هل يرقص "على عبد الله صالح" رقصة الموت الأخيرة؟
من أغرب الرؤساء حالا، حالفه الحظ كثيرا، عن بقية رؤساء الربيع العربي، إنه الرئيس اليمني على عبدالله صالح، الذي نجا من عاصفة الربيع العربي، وكتبت له حياة جديدة، لكن يبدو أن الأمور لا تزال متقلبة، وتحمل الكثير والكثير، فصالح تخلى عن الحكم بعد اندلاع التظاهرات عام 2011، إلا أنه تنحى بعد ذلك مقابل عدم محاسبته، بناء على المبادرة الخليجية، وتسليم السلطة إلى عبد ربه منصور هادي، وهكذا أصبح صالح حرا طليقا، ليعاود أدراجه مرة أخرى، ويتدخل بالحياة السياسية اليمنية، بتحالفه مع الحوثيين الذين شنوا انقلابا على الرئيس الشرعي هادي، وأرادوا السيطرة على الحكم اليمني، ثم لم تلبث الأحداث والأيام قليلا وتظهر الخلافات بقوة بين صالح والحوثي.
صالح يشكو التآمر عليه
هكذا تناقلت الصحف صباح هذا اليوم أخبار على عبدالله صالح، التي يعرب فيها عن شكواه من التآمر عليه من قبل حليفيه الداخلي والخارجي وهما إيران والحوثي، يأتي هذا على خلفية الخلافات الحادة التي بدت تظهر في المشهد اليمني والتحالفات، بين صالح والحوثي على وجه الخصوص.
خلافات تتصاعد وتشتد
برغم التحالف الذي ظل مستمرا منذ عام ونصف، إلا أن الخلافات بين المعسكرين تلوح في الأفق بين جماعة الحوثي الانقلابية وبين صالح، وهو ما أكدته وكالة الأناضول، التي أشارت أن بداية الخلافات الحقيقية، حضرت على إثر ذهاب الناطق باسم حركة الحوثيين الانقلابية، محمد عبد السلام، إلى مدينة ظهران الجنوب، لعقد اتفاق مع السعودية، بمقتضاه تحدث تهدئة في الشريط الحدودي لعدة أشهر، ونزع للألغام وتبادل للأسرى، إلا أن عبد السلام كان ذاهبا للمفاوضات منفردا، ولم يكن مشركا معه أحدا من أطراف المخلوع علي عبدالله صالح، وكذلك تنازل الحوثيون عن شرط لقائه بالمجلس السياسي الأعلى، وهو ما جعل أعضاء في الوفد التفاوضي من حزب صالح يقاطعون تلك الجلسات، وكان من بينهم ومنهم الأمين العام المساعد للمؤتمر ياسر العواضي.
وليس هذا فحسب، بل أستفز الحوثي صالح أكثر، عندما قام محمد عبد السلام المتحدث باسم الانقلابيين، بالذهاب مرة أخرى إلى عمان، وذلك لمقابلة وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، بالإضافة إلى مسئولين سعوديين أيضا، تاركين ممثلو صالح في صنعاء، وهو ما أثار خلافات قوية بدت تشتد أكثر فأكثر بين الحوثي وصالح.
صالح يشن هجوما
وكنتيجة طبيعية لما يحدث من شقوق في العلاقات بين الحوثي وصالح، شنّ المخلوع هو الآخر، هجوما لاذعا، ضد أحد قيادات جماعة الحوثي، دون أن يسميه، رجحت بعض وسائل الإعلام أنه القيادي الحوثي، مهدي المشاط، مدير مكتب زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، الذي نال قسطا وافرا من الهجوم الشديد بواسطة المخلوع صالح، حيث اتهمه بأنه مندس وعميل مقنع، بحسب تعبيره.
ووصف صالح مدير مكتب زعيم جماعة الحوثي، في منشور له على وسائل التواصل الاجتماعي أنه صغير وسيظل صغيراً، مؤكدا إنه حاول ارتداء أقنعة ليست بمقاساته، وأنه يحمل في قلبه حقد وانتقام على هذا الوطن.
ويذكر أنه طيلة الأشهر الماضية، كانت تنشب حروب كلامية بين الجانبين، وخصوصاً بين القيادات الصغرى، فيما كان يعمل القيادات الكبرى على ضبط الأوضاع وتهدئتها.
المخلوع يبحث عن مخرج
وبعد بروز هذه الخلافات الحادة والشديدة، يحاول على عبدالله صالح الخروج من هذه الأزمات الحالكة، التي تتسع بينه وبين الحوثيين الانقلابيين، تجسد هذا في لجوء صالح إلى إيران قبل أيام قليلة، ليقطع على نفسه وعدا جديدا، بأن يكون حليفهم، من خلال تنفيذ مشروعهم في اليمن، والتحكم في باب المندب، مقابل دعمهم إياه في مواجهة جماعة الحوثي.
