مي سمير تكتب: الملفات السرية للمشاهير بالـ "FBI"
من ستيف جوبز إلى مارلين مونرو وإليزابيث تايلور
عندما يختلط الفن بالسياسة، تحمل التفاصيل عادة عنوان «سرى للغاية»، وعندما يلعب المشاهير دوراً محورياً فى قضايا الأمن فإن كواليس أدوارهم تبقى غالباً خلف الستار بعيداً عن الأعين، ولهذا تصبح ملفات نجوم الفن والمشاهير فى أروقة أجهزة الأمن هى الأكثر إثارة، فى هذا الإطار نشرت المباحث الفيدرالية الأمريكية، عدداً من ملفات المشاهير لدى الوكالة الأمنية الأشهر فى الولايات المتحدة الأمريكية لتلقى الضوء على جانب خفى فى حياة هؤلاء النجوم، وحملت هذه الملفات فى وسائل الإعلام اسم «المدفن الأسود»، وتضمنت تفاصيل الأسباب التى جمعت بين هؤلاء المشاهير وبين المباحث الفيدرالية.
1- المباحث الفيدرالية: جوبز شخصية ماكرة يقلب الحقائق
تعارض طريق ستيف جوبز، مع المباحث الفيدرالية، وتضمن «المدفن الأسود» ملفاً كاملاً عن مؤسس شركة آبل الراحل، الرجل الذى غير شكل العالم بابتكاراته التى لاتزال تشكل أسس التواصل والاتصال.
فى عام 1991، أجرت المباحث الفيدرالية تحقيقات حول جوبز تضمنت جمع معلومات مختلفة عن كل ما يتعلق بالرجل، بدءاً من خلفيته العائلية، مرورا بصداقاته وكواليس عمله فى شركة آبل.
وكان السر وراء تلك التحقيقات هو ترشيح جوبز، وهو سورى الأصل عرضه والداه للتبنى بمجرد ولادته، لكى ينضم لمجلس الصادرات الخاص بالرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت بوش الأب، وكانت النتيجة التى توصلت إليها تلك التحقيقات مثيرة للغاية، حيث أشار المسئولون عن هذا التحقيق إلى أن عدداً من الأشخاص الذين تم استجوابهم بشأن جوبز، وصفوه بأنه شخص ماكر ولديه قدرة على التلاعب بالحقائق وتزوير الوقائع من أجل تحقيق أهدافه، وفى هذا التحقيق الذى يبدو أنه كان سرياً اعترف جوبز الذى توفى فى عام 2011 أنه كان يتناول أقراص الهلوسة فى مرحلة المراهقة، ووصف تناوله لهذه الأقراص بالتجربة الإيجابية التى غيرت حياته.
2- تهديدات من أحد المعجبين فى ملف ويتنى هيوستن
وبين ملفات المشاهير فى «المدفن الأسود» من السهل العثور على اسم ويتنى هيوستن التى تعد واحدة من أهم نجمات الغناء بالولايات المتحدة فى العقود الأخيرة.
المغنية السمراء التى تحولت إلى ظاهرة عالمية بعد عرض فيلمها الشهير «الحارس الشخصى» مع الممثل الشهير كيفين كوستنر فى بداية التسعينيات، كانت تلعب دور البطولة فى مجموعة من التحقيقات فى المباحث الفيدرالية.
عرفت حياتها الشخصية والفنية كثيراً من المنحنيات، انتهت برحيلها عام 2012 بعد غرقها فى حوض الاستحمام بمنزلها فى بيفرلى هيلز حيث كانت تعانى من مرض فى القلب إلى جانب تعاطيها للمخدرات.
وكانت المباحث الفيدرالية قد فتحت باب التحقيق فى عام 1988 بعد تلقى ويتنى هيوستن بعض خطابات التهديد من ضمنها 79 رسالة حب أرسلها أحد المعجبين بجنون بالمغنية السمراء، بالإضافة إلى التحقيق فى محاولة ابتزاز تعرضت لها النجمة من قبل أحد أصدقائها الذى طلب منها 250 ألف دولار، مقابل عدم الكشف عن أسرار مشكلاتها الزوجية مع شريك حياتها بوبى بروان.
3- تحريات حول مالك فريق بيسبول أحد داعمى نيكسون
هو واحد من أشهر رجال الأعمال فى الولايات المتحدة، وكان المالك الرئيسى والشريك الإدارى لفريق نيويورك يانكيز الذى يلعب فى دورى البيسبول، والذى تعد ملكيته للفريق على مدار 37 عاماً من 1973 إلى وفاته فى يوليو 2010، هى الأطول فى تاريخ النادى العريق، وحصل معه اليانكيز على 7 ألقاب بطولة العالم، كما لعب جورج ستينبرنر دوراً رئيسياً فى صناعة الملاحة الأمريكية.
