مضيق هرمز بين الأهمية الاقتصادية واحتمالات المواجهة مع إيران
مضيق هرمز
يقع مضيق هرمز بين أراضي دولتين هما إيران
وسلطنة عمان، وفي الوقت ذاته يضم جزأين من مياه البحار العالية، وهي مياه البحار العالية
لخليج عمان بمياه البحار العالية للخليج العربي، وتنطبق عليه من الناحية القانونية
حالة المضيق الذي يقع بين أراضي دولتين فيكون والحالة هذه خاضعاً لسيادة واختصاص الدول
الساحلية على مقدار بحارها الإقليمية أو إلى الخط الوسط لمجرى المياه حسب اتساع المضيق،
وبما أن اتساع المضيق حوالي (23) ميلاً فإنه يقع ضمن المياه الإقليمية العمانية والإيرانية،
ولكونه يربط بين جزأين من البحار العالية فإنه يخضع لمرور الملاحة الدولية من دون الحاجة
لاستحصال إجازة مرور مسبقة من الدولتين الساحليتين. فيما يعتبر الخط الوسط هو الحد
الفاصل بين المياه الإقليمية للدولتين في حالة وجود أو عدم وجود معاهدة بينهما. وإذا
كانت المياه الإقليمية متداخلة بسبب ضيق المضيق بالنسبة إلى مياهها الإقليمية، فإن
خط الحدود بينهما إما يثبت في وسط المضيق أو المركز البحري الوسطي، ما لم ينظم ذلك
بمقتضى اتفاقيات خاصة بين الدولتين.
ويربط مضيق هرمز الخليج العربي (وهو بحر
شبه مغلق) بخليج عُمان (وهو بحر مفتوح)، وكلاهما يشكل لسانًا بحريًا متصلاً بالمحيط
الهندي، وينتهي ساحل المضيق الجنوبي عند عمان بينما تطل إيران على ساحله الشمالي والشمالي
الشرقي، ويحد المضيق من جهة الخليج العربي خط يمتد من رأس الشيخ مسعود على الساحل الغربي
من شبه جزيرة مسندم باتجاه الشمال حتى جزيرة ونجام جنوب الساحل الإيراني وحده.
ومن جهة خليج عمان خط يمتد من رأس دبا على الجانب
الشرقي لشبه جزيرة مسندم حتى دماغة باكخ على الساحل الإيراني، ويبلغ طول الخط الممتد
من رأس دماغة باكخ 52,5 ميلاً بحرياً، ويمثل الخط الحد الشمالي لخليج عمان ومدخل المضيق
الجنوبي المفتوح على البحر، وهو أقصى عرض له، ويضيق المضيق إلى عرض 20,5 ميلاً بحرياً
في النهاية الشمالية الشرقية ما بين جزيرة لارك في الجانب الإيراني وقوين الكبرى –
(سلامة وبناتها) على الجانب العُماني، وهو أدنى اتساع له، ويبلغ طول المضيق عند خط
الوسط 104 أميال بحرية، وتشكل سلسلة رؤوس الجبال ورأس مسندم معها امتداداً لسلسلة جبال
الحجر الشرقي حاجزاً ما بين خليج عمان شرقاً والخليج العربي غرباً.
