مى سمير تكتب: تقرير مخابراتى.. تحالف حزب الله وحماس والقاعدة مع المافيا الأمريكية

مقالات الرأي




■ ممثلو الحركة والحزب اتفقوا فى 2002 على توجيه ضربات إلى واشنطن وإسرائيل

■ عناصر الحزب هاجمت سفارة تل أبيب بالأرجنتين وفجرت الجمعية الأرجنتينية الإسرائيلية

■ حزب الله وحماس تعاونا فى محاولة اغتيال السفير السعودى بأحد مطاعم واشنطن

■ ضباط مخابرات إيرانيون يشرفون على تجنيد شباب البرازيل وتسلل عناصرها إلى أمريكا الجنوبية

■ عناصر الحزب تعاونت مع 19 شركة لغسل 200 مليون دولار أرباح تجارة المخدرات لتمويل العمليات الإرهابية

القاعدة، حماس وحزب الله، 3 تنظيمات تهدد أمن الولايات المتحدة، بعد وصولها إلى تكوين وجود قوى على حدود الدولة الأقوى فى العالم، هكذا أكد الضابط الأمريكى السابق، الدكتور جيفرى تى فولير، والذى يعمل حالياً مدرساً فى كلية الدراسات الدولية والأمن.

بدأ فولير تقريره المنشور على موقع إن هوم لاند سيكيورتى، المتخصص فى نشر التحقيقات الصحفية المتعلقة بالأمن القومى الأمريكى، بالإشارة إلى أن تنظيمات مثل حزب الله، القاعدة وحماس استطاعت تثبيت أقدامها على الحدود الأمريكية على نحو يمثل تهديداً مباشراً للأمن القومى لواشنطن. التقرير الذى حمل عنوان «القاعدة، حزب الله، حماس، جميعهم نشطاء فى أمريكا الجنوبية» أضاف: إن هذه التنظيمات تتمتع بوجود كبير فى منطقة «حدود ترى» أو المنطقة الحدودية الثلاثية التى تتلاقى فيها حدود البرازيل، وباراجواى والأرجنتين، تشتهر هذه المنطقة بأنها نقطة عبور مهمة لعمليات تهريب البضاعة المختلفة، وفى السنوات الأخيرة أصبحت نقطة ارتكاز سواء لتجارة المخدرات الدولية أو الإرهاب الدولى.

بحسب ضابط الجيش الأمريكى، الذى تقاعد فى عام 1997، فإن ممثلين عن تنظيم القاعدة التقوا نظراءهم من حزب الله، واتفقوا فى عام 2002، رغم اختلافهم المذهبى على توجيه ضربات للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.

ويقدر مسئولو الحكومة الأمريكية، أن مدينة سوداد ديل استى فى باراجوى حيث تتمركز مثل هذه التنظيمات، تضم ما يقرب من 55 بنكاً، كما أن ما يقرب من نصف أموال تجارة المخدرات والأسلحة فى باراجواى يتم غسلها فى هذ المدينة، ما يجعلها مركزاً مثالياً لمثل هذه التنظيمات التى تنوعت أنشطتها ما بين الإرهاب وتجارة المخدرات والسلاح.

ويلقى الضابط الأمريكى، الذى اعتمد على تقارير ووثائق خاصة بالاستخبارات الأمريكية والمباحث الفيدرالية إلى جانب وثائق قضائية، الضوء على خلطة من الأنشطة غير الشرعية التى تقوم التنظيمات الثلاثة التى ثبتت أقدامها فى أمريكا اللاتينية المعروفة بالحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية.

1- حزب الله

تتمركز العديد من المنظمات الإرهابية فى تلك المنطقة ولكن أهمها، القاعدة، حزب الله، وحماس، وأكثر هذه المنظمات نشاطاً هى حزب الله الذى يتلقى دعماً مباشراً من النظام الإيرانى ودعماً عسكرياً ولوجستياً من الحرس الثورى الإيرانى، ما يجعل من حزب الله الأكثر خطراً على الحدود الأمريكية الجنوبية التى يمكن أن تشهد هجوماً إرهابياً فى أى وقت.

بدأ حزب الله عمله فى منطقة أمريكا الجنوبية فى مرحلة الثمانينيات أثناء الحرب الأهلية فى لبنان، وكانت أولى عملياته فى مارس 1992 عندما شنت عناصره هجوماً على السفارة الإسرائيلية فى بيونس أيرس، العاصمة الأرجنتينية، ما أسفر عن مقتل 9 أشخاص وإصابة 200 آخرين، وكانت الضربة الثانية للتنظيم فى يوليو 1994 عندما تم تفجير مقر الجمعية الأرجنتينية الإسرائيلية المشتركة.

