محمد مسعود يكتب : مرسى يخسر كل شىء.. وإنهاء الدستور وإعلان موعد الاستفتاء لن يخرجه من المأزق

مقالات الرأي


وضع الرئيس محمد مرسى نفسه فى خانة اليك ، لم يتعلم من أخطاء سلفه المخلوع، فعندما خرج المصريون للثورة على مبارك، كان المطلب الأول عمل الحد الأدنى للأجور، لكنه لم يستجب، فطالب الثوار بحزمة من الإصلاحات، منها تعديل وزارى، لكنه لم ينتبه إلى عزمهم، فطالبوا بخلعه، ونجحوا فى ذلك.

الآن، الرئيس مرسى فى نفس الوضع تماما، لم تعد المطالب تنحصر فى إلغاء الإعلان الدستورى، بينما طالت رقبته شخصيا، خلعه ومحاكمته، فالشعب الذى خلع رئيسا ظل فى السلطة ثلاثين عاما، لن يكون عسيرا عليه أن يخلع رئيس لم يزل فى مرحلة المراهقة السياسية.

خسر مرسى وجماعته الشارع، عندما تكبر على الشعب الذى جاء به من السجن إلى الحكم، قطع عليهم الأنوار فى عز صيامهم فى رمضان حتى يوفر الطاقة لعشيرته فى غزة، لعب فى أرزاقهم عندما قرر إغلاق المحلات من الساعة العاشرة مساء، أخرجهم عن شعورهم، عندما أرسل شاحنات مليئة بالدواء لغزة فى الوقت الذى تستغيث فيه مستشفيات أسيوط وقت حادث القطار، لندرة الدواء، والعجز عن تلبيته، ليمت من المصريين من يمت، المهم أن ينعم أهل غزة، أكل المصريون من صناديق القمامة، وأراد هو أن يوفر وجبة ساخنة لأهالى غزة، صار كيلو الطماطم بثمانية جنيهات فى عهده، وجلس متفاخرا بأن كيلو المانجو فى عهده بستة جنيهات، وارتفعت أسعار اللحوم التى نسى الغلابة شكلها، وعندما خرج الناس عليه ذهب لأهله وعشيرته أمام قصر الاتحادية ليخطب فيهم، نسى مرسى شعبه، فأراد الشعب أن يذكره، يقول له إن خلعك أمر وارد، وإن الاستقواء بجماعتك لن ينفعك، فحرقوا مقرات الجماعة، حرقوا الرمز الذى ينتمى إليه الرئيس، وقفوا فى وجه ميليشيات مدربة، ليثبتوا فقط أن إرادة الشعب فوق إرادة الرئيس، وأن الشعب بإمكانه أن يثور مجددا.

ربما يطارد شبح مبارك مرسى الآن، ربما أغمض عينيه وفكر فى مصيره، ربما فكر فى نجاح الثورة التى اشتعلت بالفعل، ماذا سيكون رده وماذا سيكون موقفه، هل سيتراجع ويكسر هيبته، أم سيعتمد على القوات المسلحة لتحميه من الشعب، والمؤكد أن الجيش لن يقف ضد شعبه، سواء كان على رأسه المشير طنطاوى، أو الفريق عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع، والشرطة، حتما لن تكرر أخطاءها، ولن تعود إلى ذلك المشهد المخيف.. حرق أقسام الشرطة وتجريدهم من الأسلحة لابد أنه مازال فى ذاكرة الداخلية.

إذا كان مرسى يفكر فى الخروج من المأزق فالمؤكد أن هناك عدة سيناريوهات مع مستشاريه الذين جاءوا بالمصائب تباعا – مثلما اقتنع مبارك برأى حاشيته بأنها ليست ثورة ثم دفع الثمن من تاريخه – وخسر بسببهم الكثير، والآن يفكرون فى إخراجه من المأزق، عن طريق سيناريو محدد، فالمؤكد أنهم سيقترحون عليه إنهاء الدستور قبل حكم المحكمة الدستورية، حتى لا يمكنها الحكم وحل الجمعية التأسيسية، وإعلان موعد محدد للاستفتاء على الدستور، وفى ذات الوقت يعلن تراجعه عن الإعلان الدستورى، وسيكون التراجع مبررا فى هذه الحالة.

بهذه الخطة سيحاولون الخروج من المأزق، لكن المؤكد أن الدستور لم يعد المطلب الأساسى فى الشارع اليوم، فقد تكبر الرئيس على إرادة الشعب فخرجوا عليه بأعداد لم يقدرها، ولم يقدرها مستشاروه، انشغل بحل قضية إسرائيل ولعب نفس دور حمامة السلام الذى كان يلعبه مبارك، وأعاد السلام للشارع الإسرائيلى، حقق الأمن والراحة لإسرائيل، وشق الصف المصرى، حقق نجاحا على المستوى العالمى وفشل فشلا ذريعا على المستوى المحلى.