بعد طلب "أندريه شيبهِرد" اللجوء إلى ألمانيا.. تعرف على التاريخ المخذي للجنود الأمريكان بين الهروب والانتحار
لطالما صدّر إلينا
أنه الجيش الأقوى في العالم، يصول ويجول بترسانته العسكرية، ليكون في المقدمة دائما، لسلب ونهب ثروات الآخرين، إنه الجيش الأمريكي، الذي
تصفه المعلومات والدراسات، أنه يمتلك أقوى أسلحة في العالم، يستطيع من خلالها تدمير
الدول، واحتلالها في ثوان معدودة، لكن يبدو أن ذلك من باب الاستعراض، واللعب على تصدير
الصورة الذهنية، والحرب الإعلامية، التي يصنع فيها العمالقة وهم بالحقيقة أقزام، فالجيش
الأمريكي، يمتلك أقوى الأسلحة العسكرية، لكن لا يمتلك جنوده العقيدة التي تجعلهم، ثابتين
في أوج المعارك الطاحنة، إذا أن الحروب لا يمكن حسمها فقط، بالأسلحة وإنما لابد لها
من قوة برية بشرية.
الحديث عن الروح
المعنوية في هذا التوقيت للجنود الأمريكان، أعاده اليوم، الجندي الأمريكي، أندريه شيبهِرد،
الهارب من الخدمة العسكرية، من الجيش الأمريكي، والذي تناقلت الصحف أخباره، حيث يأمل في الحصول على لجوء سياسي في ألمانيا.
شيبهرد، الذي يلاقي
معاناة كبيرة في اللجوء السياسي لألمانيا، لديه قضية أمام المحكمة الإدارية في ميونخ،
أمس الأربعاء، بعدما علقت المحكمة النظر في القضية عام 2013 وأحالتها لمحكمة العدل
الأوروبية، للحصول منها على تفسير للوائح متعلقة بقانون اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
إني على حق
يرى شيبهرد، أنه
على حق، عندما هرب من الجيش الأمريكي، قائلا
"أنا متأكد 100% من أني على حق"، موضحا أن أسباب هروبه، تتعلق بالضمير الإنساني، بحيث ينأى، بنفسه عن الحرب
التي شنتها القوات الأمريكية على العراق، بحسب قوله، وكان هروبه في العام 2007، من
قاعدته العسكرية في ولاية بافاريا الألمانية.
الروح المعنوية
صفر
ربما يكون شيبهرد،
أحد الجنود اللذين نأوا بأنفسهم عن الحرب العراقية الأمريكية، التي محص فيها الجيش
الأمريكي، والذي انقلب بعدته وعتاده، ساخرا من العرب، معلنا باستفزاز شديد حربه المقدسة
على العراق، عام 2003، وبرغم التدمير الذي لاحق العراق، اثر الاحتلال الأمريكي، إلا
أن هذه الحرب، أثبتت قوة وفاعلية المقاتل العربي، في تمتعهم بالروح المعنوية والعقيدة
القتالية، مهما كان ضعفهم، وهو ما جعل الولايات المتحدة تخسر الكثير من جنودها في هذه
المعركة، ليس عن طريق القتل فحسب، وإنما بانهيار الروح المعنوية، والخوف من القتال،
لينتهي الحال بجنودهم، ما بين طالب للجوء وما بين مفقود وما بين منتحر.
الأرقام تتحدث
عن هروب الجنود
يعيد الجندي شيبهرد
الذي يتمنى الحصول على لجوء إلى ألمانيا، بأذهاننا إلى الوراء لتذكر النكسات والويلات
التي عايشها الجيش الأمريكي في العراق، من هروب، وانتحار لجنوده، وهو ما كشف عنه برنامج
'60 دقيقة' الشهير الذي تقدمه شبكة CBS
الأمريكية، وقت احتلال الولايات المتحدة للعراق، من أن ما يقرب من 5500 جندي أمريكي، فروا هاربين من الجيش منذ بدء
الحرب على العراق.
ولم يتوقف الأمر
على مجرد إذاعة تلك الحقائق على شبكة CBS
الإخبارية، ائنذاك وإنما قامت وزارة الدفاع الأمريكي بعدها، بالتأكيد
على هذا الرقم، موضحة أن أكثرية الجنود الهاربين كانوا من القوات البرية الأمريكية،
وقوات المارينز الخاصة، خوفًا من الذهاب إلى
العراق، والانخراط في الحرب العراقية.
الجنود يهربون
بمساعدة عصابات كردية
وفي تاريخ 29
– 9- 2003، نشرت وكالة أنباء الشرق الأوسط، تقارير أكدت فيها، هروب عشرات الجنود الأمريكان
يوميا، إلى دول مجاورة في مقدمتها تركيا وإيران، بمساعدة من عصابات التهريب الكردية
النشطة في المناطق الحدودية مع دول الجوار.
وأوضحت الوكالة
أئنذاك ، أن هؤلاء الجنود كان معظمهم من أبناء دول أمريكا اللاتينية، فيما أكدت أيضا
أن عصابات التهريب التي كانت تساعدهم كانوا من الأكراد، وكانوا يحصلون على 1000 دولار،
مقابل تهريب جندي واحد، والحصول على ملابس مدنية، وكذلك الحصول على جواز سفر، يمكنه
في النهاية إلى الدخول لدولة أخرى مجاورة.