ومنذ عام 1994 عمل حزب الله على تحقيق 3 أهداف رئيسية لخدمة النظام الإيرانى، تتلخص هذه الأهداف فى الحد من العزل السياسى الدولى لطهران، وهو الهدف الذى تحقق بشكل جزئى من خلال الاتفاق النووى بين إيران والولايات المتحدة فى العام الماضى، بجانب الوصول إلى التقدم التكنولوجى والمصادر التقنية المختلفة التى تخدم المشروعات العسكرية الإيرانية والعمليات العسكرية التى يقوم بها التنظيم، وأخيراً إضعاف النفوذ الأمريكى فى أمريكا الجنوبية، وهو الهدف الذى يبدو أنه تحقق، حيث تعترف أجهزة الأمن الأمريكية أن نفوذها فى المنطقة فشل فى التصدى لتوسع أنشطة مثل هذه التنظيمات.

وأشار تقرير للقيادة العسكرية الأمريكية فى أمريكا الجنوبية «ساوثكوم»، إلى أن الحضور الإيرانى المتمثل فى حزب الله توسع فى أمريكا الجنوبية على نحو يثير القلق، واتهمت التقارير الحكومة الإيرانية صراحة بأنها تستغل بعثاتها الدبلوماسية كستار من أجل المساعدة فى تسلل عناصر حزب الله إلى أمريكا اللاتينية، حيث ارتفع عدد البعثات الإيرانية إلى 12 بعثة فى 2010.

فى نفس السياق نشرت وزارة المالية الأمريكية تقريراً عن بعض عناصر حزب الله المستقرة فى منطقة الحدود الثلاثية، منهم فاروق العميرى، الذى وصفه التقرير بأنه منسق عناصر حزب الله فى المنطقة واللاعب الرئيسى فى تزوير الوثائق اللازمة لدخولهم إلى البرازيل وباراجواى وحصولهم على جنسية هذه الدول، وبحسب التقرير فإن العميرى يلعب دوراً مهماً فى تجارة المخدرات بين أمريكا الجنوبية وأوروبا ومنطقة الشرق الوسط.

كما أشارت إحدى وثائق مكتب التحقيقات الفيدرالية إلى النشاط المكثف لعميل المخابرات الإيرانية محسن ربانى، فى منطقة أمريكا الجنوبية، والذى يعمل بشكل وثيق مع حزب الله وكان أحد العقول المدبرة للعمليات الإرهابية التى نفذها الحزب فى الأرجنتين، وبحسب هذه الوثائق، استطاع ربانى تجنيد العشرات من الشباب فى البرازيل من أجل المشاركة فيما يتم وصفه بدورات تدريبية بإيران يطلق عليها اسم «صفوف التنشئة الدينية فى طهران»، كما يدير ربانى النشاط الإجرامى الذى يساهم فى تمويل أنشطة حزب الله بهذه المنطقة عن طريق تهريب البضائع من ميناء ساو باولو قبل أن تصل هذه البضائع إلى منطقة الحدود الثلاثية.

فى هذا السياق، ألقت السلطات البرازيلية مؤخراً القبض على فادى حسن نابهة، وهو مواطن لبنانى أشارت التقارير الأولية إلى أنه يعمل كمهرب للمخدرات لصالح حزب الله، وتم إدراج نابهة فى قائمة المطلوبين التابعة للإنتربول منذ عام 2013.

ويشير الضابط الأمريكى إلى أن حزب الله يعتمد فى تمويل عملياته فى منطقة أمريكا الجنوبية، التى توفر قاعدة مثالية لتهديد الولايات المتحدة الأمريكية، على أنشطة واسعة النطاق فى مجال تجارة المخدرات، حيث بدأ نشاط الحزب فى التجارة المحرمة منذ ثمانينيات القرن الماضى، وتضاعف النشاط فى السنوات الأخيرة.

وفى يناير 2011، أحبطت إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، واحدة من أكبر عمليات تهريب المخدرات وغسيل الأموال، وبحسب السلطات الأمريكية فإن أحد عناصر حزب الله وهو أيمن جمعة خطط مع 9 آخرين، وبالتعاون مع ما يقرب من 19 شركة فى تنفيذ مخطط لغسيل ما يقرب من 200 مليون دولار هى أرباح من تجارة المخدرات وبيع الكوكايين فى كل من أوروبا والشرق الأوسط وذلك من خلال عمليات تمت فى لبنان، وإفريقيا وبنما وكولومبيا، ويستغل التنظيم أرباح تجارة المخدرات فى شراء الأسلحة لتنظيم حزب الله ولمنظمة تحمل اسم منظمة الجهاد الإسلامى، التابعة له.

