ما بين القتل والتشريد.. تعرف على القصة الكاملة لمسلمي "الروهينجا" في بورما
قتل وأشلاء، وبحور من الدماء، وأعداد بالآلاف مشردين، في كل البلاد والأنحاء، خوفا وهربا من التقتيل الممنهج الذي يلاحقهم من كل ناحية ، إنها طائفة "الروهينجا" المسلمة، التي تتعر ض للقتل السادي على أيدي البوذيين، الذين لم يألوا جهدا في التأخر عن تقديم كل ما هو سام وقاتل تجاه طائفة الروهينجا المسلمة، إلى أن تفاقمت الأوضاع، وأصبح مسلمي الروهينجا، يخرجون هاربين من بيوتهم متجهين إلى بعض الدول، يقصدون الابتعاد عما يلاقوه من عذاب أليم وتشريد عظيم، وهو ما يجعلهم مادة للأنباء في تلك الآونة.
وضع طائفة "الروهينجا" المسلمة في ميانمار
تعد طائفة الروهينجا
المسلمة في ميانمار، من أكثر الطوائف حول العالم اضطهادا، حيث أنهم أقلية يدينون بدين
الإسلام، إلا أن القدر أوقعهم، في وسط البوذيين، أصحاب الأغلبية في تلك البلد الذين
يضطهدونهم، حيث يعد الشعب البورمي من أكثر الشعوب نبذا، وأكثر الأقليات اضطهادا في
العالم، حيث جردوا من مواطنتهم بسبب قانون الجنسية التي فرضته الحكومة البوذية عام
1982، وعليه فإنهم ممنوعون من السفر دون إذن رسمي، وبحسب تقارير دولية، فإن مسلمي الروهينجا،
يعانون من أبشع الانتهاكات، على يد المجلس العسكري البورمي.
السبب في اضطهاد "الروهينجا" المسلمة
تعد اندونيسيا ضمن الدول التي تتعاطف مع أعداد الروهينجا
الهاربين من بطش البوذيين، ومنذ البارحة احتشد الكثير من الشعب الإندونيسي في مظاهرات
عريضة، أمام سفارة ميانمار في جاكرتا، منددين ما يحدث لمسلمي الروهينجا، من بطش وقتل
ليس له مثيل، رافعين شعارات "أوقفوا الإبادة الجماعية ضد المسلمين فى ميانمار".
تلك التنديدات
التي عبّر بها الشعب الاندونيسي، لا يأتي لمجرد اشتعال الأمور في هذا التوقيت، وإنما
هذا الاضطهاد له جذور تاريخية يحمله البوذيون في صدورهم، حنقا وغيظا تجاه مسلمي ميانمار،
فالحكاية بدأت منذ الملك باينتوانغ "1550-1589م" ، وهو أول من مارس الاضطهاد
ضد المسلمين، بسبب تعصبه الديني وطائفيته الحادة، ثم حدثت مذبحة شديدة للمسلمين بعد
ذلك في أراكان، دافعها ديني بحت، بعد ذلك عندما جاء الملك بوداوبايا
"1752–1760"، قام هو الآخر بالقبض على أشهر أئمة المسلمين وقام بقتلهم في
العاصمة "أفا" بعد رفضهم أكل لحم الخنزير.
وتوضح مجلة
"الإيكونوميست" جانبا من الكوارث، حيث تؤكد أن مسلمي الروهينجا يعانون من
التمييز العنصري، على مدار التاريخ، موضحة أنه من ضمن أسباب هذا الاضطهاد، هو انتفاضة
الروهينجا التي طالبت بالانفصال بين عامي 1948 و1961 والتي فشلت، وكذلك الخوف الشديد
الذي يعاني منه البوذيين تجاه المسلمين.
الفرار من القتل والتعذيب
وهكذا مرّ المسلمين
في بورما، بأعوام سوداء، لم يجدوا فيها إلا القتل والتذبيح، إلى أن تفاقمت الأمور كثيرا
في السنوات الأخيرة وأصبح مسلمي الروهينجا،
يعانون من شدة إعمال القتل فيهم، مما أثر عليهم سلبا، وأدى إلى فرار الكثير منهم، إلى
دول الجوار فضلا عن تعرضهم إلى الأبشع تماما، حيث فرّ ما يقرب من 111,000 لاجئ يقيمون
في تسع مخيمات على طول الحدود التايلاندية الميانمارية، حتى وصل الأمر إلى أن كشفت
وزارة الخارجية الأمريكية، عن أرقام تظهر تفوق عدد اللاجئين الروهنجيا الوافدين إلى
الولايات المتحدة على الوافدين من اللاجئين السوريين في السنوات الأخيرة، حيث أعيد
توطين ما يقرب من 11902 شخصا من مواطني ميانمار في الولايات المتحدة، وهو ما يكشف مدى
الأعداد الكثير الفارة من جحيم القتل في ميانمار.
مسلمو "الروهينجا" يتناقصون
وكنتيجة طبيعة
لما يحدث من تذبيح متعمد، فإن المسلمين في ميانمار أصبحوا معرضين للفناء والنقصان،
نتيجة الإبادات الجماعية، وهو ما عبرت عنه الحكومة البورمية في تقارير أصدرتها، من
هذا العام 2016، أظهرت تراجعاً في نسبة مسلمي البلاد، من 3.9% إلى 2.3%، يقابله حوالي
1.495.147 من إجمالي سكان البلاد البالغ 51.5 مليون نسمة.
السكوت الفاضح للعالم وتخاذل دول الجوار في الإيواء
برغم الإبادات التي ترى على الشاشات، وتتناقلها
الأنباء كل ساعة، فإن هناك صمتا عالميا يبعث على الخذلان والعار، في عدم نصرة هذه الأقليات
المسلمة، وهو ما يظهر جليا واضحا في أفعال الدول، التي لا تتحرك إلا بمنطلق المصالح
فقط، اللهم إلا إيجاد بعض المساعدات القليلة، وتوطين القليل منهم، لكن لم يستطع أحد
التدخل إلى الآن وفرض قيود على حكومة ميانمار المعادية للمسلمين.
كما تحارب دول
الجوار التي يلجأ إليها هؤلاء السكان من مسلمي الروهينجا، مكوثهم في بلادهم، ويأتي
على رأس هذه الدول، كل من ماليزيا وإندونيسيا اللتان ترفضهم نتيجة الضوائق المالية،
فيما تناشد حكومة بنجلاديش اليوم تقديم دعم
دولي لحل الأزمة التي تفجرت بسبب هجوم شنه جيش ميانمار ضد مسلمي الروهينجا، والذي أجبر
المئات على البحث عن ملجأ في بنجلاديش.