تفسير قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ
الصواب في ذلك أن معناها الجماع، لامستم: جامعتم، أما اللمس الذي ليس فيه جماع، كونه يقبلها أو يلمسها بيده فالصواب أنه لا ينقض الوضوء، هذا هو المعتمد، وللعلماء في هذا أقوال ثلاثة، أحدها: أن المس ينقض الوضوء مطلقاً، والثاني: أنه ينقض إذا كان بشهوة، كأن يقبلها أو يلمسها بشهوة، والقول الثالث: أنه لا ينقض مطلقاً، المسيس لا ينقض مطلقاً، سواء قبلها أو لمس يداً أو غير اليد من بدنها فالصواب أنه لا ينقض الوضوء إذا لم يخرج منه شيء، إذا لم ينزل منياً ولا مذياً، فإن مجرد المس لا ينقض الوضوء، إذا لم يكن معه خروج شيء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم ثبت عنه أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ، ولأن ابن عباس وجماعة فسروا الملامسة بالجماع، فالصواب أن الملامسة المراد بها الجماع؛ لأن الله جل وعلا نبه على الحدث الأصغر بقوله: أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ (6) سورة المائدة. هذا الحدث الأصغر، ثم أشار إلى الحدث الأكبر بقوله: (أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء) هذا إشارة إلى الحدث الأكبر، وليس المراد المسيس باليد الذي ذكره بعض أهل العلم وأنه ينقض الوضوء، وبهذا يعلم أن الملامسة في الآية المراد بها -على الصحيح-: الجماع، وليس المراد مس اليد، فمس اليد لا ينقض الوضوء، وهكذا مس غير اليد كالرجل أو الفم بالتقبيل لا ينقض الوضوء على الصحيح.