ملفات رجل الأعمال الأمريكى جورج ستينبرنر فى المباحث الفيدرالية، هى أكبر دليل على العلاقة غير الشرعية التى تربط عادة بين كواليس صناعة القرار فى واشنطن، وبين عالم المال والأعمال. فى عام 1986 فتحت المباحث الفيدرالية باب التحقيق فى إسهامات ستينبرنر غير الشرعية فى الحملة الانتخابية الرئاسية للرئيس الأمريكى الأسبق ريتشارد نيكسون فى سبعينيات القرن الماضى، واعترف ستينبرنر بارتكابه هذه الجريمة وتم الحكم عليه بدفع كفالة قدرها 15 ألف دولار، المثير أن الرئيس الأمريكى فى الثمانينيات، رونالد ريجان حرص فى نهاية عهده عام 1989 على إصدار قرار بالعفو عن ستينبرنر كواحد من آخر القرارات التى اتخذها كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، ما يعكس النفوذ الذى كان يتمتع به جورج ستينبرنر فى أروقة الحزب الجمهورى.
4- رصد علاقة جون دنفر بالمنظمات المناهضة للحرب
فى عالم موسيقى الكونترى، يعد جون دنفر واحداً من أشهر الأسماء خاصة فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، ولاتزال أغانيه تتمتع بشعبية كبيرة فى الولايات المتحدة الأمريكية، حمل أحد ملفات المباحث الفيدرالية اسم جون دنفر الذى بدأت التحقيقات بشأنه منذ عام 1971 بسبب مشاركته فى مسيرة للسلام ورفعه شعارات مناهضة للحرب الأمريكية فى فيتنام، وأشارت هذه التحقيقات الأولية إلى تناوله للمخدرات.
وفى الفترة من 1977 إلى 1990 أجرت المباحث الفيدرالية مجموعة من التحقيقات ظهر فيها اسم دنفر ومن ضمنها تلقيه 17 تهديداً بالقتل من قبل سيدة من أصول ألمانية.
5- هيلين كيلر تحت عيون الإف بى آى بسبب معارضتها للرئيس
ولا يقتصر عالم المشاهير على رجال الأعمال أو نجوم الفن والغناء، حيث تضمنت ملفات «المدفن الأسود» للمباحث الفيدرالية، ملفاً يحمل اسم هيلين كيلر أول سيدة صماء وعمياء تتخرج فى الجامعة. السيدة التى اعتبرها العالم نموذجاً فريداً للإرادة البشرية ولاتزال قصة حياتها مصدراً لإلهام الكثيرين، لفتت أنظار المباحث الفيدرالية فى بداية القرن العشرين بسبب آرائها المعارضة للرئيس الأمريكى فى ذلك الوقت ودرو ويلسون، بجانب دعمها لحق المرأة فى تناول حبوب منع الحمل، وهى إحدى القضايا الشائكة فى المجتمع الأمريكى فى بداية القرن العشرين، كما ساهمت فى تأسيس الاتحاد الأمريكى للحريات المدنية والذى كان يعد- من وجهة نظر الوكالات الأمنية الأمريكية- بمثابة كيان متطرف.
6- آن نيكول سميث ومؤامرة للقتل
عرفت آن نيكول سميث الشهرة على غلاف مجلة البلاى بوى الشهير، وحققت النجومية التى طالما حلمت بها عندما قدمت واحداً من أوائل برامج تليفزيون الواقع فى عام 2002، والذى حمل أسمها آن نيكول شو، وأدركت نيكول المعنى الحقيقى للثراء عندما تزوجت من رجل الأعمال الأمريكى، هوارد مارشال، أحد أباطرة صناعة البترول فى أمريكا، والذى كان يكبرها بما يقرب من 60 سنة، وهى الزيجة التى لم تستمر سوى لعامين وانتهت برحيل الزوج الذى ترك ثروة ضخمة لأرملته، ولكن آن التى رحلت عن عالمنا عام 2007 وكانت لاتزال فى الـ39 من عمرها لعبت أيضاً بطولة أحد تحقيقات المباحث الفيدرالية حيث أثيرت حولها شكوك بشأن تورطها فى مؤامرة لقتل ابن زوجها فى عام 2000، وكانت معركة قضائية نشبت بين آن وبيرس الابن الأكبر لهوارد مارشال حول ثروة والده.ولكن المباحث الفيدرالية أغلقت هذا التحقيق سريعاً لعدم وجود أدلة كافية تكشف تورط آن فى مثل هذه المؤامرة، ورحلت آن عن الحياة بعد تناولها جرعة زائدة من الأدوية المهدئة.
