الخالة نوسة.. راقصة الموالد التي أطاحت بـ"مسؤول حكومي" (تقرير مصور)

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


جلست وقد اتكأت على قدميها، ورفعت رأسها تبحلق في العامة، تختار الملامح قبل أن تنطق بكلمة، تفحص الوجوه وتنظر إلى العيون تعرف صاحب الحاجة وكأن علاقة تربطهما منذ سنوات، وما إن يطيل أحدهم النظر إليها حتى تنادي عليه وقد ابتسمت وجنتيها، وحينما تراها للوهلة الأولى ربما تعتقد أنها فقدت عقلها لكثرة ما تضعه على وجهها من أشياء غربية، إلا أن صوتها وصدق حديثها يدفعك لكي تكون أحد فرائسها.


إنها "نبوية".. سيدة اتخذت من أبواب مسجد السيدة نفيسة، رزقًا لها، ذهبنا إليها عدة مرات لنكتشف أمرها إلا أن تخوفها حال دون الحديث، تحفظت وكأنها قرأت الكف قبل أن تشاهدنا.


وبعد إلحاحٍ، أفصح لنا سكان المنطقة عن جانب من حياتها، فنبوية عمرها يتجاوز الخمسين عامًا، وهي أشهر قارئة "كف وفنجان" فى السيدة نفيسة، يأتي إليها المريدون من كل حدب وصوب، لعلها تقرأ الطالع وتكشف خبايا المستقبل.


السيدة التي تجبر عينيك على النظر إليها عدة مرات بمجرد أن تنوي الدخول إلى مسجد السيدة نفيسة، تعتقد أن الظهور بمنظر غريب يعطيها جزء من الروح الخفية التي تساعدها على قراءة الكف.




اقتربنا منها لكي نكون أحد زبائنها، فرحت قليلا، ثم رفعت عينيها وراحت تلقي بكلمات عابرة، اعتقدنا أنها علمت بمن نحن بعد أن بدأت في قراءة الكف وسرد أمور حدثت لنا بالفعل، وبمجرد الإيماء بالرأس أن هذا حدث تواصل نبوية ذكر أحداث جديدة، وهو ما أثار في نفوسنا جزء من الخوف، لعلها تكتشف هويتنا الصحفية، إلا أن ظننا خاب هذه المرة.


العرافة قرأت الكف للعشرات من المسؤولين ورجال الأعمال وأصاحب المناصب العليا، كان أبرزهم محافظا للقاهرة أطاحت به ثورة 25 يناير، حيث أخبرته أنه سيتعرض لمشكلة وسيترك منصبه، وبالفعل لم يمر أسابيع قليلة حتى تحققت نبوءتها، بحسب رواية سكان المنطقة.


ابتعدنا عنها قليلا لكي نلاحظ من هم زبائنها، وكان الرد سريعًا حيث توقفت سيارة فارهة ونزل منها أحد الأشخاص وراح يسأل عن "نبوية"، وبعد العثور عليها دار بينهما حديث انتهى إلى جلوس السائل على الأرض يمأمأ برأسه وعلى وجهه الدهشة.


وأوضح عدد من الأهالي أن السيدة تدعى "تريزا وليم"، كانت راقصة بـ"الموالد" جاءت من الصعيد إلى "حلمية الزيتون"، منذ عشر سنوات إلى أن اتخذت حجرة في مقابر السيدة نفيسة مقرًا لإقامتها، وزعم آخرون أن السيدة "تصاحب جن" وهو الذي يساعدها في معرفة الحقائق التى تخبر بها زبائنها.


وأكد سكان المنطقة، أن شهرة "نبوية" وصلت للسعودية والكويت وبلاد أخرى عديدة، وهذا ما يجعلها تمشي فى تباهٍ وثقة وفخر وتعالٍ، ويقول آخرون إن دخل السيدة في اليوم قد يصل إلى 5 آلاف جنيه أو أكثر وهو ما يفسر سبب العيش المرفه والطعام الذي تتناوله، فهى لا تشرب إلا المياه المعدنية، وتأكل أشهى المأكولات، وتحب الرفاهية و"السلطنة" رغم أنها تسكن في حجرة وسط المقابر، بحسب سكان المنطقة.


ومن المفارقات أن العرافة تعرضت للسرقة خلال شهر رمضان الماضي، حيث كان بحوزتها ما يقرب من 50 ألف جنيه، وهو ما جعلها تفقد وعيها وتتجه لتناول المواد المخدرة، واستمرت على ذلك لفترة قليلة، ولكن سرعان ما نسيت تلك الواقعة وعادت لعملها كقارئة لـ"الكف".