2- حماس

أما فيما يتعلق بحماس، فأشار الضابط الأمريكى إلى أن جهودها فى منطقة أمريكا الجنوبية لا تتمركز حول الحد من النفوذ الأمريكى فى القارة اللاتينية وإنما تركز على جمع دعم دول أمريكا الجنوبية للتنظيم، كما هو الحال مع الرئيس الفنزويلى السابق هوجو شافيز، الذى كان يدعم الحركة بقوة.

والعلاقة بين حماس وحزب الله، رغم اختلافهما الطائفى، علاقة طويلة الأمد، فى ظل الدعم الذى تقدمه إيران لحماس والعلاقات القوية التى تجمع قادة الحركة بالنظام الإيرانى، ورغم التباعد الأخير فى ظل المحاولات السعودية لتدعيم علاقتها بحماس الأمر الذى انعكس فى فتور العلاقات بين حماس وطهران، إلا أن هذا الفتور لم يمتد للعلاقة بين حماس وحزب الله فى أمريكا الجنوبية.

توسعات أنشطة حماس وعلاقات عناصرها فى منطقة الحدود الثلاثية تنبئ بإمكانية التسلل بسهولة إلى للولايات المتحدة الأمريكية من خلال طرق تهريب المخدرات وبمساعدة عصابات المخدرات فى أمريكا اللاتينية.

ويضرب التقرير مثالاً بالتخطيط لاغتيال السفير السعودى فى واشنطن عام 2011، حيث تضمنت المؤامرة تنسيقاً مشاركاً بين الحرس الثورى الإيرانى وأحد زعماء عصابات المخدرات فى المكسيك يدعى لوس زيتس، حيث تم التخطيط لتنفيذ العملية فى أحد المطاعم فى واشنطن العاصمة، ويشير الضابط الأمريكى فى تحليله إلى أنه فى ظل العلاقات القوية التى تربط بين حماس وحزب الله فى أمريكا اللاتينية، فإن حماس مرشح محتمل بقوة للتورط فى مثل تلك الأنشطة السرية.

3- القاعدة

فى الجزء الأخير من تقريره يستعرض الضابط الأمريكى توغل تنظيم القاعدة بالقرب من الحدود الجنوبية للولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعاً فى متابعة آخر التطورات التى يشهدها التنظيم الإرهابى فى ظل صعود تنظيمات إرهابية جديدة على رأسها بالتأكيد تنظيم داعش.

فى هذا السياق كانت الفرصة متاحة أمام تنظيم القاعدة كى يوسع نفوذه، ولو من وراء الستار، فى أمريكا الجنوبية، الأمر الذى يمنحه قوة لا يستهان بها ضد الولايات المتحدة الأمريكية، إذ إن تواجد تنظيم القاعدة فى الحديقة الخلفية لأمريكا أو أمريكا اللاتينية يمثل انتصاراً استخباراتياً فى حد ذاته للقاعدة، على الجهاز الأمنى الأمريكى الذى يبدو أنه يواجه صعوبات فى توسيع تأثيره فى الحدود الجنوبية لأمريكا.

ويرى الضابط الأمريكى جيفرى تى فولير، أن الاختلافات المذهبية لا تقف عائقاً أمام التعاون بين حزب الله والقاعدة، فحزب الله يدرك أن أغلب المسلمين فى أمريكا الجنوبية من السنة، وتعاونه من القاعدة سيصب فى مصلحته بين القطاع العريض من المسلمين، ويرى الكاتب أن القاعدة يمكن لها أن تتحالف بسهولة مع حزب الله وحماس فى أمريكا اللاتينية، نظراً لأن هذه التنظيمات تشترك فى عدو واحد وهو الولايات المتحدة الأمريكية.

والتعاون بين حزب الله والقاعدة ليس أمراً جديداً، وكانت محكمة فيدرالية فى نيويورك قد قضت فى مارس الماضى، بتغريم طهران ما يقرب من 11 مليار دولار لتورطها فى هجمات 11 سبتمبر 2001، فى ظل الأدلة التى تؤكد أن عدداً من منفذى هذه الهجمات زاروا إيران إلى جانب الأدلة الأخرى التى تشير لتورط حزب الله.