7- مارلين مونرو متهمة بالشيوعية فى ملفات أجهزة الأمن
مارلين مونرو، هى نجمة الإغراء الأشهر فى تاريخ هوليوود، وقد يعتقد البعض أن ملفها فى المباحث الفيدرالية يتضمن تفاصيل عن علاقتها الغرامية بالرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى أو شقيقه بوبى كينيدى، ولكن فى حقيقة الأمر فإن ملف مارلين مونور يتضمن تفاصيل أخرى عن توجهاتها السياسية.
أجرت المباحث الفيدرالية تحريات عن مارلين مونرو وزوجها الكاتب المسرحى آرثر ميلر الذى ارتبطت به فى الفترة من 1956 إلى 1961، حيث كانت هناك شكوك حول ميول ميلر الشيوعية وعلاقته بإحدى الجمعيات الماركسية التى تنشر أفكاراً متطرفة فى المجتمع الأمريكى.
ورحلت مارلين مونرو عن الحياة بشكل مفاجئ فى عام 1962، وكانت لاتزال فى الثلاثينات من عمرها حيث أثيرت كثير من النظريات حول وفاتها تأرجحت بين انتحارها أو قتلها على يد المخابرات المركزية بسبب تهديدها للرئيس الأمريكى بكشف تفاصيل علاقتهما الغرامية.
8- جاكى روبنسون.. لاعب كرة وشيوعى
كما اقتحمت المباحث الفيدرالية حياة نجوم الكرة فى الولايات المتحدة، مثل لاعب البيسبول الأمريكى جاكى روبنسون، الذى كان أول لاعب من أصول إفريقية يحترف فى الدورى الأمريكى، وتضمن ملف روبنسون تفاصيل عن علاقاته بالحزب الجمهورى ودعمه لعدد من قادته.
وفى عام 1966 حمل ملف آخر تفاصيل عمل نجم كرة القدم الأمريكية مع حركة الحقوق المدنية وعلاقته مع مركز تنظيم العمال الدولى والذى كان يعد بمثابة منظمة شيوعية فى ذلك الوقت.
9- والت ديزنى مخبر يكتب تقارير عن زملائه مقابل تسهيلات
من أكثر الملفات إثارة للجدل فى «المدفن الأسود»، الملف الذى يحمل اسم والت ديزنى، مؤسس شركة ديزنى الشهيرة ومبتكر شخصية ميكى ماوس وغيرها من الشخصيات الكارتونية الشهيرة.امتدت العلاقة بين والت ديزنى والمباحث الفيدرالى من عام 1933 إلى رحيل ديزنى عام 1963، طوال 30 عاماً عمل ديزنى كمخبر لصالح المباحث الفيدرالية، وكان يقدم تقارير دورية عن المشتبه فى ميولهم الشيوعية بين نجوم وصناع السينما فى هوليوود، فى المقابل حصل ديزنى على كثير من الامتيازات والتسهيلات كان من ضمنها السماح له بتصوير إحدى حلقات برنامج نادى ميكى ماوس فى المقر الرسمى للمباحث الفيدرالية فى واشنطن.
10- شارلى شابلن النجم المطرود من جنة أمريكا لشبهة الشيوعية
تضمن ملف مكون من ألفى صفحة التحريات التى أجرتها المباحث الفيدرالية حول أسطورة السينما الصامتة الأمريكية الممثل البريطانى الأصل شارلى شابلن، وبدأت هذه التحريات عام 1922 على يد جيه إديجار أحد أهم رموز الوكالة الأمنية ومبتكرة أسلوب إعداد الملفات عن الحياة السرية لمشاهير السياسة والحياة العامة لاستخدامها عند الحاجة من أجل الضغط عليهم.
كانت المباحث الفيدرالية تشك فى تعاطف شارلى شابلن مع الشيوعية وتم وصفه بأنه يمثل تهديداً محتملاً للأمن القومى الأمريكى، كما طلبت المباحث الفيدرالية من المخابرات البريطانية التجسس على شابلن، وعندما أصدر النائب العام الأمريكى عام 1952 قراراً بمنع دخول شابلن للولايات المتحدة الأمريكية أثناء عودته من رحلة إلى لندن، اتخذ شابلن قراراً بالانتقال مع زوجته أونا للحياة بشكل دائم فى سويسرا بعيداً عن ملاحقات المباحث الفيدرالية الأمريكية.
