"عكارة النيل" هبة من السماء.. وخبراء يفسرون فوائد اصفرار مياه النهر
خبير مياه بالأمم المتحدة: الطين الناتج عن "العكارة" ينقي مياه النيل من التلوث
خبير موارد مائية: طمي السيول يحمي النيل من التآكل
متخصص في مياه النيل: "عكارة النيل" في صالح مصر
أثار "تعكر" مياه نهر النيل في عدد من المناطق والمحافظات باللون الأصفر، نتيجة مياه السيول المحملة بالرمال والقادمة من محافظات التي شهدت سيول في صعيد مصر، جدلًا واسعًا بالشارع المصري، وتخوف البعض من تلوث مياه الشرب، نتيجة عدم إدراك ومعرفة مدى أهمية هذا التعكر، كما أكده المختصين في هذا الشأن، بأن "العكارة" لها فائدة كبيرة في تجديد التربة الزراعية والثروة السمكية وتنقية المياه من التلوث.
وظهر ارتفاع نسبة "العكارة" في مياه نهر النيل، على خلفية السيول التي ضربت عدد من المحافظات، حيث ظهرت الرمال بوضوح بمياه نهر النيل، نظراً لارتفاع نسبة العكارة به، بسبب مياه السيول .
تنقية المياه من التلوث
قال الدكتور أحمد فوزي دياب، خبير المياه بالأمم المتحدة، وأستاذ المياه بمركز بحوث الصحراء، إن تعكر مياه النيل باللون الأصفر ناتج عن مياه السيول المحملة بالرمال والقادمة من المحافظات التي شهدت سيول ليست ضارة كما يتوقع البعض، لافتًا إلى أنها مفيدة للأراضي الزراعية حال الري بها بل تعمل على تجديد التربة الزراعية ورفع خصوبتها مثلما كان يحدث أثناء الفيضانات التي كانت تحدث قبل بناء السد العالي، لأنها تحمل الطمي.
وأضاف"دياب"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن الطين نفسه الناتج عن هذه الرمال يعمل على تنقية مياه النيل من التلوث، مشيرًا إلى أن الفراعنة كانوا يقوموا باستخدامه في تنقية المياه؛ لكن خطورته ترفع تكلفة معالجة مياه الشرب.
وبسؤاله عن توقف تشغيل عدد من محطات إنتاج مياه الشرب ببعض المحافظات لاستمرار ارتفاع نسبة العكارة بمجرى نهر النيل أمام مآخذ بعض المحطات، أشار"دياب"، إلى أن من الطبيعي غلق هذه المحطات، نظرًا لأن هناك نسبة "تعكر" معينة مسموح بها لمأخذ مياه الشرب تتراوح ما بين 10إلى 15 نقطة، ولكن مع بداية جرف السيول تصل نسبة التعكر إلى ألف، لذا الحل هو غلق هذه المحطات إلى أن يتم سحب الرمال الموجوده في المياه لتعود إلى طبيعتها.
حماية النيل من التآكل
في السياق ذاته أوضح الدكتور نور الدين عبد المنعم، خبير الموارد المائية، أن "العكارة" الناتجة عن جرف السيول كميات هائلة من الرمال تعتبر مياه محملة بالطمي وعندما يترسب الطمي على جانبي المجرى المائي فهو له فائدة كبيرة في حمايته من التآكل.
وأضاف"عبد المنعم"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن "التعكر" مفيد جدًا للثروة السمكية، نظرًا لاحتواء الماء العكر على مواد معدنية، مشيرًا إلى أن الدراسات المختصة بهذا الشأن أثبتت أن الأسماك كانت تتغذى وتكثر قبل بناء السد العالي عندما كانت تأتي المياه عكره من أثيوبيا والسودان عكس الوقت الحالي.
وتابع: "لا داعي للخوف من نسبة التعكر"، لافتًا إلى أن تابعيات التعكر السلبية هي أنها تأخذ وقت أكثر في محططات الترشيح، عندما تتم عملية تنقية الشوائب والعوائق المحمله بدخلها فقط.
توازن بيئي.. والقضاء على ظاهرة نحر الشواطىء
ولفت الدكتور أيمن عبد الوهاب، متخصص في الشئون الأفريقية ومياه النيل، أن العكارة في حد ذاتها ليس لها فائدة بل الطمي الناتج عنها له فوائد عدة.
وأضاف "عبد الوهاب"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن الأنهار ذات المياه العذبة والمالحة بينهم فاصل، عندما تأتي هذه السيول المحملة بالرمال يحدث توازن بيئي يؤدي إلى القضاء على عملية النحر في الشاطىء.
وأشار"عبد الوهاب"، إلى أن الأنهار ترمي الطمي على الشواطيء وبالتالي يحدث عملية النحر له وهذه كارثة، مشيرًا إلى أن مصر تتعرض لمشكلة النحر منذ نشأة السد العالي، حيث يتم حفظ الطمي خلف السد، وبالتالي تتعرض منطقة الساحل الشمالي لعملية نحر حاد، لذا هذا الطمي جاء لصالح مصر وليس ضدها كما توقع البعض عنها بشكل من الهلع والفزع.