وأوضحت الوثائق التى استندت إليها المحكمة أن بعض الذين نفذوا الهجمات زاروا طهران خلال الفترة القصيرة التى سبقت 11 سبتمبر ولم تحمل جوازات سفرهم خاتم الدخول إلى الأراضى الإيرانية، كما كشفت أن حزب الله الذى تموله إيران، قدم مساعدات وتوجيهات للإرهابيين.

وأعلن قاضى المحكمة، جورج دانيالز، الحكم غيابياً نظراً لعدم اعتراض الحكومة الإيرانية على القضية، كما أنها لم تسمع تفاصيل الأدلة المقدمة فى المحكمة.

وكانت فيونا هافليش، أرملة أحد ضحايا هجمات 11 سبتمبر، قد رفعت الدعوى عام 2011، ضد كل من أسامة بن لادن، مؤسس وزعيم القاعدة، والملا محمد عمر، زعيم حركة طالبان فى ذلك الوقت، وتنظيم حزب الله اللبنانى، وشملت الدعوى عدداً من الشخصيات والمؤسسات الإيرانية، من بينها المرشد الأعلى آية الله خامنئى، وعلى أكبر هاشمى رفسنجانى، وجهاز الاستخبارات، والحرس الثورى، ومؤسسة ناقلات النفط، ووزارات النفط والتجارة والدفاع.

وجاء فى الدعوى ضد الإيرانيين، التى حكم فيها القاضى دانيلز، أن حكومة إيران ومنذ تأسيسها بعد ثورة 1979 تورطت فى أعمال إرهابية وفى دعم أعمال إرهابية كجزء من سياستها الخارجية، واعتمدت الدعوى على تقارير الخارجية الأمريكية السنوية عن حقوق الإنسان.

كما ذكرت الوثائق أن وزارة الخارجية الأمريكية وضعت إيران فى قائمة الدول الإرهابية منذ عام 1984، كما كانت تصفها منذ عام 1980، فى تقاريرها السنوية لحقوق الإنسان وتلك المهتمة بالإرهاب، بأنها دولة تمارس الإرهاب، كما قدمت الدعوى 274 دليلاً على دور إيران فى تمويل الإرهاب، وعلى تعاونها مع منظمات إرهابية مثل القاعدة، وعلى علاقاتها الوثيقة بدول أخرى فى قائمة الإرهاب. هذا التعاون بين القاعدة وحزب الله على مستوى العمليات الإرهابية يمتد أيضا للأنشطة والعمليات غير المشروعة فى أمريكا الجنوبية، وفى خطاب أمام جامعة الدفاع الوطنى، تحدث القائد السابق للقيادة العسكرية الأمريكية فى أمريكا الجنوبية «ساوثكوم»، الجنرال جون أف كيلى، عن أن تجارة الكوكاين المهربة عبر بوليفيا وبيرو، تتبع طريقاً عبر غرب إفريقيا وتعبر من خلال المغرب إلى أوروبا بدعم ورعاية من تنظيم القاعدة، الذى يتبعه فرعاً قوياً فى المغرب العربى اشتهر بأنشطته الإجرامية خاصة فى مجال اختطاف الرهائن.

ويبدو أن حزب الله المتورط حسب التقرير فى تجارة المخدرات مع عصابات أمريكا اللاتينية يتلقى الدعم من تنظيم القاعدة فى أفريقيا من أجل تسهيل وصول المخدرات إلى أوروبا، وأشار الجنرال كيلى إلى تقرير لإدارة مكافحة المخدرات الفرنسية الذى أكد الدور الذى يلعبه تنظيم القاعدة فى المغرب العربى فى تهريب المخدرات القادمة من أمريكا اللاتينية بتنسيق بين حزب الله والقاعدة. هذا التواجد للتنظيمات الثلاثة يشكل تهديداً أمنياً من الصعب التصدى له فى ظل ضعف الحدود الأمريكية الجنوبية من ناحية، والعلاقات المتشعبة بين هذه التنظيمات وعصابات الجريمة المنظمة اللاتينية التى تعرف طرقاً سرية يمكن من خلالها التسلل بسهولة إلى أمريكا من ناحية أخرى.

وقد ينعكس هذا التصاعد للتنظيمات الثلاثة فى توسيع أنشطتهم خارج منطقة الحدود الثلاثية ليمتد ليشمل المزيد من الدول خاصة فى ظل العلاقات طويلة الأمد مع عصابات الجريمة المنظمة المكسيكية.