وذكرت أنباء الشرق
الأوسط أيضا، نقلا عن مصادر وقتذاك ، أن هؤلاء الجنود الهاربين، كانوا يحلمون دائما
بالعيش في أمريكا، إلا أنه سرعان ما تبدد حلمهم، بسبب الكابوس الذي لاحقهم في العراق،
حيث أكد مراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط، حينها، أن معظم الجنود الأمريكيين الذين التقى
بهم، كانوا يعربون عن خوفهم الشديد، والرعب الحاد، من أي هجوم مفاجئ يحولهم إلى قتلى.
شهادت الجنود الهاربين
حاولت شبكة سي بي اس الأمريكية، التعرف على الأسباب التي
جعلت الجنود الأمريكيين، يهربون من العراق تاركين، جيشهم، خوفا من الموت، فأجرت مقابلات
عدة مع بعض الجنود، كان أبرزهم حينذاك، الجندي
دانفيلوشكو، الذي كان يبلغ من العمر 24 عاما ، حيث علّق على هروبه قائلا " لقد
هربت من الذهاب إلى العراق لأنني ببساطة لم أرد أن يكتب على قبري في يوم من الأيام
عبارة "مات مخدوعًا في العراق"، مؤكدا أن الحرب بلدهم الولايات المتحدة على
العراق كانت خطأ جسيم.
الجندي فيلوشكو،
الهارب أيضا من صفوف الجيش الأمريكي، أعرب عن خوفه العميق من فترة وجوده في العراق،
وكان فيلو شكو، من الجنود الذين هربوا إلى تورنتو بكندا، ويتحدث معلقا على هروبه، معترفا
لمراسل سي بي اس سكوت بيلي ، بعد ما وجه إليه سؤاله، كيف تشعر الآن وأنت في تورنتو
بكندا وزملاؤك من الجنود الأمريكيين يموتون في العراق؟ هذه المشاهد تجعلني أشعر بالصراع
الداخلي مع الآم في داخل نفسي ولكنني رغم ذلك لا أشك في أن قراري كان صائبًا"
وحمّل
الحكومة الأمريكية
ائنذاك المسؤولية كاملة عن أرواح هؤلاء الجنود الذين قتلوا بالعراق .
انتحار الجنود
الأمريكيين
ولم يتوقف الأمر
على هروب الجنود الأمريكيين، وإنما بات الانتحار ينتشر أيضا في الجيش الأمريكي، كانتشار
النار في الهشيم، حيث تحدثت في هذا الدراسات وبعض التقارير ومنها ما نشر في جريدة الاقتصادية
السعودية بتاريخ الأحد 16/8/2009، حيث أكدت أن الانتحار يعد من الأسباب الجوهرية في
صفوف الجيش الأمريكي، بالنسبة لحالات الوفاة.
وأوضحت الصحيفة
وفقا لتقارير أمريكية، أن حالات الانتحار بين أفراد الجيش الأمريكي، قد تزايدت بصورة
واضحة، في أعقاب المواجهات في العراق وأفغانستان.
وذكرت إحدى الدراسات أن معدل الانتحار بين الجنود الأمريكيين
، الذين تقل أعمارهم عن 24 عاما يبلغ حوالي
ضعفين إلى 3 أضعاف معدل الانتحار بين المدنيين من نفس العمر، فمن بين كل 100 جندي حاولوا الانتحار كان هناك 94% منهم يعانون
من الاكتئاب، و 67% منهم كان لديهم محاولات سابقة أو ميل نحو الانتحار، وفقا لدراسات
أخرى أجريت في هذا الجانب.
وفي تقارير قام
بها الجيش الأمريكي أثبت أيضا، أن عدد الجنود الذين انتحروا عام 2007، بلغ عددهم حوالي
115 جندي، فيما أكدت أن عام 2008 كان أسوأ أعوام الانتحار بين الجنود، والذي تراوح
فيه أعداد المنتحرين ما بين 19-20 لكل 100 ألف حالة، وهنا كانت الكارثة الكبرى حيث
تساوى الجنود مع المدنيين في حالات الانتحار.
وفي آخر الإحصائيات، نشرت صحيفة الجارديان البريطانية
إحصائيات دقيقة عن انتحار الجنود الأمريكان، حيث أكدت تزايد معدلات الانتحار بين جنود
الجيش الأمريكي خلال العام 2012، والتي سجلت رقما قياسيا وصل إلى 349 حالة، مؤكدة أن
كل عام يمر على الجيش الأمريكي، تزدد فيه حالات الانتحار عن ذي قبل.
والجدير بالذكر
أن باراك اوباما قال معلقا عن حالات انتحار الجنود ،" إن انتحار الجنود الأمريكيين،
تعد أخبار سيئة للغاية، والتي ترتبط بمدى سوء الحرب العراقية التي أثقلت على الجنود
وعلى أسرهم".
وتعهد أوباما أنه
سوف يوفر متخصصين نفسيين للجنود، كما سيرفع مستويات التدريب النفسي للتعرف على أسباب
تفشي حالة الانتحار، بين الجنود.