ويمتد الخليج العربي الذي يقع المضيق عند مدخله من
جهة عمان، ليصل عرضه 50 ميلاً من رأس مسندم حتى مدخل شط العرب، أما عرض الخليج العربي
فيبلغ عند رأسه 140 ميلاً، وعند مضيق هرمز يبلغ نحو خمسة أميال، أما أقصى اتساع له
فيبلغ نحو 200 ميل، ويبلغ طول السواحل التي تطل على الخليج 2000 ميل ويتراوح أقصى عمق
للخليج ما بين 240 – 300 قدم، بينما يبلغ عمقه قرب جزيرة مسندم 48 قدماً، ويكّون الخليج عميقاً قرب الجانب الإيراني عادة،
ولكن بالنسبة لمضيق هرمز فإن العمق في الجانب العربي أكثر منه عن الجانب الإيراني،
وهناك مجموعة كبيرة من الجزر المنتشرة حول المضيق وفي الخليج العربي والتي برزت أهميتها
السياسية والإستراتيجية في السابق، وظهرت أهميتها الاقتصادية في الفترة الأخيرة نتيجة
ثورة النفط التي شهدتها بلدان الخليج العربي، وقد تضاربت دراسات الجغرافيين حول عدد
هذه الجزر، منهم من قال أن عددها دون الـ50 جزيرة، ومنهم من قال أن عددها يصل إلى
100 جزيرة، فالدراسات عن هذه الجزر غير دقيقة، وعند التقصي لمعرفة عدد الجزر ودراسة
بعضها فقد تبين أن عددها قد يصل إلى 126 جزيرة.
يكتسب مضيق هرمز اهتمامًا كبيرًا من قبل
العالم بأسره وتركزت الأنظار حول ما يجري فيه ومن حوله، خاصة في ظل إعلان السلطات
الإيرانية سيطرتها الكاملة عليه.
الأهمية الإستراتيجية لمضيق هرمز واحتمالات المواجهة
- التعريف بمضيق هرمز، خاصة في ظل تعاظم
أهميته العالمية اقتصادياً وسياسياً واستراتجياً.
- التأكيد، على أهمية مضيق هرمز لدول مجلس
التعاون الخليجي، خاصة وأن المضيق يعتبر معبراً وحيداً لصادرات وواردات معظم دول مجلس
التعاون.
وترتبط أهمية مضيق هرمز الاقتصادية، منذ
بضع سنوات، بالأزمة المتعلقة بالبرنامج النوويالإيراني، التي تصاعدت تدريجياً لتحتل
خلافاً حاداً بين إيران وأمريكا وحلفائها الأوروبيين من جهة أخرى.
حجم إنتاج دول الخليج من النفط الخام لعام
2001 كان يمثل 26 في المائة من إجمالي الإنتاج
العالمي
الأهمية الاقتصادية لمضيق هرمز
تأتي أهمية مضيق هرمز الاقتصادية كونه يمثل الممر
البحري لتجارة خمس دول عربية هي: العراق والكويت والبحرين وقطر ودولة الإمارات العربية
المتحدة، بالإضافة إلى إيران والمملكة العربية السعودية، وبذلك يصبح المضيق ممراً لتجارة
سبع دول، آخذين في الاعتبار امتلاك الدولتين الأخيرتين سواحل بحرية أخرى، على خليج
عمان وبحر العرب بالنسبة لإيران وعلى البحر الأحمر بخصوص المملكة العربية السعودية.
وتشترك الدول التسع المتشاطئة على الخليج العربي بكونها من أهم الدول المنتجة والمصدّرة
للنفط في العالم. وبلغت ذروة أهمية هذه المنطقة لكونها تمتلك احتياطيات نفطية هائلة
تجاوزت (730) مليار برميل، ولذلك تصاعدت أهمية مضيق هرمز الذي يعد المنفذ الذي تخرج
منه صادرات النفط إلى الدول المستهلكة في مختلف دول العالم وخاصة الدول الصناعية المتقدمة،
والتي تبلغ أكثر من (17) مليون برميل يومياً، فضلاً عن عشرات السفن التي تعبر المضيق
وتنقل البضائع من وإلى الدول المطلة على الخليج العربي. وبالتالي أضحى مضيق هرمز من
أهم المضائق الملاحية في العالم، حيث تعبره أكثر من (80) سفينة يومياً وبمعدل ناقلة
نفط أو سفينة تجارية في كل (6) ست دقائق، حيث يسمح عمق المياه بالمرور للناقلات النفطية
العملاقة. وتوجد في المضيق قناتان ملاحيتان، تقع القناة العميقة بالقرب من السواحل
العمانية، بينما توجد القناة الأقل عمقاً بالقرب من السواحل الإيرانية.
