بعد فراغ المنصب لمدة عامين.. هل ينهي انتخاب الرئيس الأزمة السياسية في لبنان؟
ظل عدم اتفاق القوى السياسية والطوائف الدينية في لبنان حائلًا دون إتمام عملية الانتخابات الرئاسية وشغور منصب رئيس الجمهورية لنحو 890 يوما، واليوم يتوافد النواب اللبنانيون إلى مقر البرلمان لحضور جلسة اختيار رئيس.
وتتوافق أغلب القوى السياسية في الداخل اللبناني حول النائب العماد ميشال عون، المرشح للرئاسة، كما يحظى بقبول الندين الإقليميين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية، حيث يدعمه حزب الله اللبناني الموالي لإيران وذراعه الرئيسي في لبنان.
وانسحب مؤخرًا النائب سليمان فرنجيه رئيس تيار "المردة" من ترشيحه أمام "عون" دون أن يسحب اعتراضه على رئاسة عون، فقد طلب بعد اتفاق مع رئيس مجلس النواب نبيه بري (أشد المعارضين لعون) من النواب المؤيدين له أن يصوتوا بورقة بيضاء، كنوع من تسجيل موقف.
وبذلك تعد فرص فوز عون بالجولة الأولى كبيرة والتي يلزم حصوله فيها على أغلبية الثلثين والتي تمثل بـ (86 صوتا) من أصل 128 نائبا هم مجموع نواب مجلس النواب اللبناني.
اشكليات الاستحققات السابقة
في عهد الانتداب وتحديدًا منذ عام 1926 حتى إعلان الاستقلال عام 1943 تعاقب على رئاسة لبنان ستة رؤساء، انتخب منهم المجلس النيابي رئيسين هما شارل دباس في 26 مايو 1926 وحتى 2 يناير 1934 وإميل إده في 20 يناير 1936 حتى 4 أبريل 1941، أما الرؤساء الباقون فقد تم تعيينهم من قبل سلطات الانتداب خصوصًا عند تعليقها للدستور وحلها للمجلس النيابي.
ومنذ الاستقلال عام 1943 وحتى اليوم تم انتخاب اثنا عشر رئيسا، تسعة منهم استلموا مقاليد السلطة فيما تم اغتيال كل من بشير الجميل ورينيه معوّض. وخلال هذه الفترة جدد المجلس النيابي ولاية الرئيس بشارة الخوري الذي لم يكملها إذ استقال بعد ثلاث سنوات، كما مدد لكل من الرئيسين الياس الهراوي وإميل لحود لثلاث سنوات.
وفي انتخابات عام 1970 ترشح كل من سليمان فرنجيه والياس سركيس لمنصب رئاسة الجمهورية، أما في الثالث والعشرين من سبتمبر 1976 ترأس إلياس سركيس مقاليد حكم البلاد، والثالث والعشرين من أغسطس عام 1982 ترأس بشير الجميل البلاد، أما أمين الجمل 23 سبتمبر 1982، وآخرهم كان ميشال سليمان الذي تولى حكم البلاد في الخامس والعشرين من مايو 2008 وحتى 25 مايو 2014.
ميشال سليمان آخر رئيس للبنان
في الرابع والعشرين من مايو عام 2014، انتهت ولاية الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية كما بدأت حيث دخل الرئيس ميشال سليمان القصر الرئاسي وحيداً دون أن يتسلم الرئاسة من خلفه عاد وغادر القصر "بعبدا" دون أن يسلمه إلى سلفه، ومع شغور المنصب الأول في الدولة اللبنانية يكون لبنان قد دخل مجددًا في مسار سياسي ودستوري عنوانه الفراغ.
تعطيل الانتخابات للمرة الـ14
وتعتبر الفترة بداية من الرابع والعشرين من مايو 2014إلى الآن الأكثر تعقيدًا في تاريخ الانتخابات الرئاسية البنانية، حيث فشل البرلمان للمرة الـ14.. بانتخاب رئيس للجمهورية وسط انقسام سياسي حاد بين قوى "14 آذار"، المناصرة للثورة السورية، وقوى "8 آذار"، الداعمة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تتوافق هذه القوى على مرشح وسطي، حيث يتخوف الكثير من اللبنانيين، الذين اختبروا لسنوات طويلة جولات عنف قبل كل استحقاق مهم، من انعكاس ذلك على الاستقرار في البلاد، بالإضافة إلى استمرار بعض النواب، في تعطيل النصاب، وعرقلة انتخاب رئيس الجمهورية.
فشل البرلمان في اختيار رئيس
وبالرغم من أن البرلمان اللبناني عقد ما يتخطى 44 جلسة بداية من 24 مايو 2014 إلى الآن؛ إلا أنه فشل في التوافق حول رئيس لبنان.
تأثير "حزب الله "على الانتخابات اللبنانية
قالت الدكتورة نهى بكر، خبير العلاقات الدولية، إن أسباب تعطيل الانتخابات الرئاسية اللبنانية ترجع إلى أنانية زعماء الأحزاب، وبخاصة "حزب الله"، مشيرة إلى أن كل حزب وطائفة دينية يتمسكون برأيهم ويتشبثون بمرشح بعينه، وهو ما أدى إلى ظهورهم بمظهر التشرذم بالإضافة إلى استمرار منصب رئاسة الجمهورية شاغرًا حتى اليوم.
وأشارت "بكر"، في تصريحات لـ"الفجر"، إلى أن هذه الأحزاب وصل بها الحال إلى أن يتبادلوا الاتهامات حول المسؤولية عن الوضع السياسي الحال للبلاد، وهو ما نتج عنه احتقان واضح في الشارع اللبناني.
وتوقعت"بكر"، أن الانتخابات الرئاسية للبنان سوف تتم هذا العام؛ نظرًا لأن الحزب الأقوى في البلاد"حزب الله"، قد أعلن دعمه لمرشحه "مشيل عون"، الذي لديه فرص كبيرة نسبيًا للفوز بهذا المنصب.
يُنتخب رئيس الجمهورية في لبنان من البرلمان لولاية من ست سنوات غير قابلة للتجديد، وللرئيس مكانة رمزية بوصفه رئيس الدولة، وعلى الرغم من أنه لا يتمتع عمليا بصلاحيات إجرائية واسعة، لكنه جزء من السلطة التنفيذية ومن التركيبة الطائفية الهشة في البلد الصغير.
وبحسب الميثاق الوطني، وهو اتفاق غير مكتوب يعود إلى عام 1943، تاريخ استقلال لبنان، يتولى مسيحي ماروني رئاسة الجمهورية، وشيعي رئاسة البرلمان، وسني رئاسة الحكومة.