الاتحاد الأوروبي يدرس مستقبل الأقليات في سوريا
على خلفية تزايد
التساؤلات حول مستقبل السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة،
يتجه الاتحاد الأوروبي للعب دور أكثر استقلالا في المنطقة، ولا سيما بسوريا.
وفي الوقت الذي
تحدثت فيه مصادر عدة عن تزايد مخاوف بروكسل من نقص الخبرة السياسية لدى ترامب وموقفه
المتعاطف مع المواقف الروسية، كشفت وسائل إعلام عن وجود وثيقة أعدها الاتحاد الأوروبي
حول مستقبل سوريا، تطرح سؤالا مفاده أن تخصيص حصص للأقليات، ومنها العلويون، والمسيحيون
والأكراد لمستعدتهم في دعم تمثيلهم بالسلطة في سوريا الجديدة، أمر مجد.
وفي هذا السياق
نقل موقع "مونيتور" الالكتروني ومقره في الولايات المتحدة، عن مسؤول كبير
مقرب من فيديريكا موغيريني، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي،
قوله إن بروكسل قلقة من نوايا إدارة ترامب المستقبلية.
وأضاف قائلا:
"إننا نعتزم إطلاق تعاون كامل النطاق مع إدارة ترامب حول جميع المواضيع الساخنة
على جدول الأعمال الدولي، بما في ذلك صفقة إيران النووية وأوكرانيا وسوريا والعراق
وتركيا والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني والى آخره. لكن عمق التعاون سيتعلق بموقف الرئيس
الأمريكي الجديد ووزير خارجيته".
وجاء هذا التأكيد
بعد يوم على كشف صحيفة "الحياة" النقاب عن وثيقة رسمية أوروبية، أعدتها موغيريني،
تقترح 4 عناصر للوصول إلى "سوريا المستقبل" بينها إقامة نظام سياسي يخضع
للمساءلة ويقوم على اللامركزية.
وكان رئيس
"الائتلاف الوطني السوري" المعارض أنس العبدة قد التقى موغريني في بروكسل
في 18 نوفمبر/تشرين الثاني. ويعتقد أنها سلمت وفد المعارضة السورية نسخة من هذه الوثيقة
التي نوقشت أيضاً خلال جولة المسؤولة الأوروبية في الشرق الأوسط.
وأوضحت "الحياة"
أن "الورقة غير الرسمية" تقع في أربع صفحات وتقترح "مناقشة مستقبل سوريا"
بهدف الوصول إلى "فهم مشترك بين اللاعبين الإقليميين الرئيسيين للحل النهائي بعد
الصراع وإعادة إعمار البلاد بحيث يتم تحديد الأرضية المشتركة ومناقشة الأفكار البنّاءة
التي بإمكانها خلق حوافز للأطراف المعنية".
وانطلقت موغيريني
من طرح 5 أسئلة تتعلق بـ "كيفية الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها" و"ضمان
الحفاظ على المؤسسات الحكومية بما فيها القوات العسكرية والأمنية مع إصلاحها بشكل كامل،
وبحيث تعمل تحت قيادة مدنية يختارها الشعب السوري وتكون مسؤولة أمامه"، إضافة
إلى ضمان شعور "جميع المجموعات" بالحماية و"تنسيق جهود إعادة الإعمار
بمجرد بدء انتقال سياسي شامل ومصداقية" وكيفية ضمان أن لا تصبح سوريا "ملاذاً
خصباً للإرهاب".
وجاء في الوثيقة
أن "التحدي في سوريا هو بناء نظام سياسي تتمكن فيه مختلف مناطق البلاد والجماعات
من العيش في سوريا بسلام ضمن إطار سياسي واحد" وهو "تحد أكبر بعد التصدعات
التي خلفها الصراع الأهلي طويل الأمد".
وأفادت الوثيقة
أن أغلب المعارضة تفضّل العودة لدستور عام 1950، الذي تم اعتماده في مرحلة الاستقلال
ويضم أحكاما مرتبطة بحقوق الإنسان ونظاما حكوميا برلمانيا في مجمله، والذي يمكن أن
يشجّع أكبر عدد من اللاجئين على العودة".
ومن بين الأسئلة التي تطرحها موغيريني في الوثيقة:
"هل يمكن لنظام برلماني أكثري في سوريا أن يسمح لنسبة واسعة من السوريين بالمشاركة
في النظام السياسي وفي اتخاذ القرار؟ هل يمكن لضمانات أو حصص مناسبة المساعدة في ضمان
تمثيل النساء والأقليات في المجتمع السوري، مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين؟ كيف
بالإمكان تحقيق التوازن بين وجود سلطة كافية على قوات الأمن الوطنية والمساءلة الكافية
أمامها؟ هل بالإمكان تصميم نظام سياسي متعدّد الأحزاب من شأنه أن يتجنّب خطر تشجيع
الطائفية العرقية، أو المناطقية، أو الدينية؟ وكيف بالإمكان تمثيل مختلف الجماعات؟".
تقترح الورقة أن
يتضمن الوضع النهائي في سوريا، أربعة عناصر: نظام مساءلة سياسية، لامركزية وتفويض سلطات،
ومصالحة، وإعادة الإعمار.
وأوضحت الوثيقة
أن الدولة السورية "تستند حالياً إلى حكومة مركزية قوية. وعلى الرغم من أن الصراع
خلق مناطق ذات حكم ذاتي إلى حد بعيد، وشبكات محلية تقدم خدمات أساسية للمدنيين".
وتابعت أنه لاستكمال النظام البرلماني، يمكن لشكل من أشكال اللامركزية الإدارية للمحافظات،
أو المجالس المحلية أن يضمن وحدة البلاد، والحفاظ على الخدمات المقدّمة حالياً، بينما
يتم تجنُّب خطر تقسيم سوريا.
وحسب الوثيقة،
يمكن لهذا النوع من اللامركزية أن يشمل: الإدارة وخدمات الشرطة (بحيث يسهل من إعادة
دمج الميليشيات المحلية)، الخدمات الصحية، والتعليم (وجود منهج تعليمي وطني، ولكن ربما
يتم توفير خيار التعليم باللغات المختلفة: الكردية والآرامية، الخ) والثقافة"،
ثم طرحت أسئلة مثل: "هل يعتبر هذا النوع من لامركزية الدولة في سوريا أمرا مرغوبا
به؟ كيف يمكن تجنب الوقوع في التقسيم أو تشجيع الانفصال؟ ما هي مسؤوليات الدولة التي
بالإمكان إسنادها على أساس لامركزي: الصحة، التعليم، الثقافة، الاستثمار، المواصلات،
الشرطة، وغيرها".
وتناول العنصر الرابع إعادة إعمار سوريا "بمجرد
بدء تنفيذ الانتقال السياسي إذ من المستبعد أن يقدم أي من مستثمري القطاع الخاص أو
المؤسسات الدولية المساعدة قبل ذلك". وأضافت: "آفاق إعادة الإعمار تشكّل
حافزا هاما للتوصُّل لاتفاقية سلام، ولا بد من البدء بالتخطيط منذ الآن للتمكُّن من
التنفيذ السريع".
وتابعت الوثيقة أن الاتحاد الأوروبي سيكون مستعداً
لتقديم مساهمته للاستقرار السريع في مرحلة ما بعد الصراع وإعادة إعمار على المدى الطويل
في مرحلة ما بعد الصراع في سوريا.