400 ألف طفل توحدي في السعودية يواجهون ندرة المتخصصين في علاجهم

السعودية

السعودية - أرشيفية
السعودية - أرشيفية


كشف "الدكتور حسين الشمراني" استشاري نمو وسلوك الأطفال بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، لـ"سبق"؛ عن النقص الشديد في عدد المختصين والعيادات التي تتعامل مع مشاكل وصعوبات الأطفال؛ كالتوحد، وفرط الحركة، وغيرهما، مع أن الإحصاءات تشير إلى ازدياد ملحوظ في عدد حالات التوحد واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.

وقال "الشمراني": تشير توقعات المختصين إلى وجود ما يقارب ٤٠٠ ألف طفل توحدي في السعودية، والدراسات العلمية تشير إلى ارتفاع ملحوظ في نسبة الأطفال المصابين بمرض فرط الحركة وتشتت الانتباه، فبينما نسبة الإصابة كانت في السابق من 3% إلى 7%، تشير الدراسات الحديثة إلى أن النسبة تصل إلى 9.5% بين الأطفال في المرحلة العمرية من 4- 17 سنة عالميًّا، ولفت "الشمراني" إلى تفاوت نسبة الانتشار في المملكة. ومحليًّا تشير الدراسات إلى نسب تصل إلى 15٪‏ تقريبًا.

وتابع: مشاكل وصعوبات الأطفال السلوكية والنفسية والنمائية تحتاج إلى فريق طبي متخصص للتشخيص والتقييم والعلاج، وهذا يتطلب فريقًا متعدد التخصصات حاصلًا على تدريب كافٍ للتعامل معها، وهذا يشمل طبيبًا نفسيًّا للأطفال وليس "للبالغين"، أو طبيب نمو وسلوك أطفال، وكذلك يفضل وجود فريق طبي يشمل أخصائيين نفسيين وأخصائيي نطق وتخاطب وأخصائيي تربية خاصة وأخصائيي علاج وظيفي وتكامل حسي، وغيرهم بحسب حالة الطفل.

وأضاف "الشمراني" في حديثه لـ"سبق": ما يلاحظ حاليًا أنه للأسف هناك من يعمل في هذه التخصصات دون الحصول على تدريب وتأهيل كافٍ؛ مما ينتج عنه أخطاء في التشخيص والعلاج وينعكس سلبًا على حالة الطفل والأسرة، وقد رأيت في عيادتي حالات كثيرة لم تشخص بشكل صحيح مبكرًا؛ كون البروفيسور أو الطبيب النفسي متخصصًا في علاج البالغين وليس الأطفال، وللأسف أنه يتم استغلال حاجة الأهل ولا يتم توجيههم للأطباء المختصين.

وأوضح: من الخطأ تطمين الأهل بأن الطفل سليم بالرغم من وجود أعراض كالتوحد، فهذا يعد خطأً طبيًّا؛ حيث يؤخر علاج الحالة ويفقد الطفل فرصة الاكتشاف والتدخل المبكر الذي يحقق أفضل النتائج، كذلك مرت عليّ حالات تم تشخيص الطفل فيها بأن لديه توحدًا مع أن الطفل طبيعي أو لديه تأخر لغوي.

وأكمل: بالتالي ينتج عنه خطأ في طريقة العلاج والتدخل، كما أنه يعد خطأً طبيًّا يستحق التحقيق والمحاسبة، ولا سبيل إلى تلافي ذلك إلا بالتأكد من تدريب وتخصص كل طبيب، وأن يكتب تخصصه بشكل واضح في العيادة وما هي الحالات التي يعالجها، مع وجود رقابة من وزارة الصحة للتأكد من التطبيق والالتزام، كذلك التأكد من وجود أنظمة وقوانين وأخلاقيات للمهنة يجب أن يلتزم بها العاملون في مجال الصحة النفسية.

وقال: لا يوجد طبيب يعالج كل الحالات أو يفهم في كل شيء؛ فالطبيب الاستشاري أو البروفيسور هو استشاري أو بروفيسور في تخصصه وليس في كل التخصصات، فهذا عصر التخصص، بل التخصص الدقيق. ما يحدث حاليًا هو أشبه بالفوضى التي تزيد من معاناة الأسرة والطفل بأخطاء في التشخيص والعلاج، ولا بد من وقفة جادة من الجهات المسؤولة.

واختتم: من المعلوم أن السنوات الأولى من العمر تعد سنوات ذهبية لتعلم اللغة وتطور مهارات الطفل المختلفة، فإذا لم يتم تشخيص الطفل وعلاجه مبكرًا فإنه يفقد فرصة كبيرة في التحسن، ويصعب جدًّا تعويضها بعد ذلك، هذه الأخطاء لو تمت في دول متقدمة لتم رفع قضايا تعويض بمبالغ خيالية، ولتمت محاسبة الطبيب. وكذلك من التجاوزات مثلًا ما يمارسه بروفيسور طب نفسي من استخدام "تويتر" في التشخيص وصرف وتعديل جرعات الأدوية، وهذا تجاوز خطير لأخلاقيات الطب فلا بد من تقييم المريض في العيادة وأخذ التاريخ المرضي والتقييم الإكلينيكي، وربما عمل بعض الاختبارات والمقاييس النفسية بحسب الحالة.