السلمى: الإسلاميون يريدون وصف من يُصوِّت بـ"لا" على الدستور الجديد بـ"الملحد"

أخبار مصر


صرَّح الدكتور على السلمى ، نائب رئيس مجلس الوزراء فى أول حكومة مصرية تم تشكيلها برئاسة الدكتور عصام شرف بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، عن أن جماعة الإخوان المسلمين بذراعها السياسية (حزب الحرية والعدالة)، والسلفيين، قاوموا وثيقته التى قدمها عقب ثورة 25 يناير، تجنبا للخضوع لمعايير موضوعية لاختيار تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع أول دستور لمصر، وحتى ينفردوا بوضع الدستور وفقا لتحيزهم الفكري، وفقا لما قاله فى تصريحات صحفية أمس. وأضاف السلمى أن تيار الإسلام السياسى «للأسف نجح فى هذا، والنتيجة ظهور دستور معيب ترفضه جميع القوى الوطنية فى مصر».

وقدم السلمى الذى شغل منصب نائب رئيس الوزراء للشئون السياسية والتحول الديمقراطى وثيقة إعلان المبادئ الأساسية للدستور، وكذلك معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد، وهو ما أثار ردود فعل متباينة من قبل الأحزاب الإسلامية والحركات الشبابية والشخصيات العامة التى شاركت فى مناقشة الوثيقة؛ وهو ما دفع هذه الأحزاب والشخصيات العامة لرفضها، بسبب ما سموه «إعطاء الجيش سلطات أعلى من سلطاته» والتى وردت فى البند التاسع من الوثيقة، وكذلك رفض معايير اختيار الجمعية التأسيسية المنوط بها وضع الدستور الجديد».

وأضاف الدكتور السلمى أن «وثيقته كانت عبارة عن مقدمة أساسية للدستور، وليست الدستور بكامله»، قائلا: «لو كانوا أخذوا بها كان سيتم تشكيل متوازن وعادل للجمعية التأسيسية، وكانت ستضع دستورا يلبى رغبات واحتياجات وتطلعات المجتمع بأثره، وكان هناك احتمال قوى للوصول إلى توافق مجتمعى حول هذا الدستور»، لافتا إلى أن الأخذ بوثيقته كان سيكون خطوة أساسية فى إقامة تحول ديمقراطى حقيقى، بدلا من هذا الارتباك وهذه المتاهة التى وقعنا فيها بعد عامين من الثورة».

وعن الاختلاف بين مسودة الدستور الجديدة التى تم طرحها للاستفتاء الشعبى فى 15 ديسمبر الحالى ووثيقته التى أعلنها مطلع العام الماضى، قال الدكتور السلمى إن «الوثيقة التى قدمتها كانت عبارة عن مجموعة المبادئ الأساسية التى يتضمنها الدستور عوضا عن خارطة الطريق المغلوطة التى قدمت الانتخابات التشريعية قبل وضع دستور حقيقى للبلاد، فكان هدف هذه الوثيقة أن يتم الاتفاق المجتمعى على المبادئ الأساسية من حقوق وواجبات والتوازن بين السلطات وتحقيق التوافق المجتمعى على هذه المبادئ الأساسية التى لا يخلو منها الدستور الحديث، فضلا عن الاتفاق على معايير تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور».

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق أن «الإسلاميين كعادتهم سوف يحشدون الحشود للتصويت بنعم على مسودة الدستور الجديد»، قائلا: «سيقولون إن الموافقة على الدستور والتصويت بـ(نعم) تعنى الانصياع لشرع الله، ورفضه والتصويت بـ(لا) تعنى عدم الإيمان بشرع الله، ومن يرفضونه (كفرة وملحدون) كعهدهم فى الاستفتاء السابق على الإعلان الدستورى بعد تنحى مبارك عن الحكم، حينما وظف الدين والشعارات الدينية لأغراض سياسية لا علاقة لها بالدين ولا بشرع الله».

وأجرى الاستفتاء الدستورى بمصر فى 19 مارس عام 2011، وعُلق دستور عام 1971 من المجلس العسكرى الحاكم وقتها فى 13 فبراير (شباط)، بعد يومين من تنحى الرئيس السابق، وقد نظم المجلس العسكرى لجنة من القانونيين لصياغة التعديلات المقترحة، لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وقال الدكتور على السلمى إن «الوضع الحالى فى مصر مزعج، والتطورات التى حدثت سواء من إعلان دستورى معيب وغير دستورى، والتسرع فى إنهاء مسودة الدستور الجديد رغما عن انسحاب قطاع القوى الوطنية من الجمعية التأسيسية، والإسراع فى إعلان دعوة المصريين للاستفتاء على الدستور الجديد، رغم أنه لا يطرح الدستور للاستفتاء إلا بضمان التوافق الوطنى والمجتمعى، وأخيرا الموقف الخطير فى حصار المحكمة الدستورية العليا ومنع القضاة من دخول المحكمة وعقد جلساتهم».

وأضاف أن «كل هذا إيذان بانتهاء دولة القانون وإيذان بانتهاء الدولة الحديثة فى مصر»، مؤكدا أن «كل هذه المظاهر مقلقة، ولا تعد بالخير وتهدد بصرف النظر عن القضايا المهمة فى البلاد مثل القضايا الاقتصادية والمجتمعية».

وقال الدكتور السلمى إن «هذه المظاهر أدت إلى انقسام الوطن لمؤيدين للشريعة الإسلامية، فى مقابل قوى وطنية تؤيد الشريعة وتؤمن بها؛ ولكن يتم تصويرها على أنها معادية لشرع الله»، مضيفا: «وذلك استمرارا لتزييف الإرادة الوطنية والتطبيل للشعب المؤمن والمتدين بطبيعته، والاستمرار فى نهج توظيف الدين لأغراض سياسية دنيوية».

وطالب الدكتور السلمى «الرئاسة المصرية بأن تتبين أن الموقف خطير ولا يجدى العناد والاستمرار فى الاستعلاء والاستكبار عن القوى الوطنية، وضرورة تفعيل فكرة الحوار المجتمعى، بجدية وبأمانة، فى كل القضايا المثارة، ابتداء من الإعلان الدستورى غير الدستورى، والمسودة المرفوضة من الدستور، وكافة القضايا المثارة على المستوى السياسى وصولا إلى توافق حقيقى وليس ظاهريا».