وبشكل عام، حرصت المباحث الفيدرالية على القيام بتحريات بشأن الميول السياسية للنجوم، مثل نجم الرقص فى أفلام الأربعينيات جين كيلى حيث أثيرت شائعات حول علاقته الوثيقة بتيار اليمين المتطرف.
ونفس الأمر ينطبق على مغنية الجاز الفرنسية الأصل جوزيفين باكر التى تمتعت بشهرة واسعة فى الملاهى الليلة الأمريكية بالعشرينيات وأطلق عليها لقب اللؤلؤة السمراء وملكة الجاز، ورغم ذلك خضعت لتحريات المباحث الفيدرالية التى كانت تشك أن لجوزفين ميولاً شيوعية، وأثبتت التحريات عدم وجود أى أدلة تدعم هذا الاتهام.
11- روك هدسون والحياة العاطفية المثيرة للجدل
لم تكشف المباحث الفيدرالية عن الملف الكامل لنجم السينما الأمريكية فى الخمسينيات والستينيات، ولكن التفاصيل الصغيرة التى تم نشرها تعكس تدخل الوكالة الكبيرة فى الحياة الشخصية للنجوم والمشاهير، فالتحريات التى أجرتها المباحث الفيدرالية يتعلق بالعلاقات العاطفية لروك هدسون والشائعات المتعلقة بميوله الجنسية، ورحل هدسون عن الحياة فى منتصف الثمانينيات مـتأثرا بإصابته بمرض الإيدز.
12- ألفيس بريسلى وابتزاز المشاهير
حمل 12 ملفاً فى «المدفن الأسود» اسم النجم الأسطورى ألفيس بريسلى، ورغم أن المباحث الفيدرالية لم تجر تحريات أو تحقيقات رسمية متعلقة ببريسلى إلا أن هذا العدد الضخم من الملفات تضمن تقارير متنوعة أغلبها نسخ من خطابات لجمهور حضر حفلات بريسلى، يعلق فيها على أداء النجم الغنائى، إلى جانب نسخ من موضوعات صحفية حوله، ومن غير الواضح لماذا قامت المباحث الفيدرالية بجمع مثل هذه المعلومات عن بريسلى الذى يبدو أنه كان يتعرض لمراقبة من قبل أجهزة الأمن الأمريكية وقد يرجع ذلك إلى الشعبية الكبيرة التى كان يتمتع بها.
ومثل غيره من نجوم هوليوود تعرض بريسلى للابتزاز، وبشكل عام شكلت قضايا الابتزاز التى يتعرض لها النجوم والمشاهير جزءاً كبيراً من ملفات المباحث الفيدرالية، وعلى رأس هؤلاء النجوم ستيف مكوين نجم أفلام السبعينيات وصاحب أعلى أجر فى تلك الفترة.
وتضم ملفات «المدفن الأسود» أسماء العديد من النجوم والمشاهير الذين وقعوا ضحايا للابتزاز مثل النجمة إليزابيث تايلور، فهناك ملف مكون من 154 صفحة يحمل اسمها يتضمن محاولات الابتزاز التى تعرضت لها فى الفترة من 1949 إلى 1987.
13- أسرار محاولة خطف جون كينيدى الابن فى ملفات المباحث الأمريكية
تضمن ملف للمباحث الفيدرالية تفاصيل تهديد بالاختطاف تعرض له جون كينيدى جونيور ابن الرئيس الأمريكى الراحل جون كينيدى، فى منتصف الثمانينات، كما ظهر اسم كينيدى الابن مرة أخرى فى تحقيقات أجرتها المباحث الفيدرالية حول رسالة تهديد وصلت إلى سيناتور أمريكى حملت توقيع كينيدى جونيور، وأثبتت التحريات أن ابن الرئيس الأمريكى الراحل لم يكن هو صاحب رسالة التهديد.
تكشف هذه الملفات عن الجانب الخفى لعمل الوكالات الأمنية الأمريكية التى يبدو أنها منشغلة بمراقبة النجوم والمشاهير، ورصد علاقاتهم العاطفية أو ميولهم السياسية أو حتى استغلالهم كمخبرين لها، والمؤكد أن هذه الملفات ما هى إلا جزء صغير تم الكشف عنه بينما الجزء الأكبر لايزال تحت غطاء من السرية.