، إلا أن هناك الكثير من المحللين ذهبوا إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أكدوا أن إقدام طهران على هذه الخطوة تأتي في سياق إبراز القدرة على التحرك ضد المخططات الأمريكية التي تحاول السيطرة على الممرات المائية، وكذلك التهديدات المستمرة بفرض عقوبات عسكرية على إيران.
وأوضحت بعض التقارير، أن هذا الإعلان جاء أيضا في سياق التهديدات القديمة التي عبّر بها الرئيس السابق جورج بوش الابن، بضرب مضيق هرمز، وهو ما يجعل طهران في قلق دائم، وتأهب مستمر، وعليه قامت بتطوير منظومة التسليح لديها، الذي ظهر جليا من خلال المناورات البحرية التي تستعرض بها إيران بين الحين والآخر، والتي أجرتها قوات الحرس الثوري والبحرية النظامية، ترتبط معظمها بخطط العمليات تجاه مضيق هرمز، والاستعداد لأية تحركات أمريكية.
وكان اللواء "حسام سويلم" الخبير العسكري، قد نوّه هو الأخر على هذا الصراع الأمريكي الإيراني في دراسة له أجراها عام 2007، حيث يقول "تشير تقارير أجهزة المخابرات الغربية إلى أن إيران وضعت خطة من أجل الاستيلاء على مضيق هرمز، لتستخدمه في حال إذا ما نشبت حرب بينها وبين الولايات المتحدة.
وأوضح ائنذاك، أن إيران تعتمد في هذا على الحرس الثوري الإيراني الذي يمتلك 700 موقع على طول الضفة الشرقية للخليج العربي، والتي سيستخدمها في اعتراض السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور في المضيق، في حالة إذا ما نشبت الحرب بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية.
حرب عالمية جديدة
الجمع بين حاضر هذه التطورات وماضيها ومستقبلها، طرح الكثير من التساؤلات حول مدى هذه الاستفزازات، واتجاهاتها الحقيقة، وهنا تحدثت بعض التقارير أنه نتيجة هذه الاستقطابات والتجاذبات تمثل إرهاصات أولية لنشوب حرب عالمية ثالثة، خاصة أن التجاذب بين إدارة ترامب وبين إيران أصبح يلوح في الأفق كثيرا، ويطفو على السطح.