اقتصاديون: "المركزي" استغل الشائعات في خفض سعر الدولار

الاقتصاد

طارق عامر- محافظ
طارق عامر- محافظ البنك المركزي


أربكت قرارات البنك المركزي، التي صدرت، أمس الخميس، الوسط الاقتصادي المصري، خاصة بعد أن سبقتها شائعات حول دراسة "المركزي" إمكانية إلزام البنوك بعدم قبول النقد الأجنبي مجهول المصدر، بالإضافة إلى قرار الاتحاد العام للغرف التجارية بوقف الاستيراد لمدة 3 أشهر ومنع شراء الدولار لمدة أسبوعين، عوضًا عن تصريحات رئيس الوزراء، شريف إسماعيل، خلال كلمته أمام بالبرلمان، باتجاه الحكومة نحو اتخاذ اجراءات إصلاحية للسياسات النقدية.
 
رصدت جريدة "الفجر" آراء عدد من الخبراء وأساتذة الاقتصاد، حول هذه القرارات، ومدى تأثيرها على الاقتصاد المصري، وأثرها على الأسعار، وما هي مزاياها وعيوبها.
 
وقالت الدكتورة يمن الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، إنهم انتظروا هذا القرار منذ فترة طويلة، حيث أنه متأخر، خاصة أن النشاط الاقتصادي شهد هبوطًا شديدًا؛ بسبب عدم وجود سعر واقعي للعملة المحلية، ووجود سعرين للعملة الأجنبية.
 
وأضافت في تصريح لـ"الفجر" أنه يجب مساندة هذه القرارات، من قبل الحكومة، من خلال متابعة تنفيذها، ومراقبة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى للاستثمار، التي وصفتها بـ"الإيجابية"، وأيضًا تشجع الصناعات التي تتجه إلى التصدير، ومكافحة الفساد، الذي يتوغل في جزء كبير من الجهاز الإداري بالدولة.
 
وأوضحت "الحماقي" أن الوقت مناسب جدًا، خاصة أن هناك سلسلة من القرارات صدرت في نفس الفترة وبشكل متتالي، مثل الانخفاض الشديد في سعر الدولار بالسوق السوداء، بالإضافة إلى الـ17 قرار الذي أصدره المجلس الأعلى للاستثمار، عوضًا عن قرار اتحاد الغرف التجارية بتوقف الاستيراد لمدة 3 أشهر، ما دفع الناس إلى الاستغناء عن الدولار.
 
وأكدت أن قرار تعويم الجنيه له إيجابيات وأيضًا سلبيات، وتتمثل ايجابياته في عدم وجود سعرين للعملة والقضاء على السوق السوداء نهائيًا، بالإضافة إلى جذب الاستثمارات الأجنبية إلى السوق المحلي، ما يجعل المستثمر في حالة اطمئنان.
 
وأشارت إلى أن سلبيات التعويم تتمثل في ارتفاع مؤقت للأسعار، ويمكن التغلب على هذا الارتفاع، من خلال تشغيل البطالة واستثمار الطاقات البشرية.
 
وقال مدحت نافع، الخبير الاقتصادي والمالي وأستاذ التمويل، إن "المركزي" كان أمام خيارين، الأول: تثبيت سعر صرف الدولار مقابل الجنيه، وكان صعبًا؛ لأن الجنيه وصل إلى 100% من سعره، والثاني: تحرير سعر صرف العملة "تعويم الجنيه" وفقًا للعرض والطلب، وهذا ما حدث.
 
وأضاف في تصريح لـ"الفجر" أن تحرير سعر الصرف، يستهدف السيطرة على التضخم، واستقرار أسعار السلع، خاصة بعد موجة العرض الشديدة للدولار واتجاه الأفراد إلى بيعه، التي شهدتها السوق الموازية "السوداء"، أمس الأربعاء.
 
وأوضح "نافع" أن "المركزي" استغل الشائعات التي خرجت أمس بشأن دراسة البنك المركزي إمكانية إلزام البنوك بعدم قبول النقد الأجنبي مجهول المصدر، بالإضافة إلى قرار الاتحاد العام للغرف التجارية المتمثل في منع الاستيراد لمدة 3 أشهر.
 
ولفت إلى أن سلبيات القرار، تتمثل في التضخم، حيث تزيد الأسعار، مع ثبات رواتب المواطنين، إلا أن القرار الخاص برفع سعر الفائدة على القروض امتص هذا التضخم ولو لجزء بسيط.
 
وتابع أن قرار رفع سعر الفائدة كان ضروريًا؛ لأنه البنك خفض الجنيه 48% إلى 13 جنيهًا بعد أن كان 8.78 جنيهًا، ولو رفع البنك سعر الفائدة فقط، دون خفض العملة، كانت البورصة انهارت، وهو ما ساعد البورصة على الانتعاش، وربحت نحو 23.5 مليار جنيه.
 
وأشار إلى أن قرار رفع القيود على إيداع وسحب العملات الأجنبية للأفراد والشركات، قرار جيد، وجاء مكملًا لتحرير سعر صرف الجنيه، ورفع الفائدة، مؤكدًا أن هذه القيود فرضت في وقت معين من اجل تقييد السوق السوداء والمضاربة على الدولار.
 
واستطرد إلى أن البنك المركزي، أدى دوره، والغرفة التجارية، أدت دورها، وتبقى الحكومة هي الوحيدة التي لم تأدى دورها، المتمثل في توفير العملة الأجنبية، من خلال التصدير والصناعة وزيادة السياحة وضبط المنافذ الجمركية، والترشيد، والإصلاح. 
 
بينما اعتبر عماد مهنا، الخبير الاقتصاد، التعويم كمبدأ اقتصادي "صحيح"، لكن لا يمكن تطبيقه في مصر خلال الفترة الحالية؛ لأنه سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع والخدمات وتكاليف الإنتاج للمصنعين.
 
وأضاف في تصريح لـ"الفجر" أن المطلوب كان تثبيت السعر وليس تعويمه لأن الدولة لا تنتج، وبالتالي ستظل عبيد لدى الدولار، لكن للأسف الحكومة توارثت السياسات المتعجلة.
 
وأكد "مهنا" أن ٤٢ مليون مصري كانوا يعيشون تحت خط الفقر "تحت ٢ دولار في اليوم"، أما بعد التعويم سيصل العدد إلى ٧٠ مليون، ولن يكون هناك دولة.
 
وأوضح أن ضعف الاحتياطي النقدي، وعدم وجود أجهزة رقابية قادرة على الرقابة على الأسواق، ينذر بكارثة محققة، تتمثل في ارتفاع كل شئ والمواطن وحده سيكون الضحية.