المتتبع لتصريحات الساسة الإيرانيين يلمس
وجود نوايا إيرانية للسيطرة العسكرية على مضيق هرمز
الضغوط العسكرية الإيرانية
تناقلت وسائل الإعلام العالمية عن وضع إيران
لخطة تستهدف الاستيلاء على مضيق هرمز وإغلاقه في أقصر وقت ممكن إذا ما نشبت حرب بينها
وبين الولايات المتحدة الأمريكية، معتمدة في ذلك على أن الحرس الثوري الإيراني يمتلك
(700) موقع ميناء ومرسى وجزيرة ونقاط مختلفة، وذلك على طول الضفة الشرقية للخليج العربي
يستخدمها عادةً للتهريب، وفي أوقات الضرورة قد يستخدمها للأغراض العسكرية في اعتراض
السفن الحربية والتجارية وناقلات النفط ومنعها من المرور عبر مضيق هرمز، وهو أمر بديهي
إذا ما نشبت الحرب وذلك لما يملكه من زوارق صواريخ وزوارق يقودها انتحاريون، أو عبر
زرع الألغام البحرية على جنبات المضيق. والمتتبع لتصريحات الساسة الإيرانيين، يلمس
وجود نوايا إيرانية للسيطرة العسكرية على مضيق هرمز، عكستها تصريحات العديد من المسؤولين،
ومنها على سبيل المثال تهديد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي، بأن إيران
ستغلق منافذ تصدير النفط المصدّر من الخليج إلى الأسواق العالمية في حال تعرض بلاده
إلى ما سماها خطوة خاطئة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وقد اتخذت هذه الأزمة
اتجاهاً آخر عقب صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1696 في 31/7/2006 والذي طالب إيران
بتعليق أنشطتها النووية المتعلقة بتخصيب اليورانيوم وإعادة التجهيز، على أن يخضع ذلك
للتحقيق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لاسيما أن هذا القرار صدر استناداً
للمادة (40) من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لجعل هذا القرار ملزماً لإيران،
مما يعني التلويح باستخدام القوة العسكرية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها
الأوربيين ضد إيران، خاصة وأن الحكومة الإيرانية رفضت تطبيق هذا القرار. وفي الاتجاه
ذاته كرر المرشد الأعلى علي خامنئي في 28/2/2007 تهديده للولايات المتحدة الأمريكية
باستهداف مصالحها في كل مكان في العالم في حال اعتدائها على إيران. ولإدامة زخم التهديدات
العسكرية الإيرانية أعلن الجنرال حبيب سياري قائد سلاح البحرية الإيراني لوكالة (مهر)
الإيرانية في 25 نوفمبر 2007 بعزم إيران تنظيم مناورات عسكرية واسعة في الخليج وبحر
عُمان في شهر فبراير الماضي لاختبار أحدث فنون الحرب مؤكداً (إذا ما نفذ العدو يوماً
ما تهديداته فإن البحرية الإيرانية تملك رداً مدمراً). فيما ذهب هاشمي رفسنجاني رئيس
مجلس الخبراء في إيران أبعد من ذلك بتأكيده (طبقاً لوكالة الأنباء الإيرانية (إيرنا)
في 27 نوفمبر 2007) (أن الأمن الدولي رهن بأمن منطقة الشرق الأوسط الاستراتيجية وأن
الجميع يدرك أن مفتاح أمن الشرق الأوسط هو بيد إيران). وتكررت هذه التهديدات مؤخراً
ومن شخصيات عسكرية وسياسية إيرانية، مع الإعلان عن نوايا إيرانية في عرقلة الملاحة
في مضيق هرمز في حالة تعرض منشآتها النووية لضربة إسرائيلية.