أسئلة تطرحها إسرائيل على "ترامب"
واصلت إسرائيل
الابتهاج بانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة وبـ«التخلص» من خصمها هيلاري
كلينتون، فقد بات بإمكانها أن تدفع قدماً نحو مزيد من الاستيطان وقضم الحقوق الفلسطينية،
بل الاستبشار بإنهاء فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، حتى إن كانت الأخيرة مجرّدة
من مقومات الدولة.
وما بعد الابتهاج
الإسرائيلي المنطلق منذ انتخاب دونالد ترامب، وفي موازاته، برزت في اليوم الثاني لانتخابه،
مروحة من الأسئلة بلا إجابات، حول توجهات الرئيس الأميركي الجديد بشأن القضايا والمصالح
الإسرائيلية الإقليمية، التي لا تقل أهمية في نظر الإسرائيليين عن «المسألة الفلسطينية».
نعم، ترامب أكثر
راحة من باراك أوباما، وأكثر صراحة في ما يتعلق بالاحتلال، بل يرفض توصيفه احتلالاً،
لكن الاختلاف الفعلي بين القديم والجديد أميركياً لا يعدو كونه اختلافاً لفظياً، إذ
لم يقْدم أوباما على «أذية» إسرائيل على خلفية فلسطينية، بما يتجاوز المواقف اللفظية،
بل كان أكثر سخاء من بين الرؤساء الأميركيين، الذين تعاقبوا على البيت الأبيض. أمّا
أسئلة إسرائيل في اليوم الثاني للانتخابات، عما يتجاوز إطلاق اليد الإسرائيلية في الأراضي
الفلسطينية، فلم تجد إجابات يوم أمس: ماذا عن الوضع في سوريا، وعن إمكان «بيع» الإقليم
لروسيا؟ وماذا عن تنامي تهديدات أعداء إسرائيل والمحور الإيراني في سوريا والإقليم،
بلا رادع منظور؟ وماذا عن الاتفاق النووي الإيراني، وهل بإمكان ترامب ــ الرئيس أن
ينفذ تعهدات ترامب ــ المرشح؟ هذا جزء من أسئلة، ما بعد الابتهاج الإسرائيلي بفوز ترامب،
المصحوبة بضبابية وقلق من الآتي.
محاولة الإجابة
عن هذه الأسئلة، لم تخل من ضبابية وأسئلة مضادة. صحيفة «هآرتس» أشارت أمس، في تحليلها
لانتخاب ترامب، إلى أن اللغز، بالنسبة إلى القادة والمحللين السياسيين على الحلبة الدولية،
يتعلق بسلوك ترامب المرتقب ما بعد دخوله البيت الأبيض، منبهة إلى أن خطاب الانتصار
الذي ألقاه بعيد إعلان فوزه، لا يشير إلى الكثير، كما أن المعروف عنه أن خبرته في السياسة
الخارجية محدودة جدا، ومواقفه تتقلب على الدوام، بجانب أن «افتقاره الى الخبرة وكذلك
الكادر المحيط به، يجعل من الصعب توقع خطواته».
ولفتت «هآرتس»
إلى أن أصوات الفرح والبهجة، وأيضا «التحليل الموحد لوسائل الإعلام العبرية»، جاءت
زائدة على حدها، وفيه ردّ فعل مبكر عما سيقدم عليه ترامب. ووفق الصحيفة، «نعم، مداميك
العلاقة الاستراتيجية بين إسرائيل وأميركا ستبقى كما هي من دون علاقة بهوية الرئيس
الأميركي، لكن كل شيء في موازاة ذلك، ما زال مفتوحا من جهة ترامب».
وعمّا يمكن توقعه
ضمن المتوافر من معطيات، خارج القضية الفلسطينية، قالت «هآرتس» إن «أوكرانيا ودول البلطيق
التي تهددها روسيا، ستضطر في كانون الثاني إلى مواجهة رئيس أميركي لا يخفي تأييده
(للرئيس الروسي فلاديمير) بوتين. كما أنه بإمكان موسكو و(الرئيس السوري بشار) الأسد،
خلال الأيام المقبلة، أن يستأنفوا الحرب في سوريا وعملياتهم العسكرية في حلب، فمن المشكوك
فيه أن يتمكن أوباما الآن من تجنيد القوى لوقف العمليات في المدينة».
كذلك، وصّفت صحيفة
«يديعوت احرونوت» ترامب بـ«اللغز»، ونقلت عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، تأكيدهم
أن «الرجل يحب إسرائيل، لكن يصعب جدا توقع سلوكياته». ويضيفون: «لا يمكننا أن ننسى
تصريحاته خلال حملته الانتخابية، عن أنه يفضل المصلحة الأميركية أولا، وأن الدول ستضطر
إلى الدفع مقابل المساعدة الأمنية التي تتلقاها من أميركا، بما في ذلك إسرائيل». وصحيح
أنه تراجع عن ذكر إسرائيل بالاسم، «لكن الأضواء الحمر مشعلة هنا».
وبالنسبة إلى الوعود
التي أطلقها، تضيف الصحيفة، «لا يوهمنّ أحد نفسه بإمكان تنفيذها: نقل السفارة الأميركية
إلى القدس، وإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وزيادة المساعدات الأمنية والاعتراف بضم
المستوطنات»، لكنها ترى أن ترامب، الذي لن يعدّ الاستيطان شرعيا، لن يبادر إلى شجبه
في كل مناسبة.
صحيفة «إسرائيل
اليوم»، المقربة من بنيامين نتنياهو، ذكرت بدورها أن نتيجة الانتخابات الأميركية، للرئاسة
أو مجلسي الكونغرس، جاءت لتصب في مصلحة إسرائيل. لكن السؤال الكبير هو: «هل سينفذ ترامب
ما وعد به إسرائيل؟». تقول: «لدى الحديث عن (هيلاري) كلينتون كان بالإمكان توقع سياساتها
مسبقا، بما في ذلك شؤون الشرق الأوسط ومواجهة روسيا والصين وكذلك في الموضوع الفلسطيني،
إذ ما كان ليتوقع لها أن تحيد كثيرا عن سياسات أوباما. أما من جهة ترامب، فما الذي
نعرفه سياسته الخارجية: ليس الكثير... لقد قال ما سرّ الاذن الإسرائيلية، لكن علينا
انتظار المستقبل، لنرى إن كان سينفذ وعوده».