وبحسب موقع "24 الإخباري"، أكد أن صالح، وعد الإيرانيين أيضا بقدرته الشديدة في إخضاع جنوب اليمن للسيطرة الإيرانية، إلا أن الجانب الإيراني لم يأبه لكلامه ولم يلتفت له، ليلجأ صالح إلى إظهار خلافاته مع الحوثيين.
ويبدو أن صالح لم ييأس، إذا لم يكتف باللجوء إلى إيران، بل ذهب مرة أخرى إلى من نجاه في السابق، بالمبادرة الخليجية، وهي المملكة العربية السعودية، حيث كشفت المصادر، أن "صالح يحاول الدخول في تسوية سياسية مع السعودية، بواسطة روسيا وعمان، إلا أن المملكة العربية السعودية، رفضت تماما الحديث مع المخلوع صالح، فيما أكدت مصادر أن الحوثيين شعروا بغدر من قبل صالح، حيث كان يسعى إلى حل يسلم بموجبه الحوثيون أسلحتهم لقوات الحرس الجمهوري التي تتبعه، وهو الأمر الذي جعل الحوثيين ينقلبون عليه ويعتبرونه عدوا جديدا.
حلف الحوثي وصالح مؤقت والمخلوع يلجأ لروسيا
ويؤكد محمود الطاهر، الكاتب الصحفي اليمني، والمتخصص في الشأن السياسي، أنه بالفعل هناك العديد من الخلافات بين صالح والحوثي، ظهرت في الأيام الأخيرة، إلا أنها ليست بالخلافات الحادة في هذا التوقيت الحالي.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن الاختلاف بين صالح وبين الحوثي، يأتي سياسيا، حول عدم استكمال الاتفاقيات المعلنة بينهم في يوليو الماضي، وهو تشكيل المجلس السياسي الأعلى، ومنها حل اللجان الثورية الحوثية بالكامل، وعليه بدأت الخلافات بين الجانبين.
وكشف الطاهر، أن المخلوع علي عبد الله صالح يحاول الآن التقرب من روسيا، والقيام بعلاقات معها، بحيث تفضي هذه العلاقات إلى تدخل روسي في اليمن، وهو المنتظر في الأيام المقبلة.
وشدد الطاهر، أن التحالف بين الحوثي وصالح، يظهر مؤقتا، ويعد شهرعسل على حسب وصفه، وأن الأيام المقبلة ستشهد بالتأكيد خلافات متصاعدة فيما بينهم.
صالح يرقص رقصة الموت الأخيرة
ويعتقد الدكتور مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن على عبدالله صالح يرقص رقصة الموت الأخيرة، في ظل خسرانه الشديد الكثير من الجبهات التي كان يتلاعب على حسها في الأيام الماضية، موضحا أن صالح باتت أيامه معدودة في اليمن.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن على عبدالله صالح لجأ إلى المملكة العربية السعودية، إلا أن السعودية تعلمت كثيرا من الدروس في تعاملها مع المخلوع صالح، وبالتالي فإن هذا سيجعل صالح فرصه قليلة في التواجد بعد بروز الخلافات مع الحوثيين أقرانه.
وعن الخلافات الحوثية مع صالح، شدد غباشي، أن هذا التحالف برزت خلاله خلافات حادة بين الجانبين، وهو ما سيغير كثيرا في السياسات المقبلة بين الجانبين، إذا باتا الطرفين لا يأمنان لبعضهما.
صالح يلعب بالنار
الدكتور سعيد اللاوندي المتخصص في الشأن السياسي الدولي، أكد أيضا أن علي عبدالله صالح يلعب الآن بالنار، موضحا أن صالح بات يطرد من الملعب نهائيا، خاصة أن الجميع يعلم أنه يتلاعب كثيرا بمن يتحالف معهم.
وعن الخلافات الحوثية مع صالح، أوضح اللاوندي في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هذه الخلافات ستمتد كثيرا في الأيام المقبلة، وسيكون لها تأثيرات قوية على الجانبين وتحالفهم الكائن حاليا.
وأكد إن صالح يرقص بالفعل رقصة الموت الأخيرة، بعد ما أصبح مطرودا من قبل الكثيرين، ومنها السعودية، وغيرها من الأطراف الأخرى، مثل إيران التي تناقلت الأخبار بشأنها أن صالح يريد أن يكون حليفا لهم، بحيث يأخذ دور الحوثي في اليمن، إلا أن إيران رفضت هذا، مما يعقد المشهد أمام صالح.