إيمان كمال تكتب: المنع آفة السينما العربية
فيلم النبى «محمد» سيعرض فى تونس خلال أيام.. الجهات المختصة تمنع عرضه قبلها بساعات حتى لا تثير حالة من الضجة والجدل خاصة أن العمل تم رفضه من قبل مؤسسة الأزهر الشريف.. أخبار من هنا وهناك ما بين تأكيد لعرض أو منع الفيلم.
وبين المنع وإتاحة العرض نقع فى فخ الجدل الدائم بين الدفاع عن حرية الجمهور فى مشاهدة أى عمل فنى أو رفضه وبين الحجر على حريته من الأساس.. فنظل دائما ندافع عن حرية الأعمال الفنية بنتيجة محسومة مسبقا لصالح أصحاب العقول المتحجرة والذى نصبوا أنفسهم أوصياء على الآخرين، على اعتبار أننا لا نملك حق الاختيار.
171 دقيقة مدة عرض الجزء الأول من ثلاثية «محمد» والذى غامر منتجه الإيرانى وصناع العمل بالفيلم بهدف التصدى للموجة الجديدة لصورة الإسلام فى الغرب، فى ظل التفسير الغربى للإسلام بأنه دين العنف والإرهاب وهى الصورة التى باتت راسخة فى أذهانهم، ومحاولة لتخفيف وقع الأمر على مسلمى السنة قرر المخرج «مجيد مجيدة» أن يظهر الصبى الذى قدم شخصية محمد فى أغلب المشاهد كظل فقط أو من ظهره حتى لا يقع فى طائلة عدم احترامه لمشاعر أهل السنة.
أصاب صناع العمل أم اخطأوا فماذا نعرف عن محتوى الفيلم لكى نهاجمه؟ المسئول عن قرار المنع هل شاهد ولو مشهد واحد من العمل؟ أم أنه اكتفى بالتحريم والتحذير دون الرجوع للعمل الفنى؟
قبل سنوات عرضت mbc مسلسل «الفاروق عمر بن الخطاب» والذى عرضته قناة سعودية ورفض فى مصر، وحقق العمل نجاحا كبيرا.
منعنا فيلم «محمد» من دور العرض السينمائية ومنعنا الشعوب العربية من مشاهدته حفاظا على الدين الإسلامى وبأنه لا يمكن أن يجسد فنان نبى الله ورسوله، حافظا على الشريعة . مبررات لا تحمل أى نصوص دينية قرآنية بالرغم من أنه من البديهى العودة لكتاب الله وسنته قبل أن نشرع ونحرم ونحلل، منع الفيلم ولكن هل سيتمكن مانعوه فى ظل العولمة التى يشهدها العالم منذ سنوات وعالم الإنترنت الكبير جدا وجدا وجدا أن يمنعونا من رؤيته عبر أى موقع؟ هل استطاع من منعوه من ابتكار فكرة خلاقة ومختلفة للدفاع عن الإسلام والتأكيد على أنه دين لا يدعو للعنف؟ ظهور ظل طفل يمثل محمد ليبرز الجوانب الإيجابية باتت هى الشوكة التى ندافع عن رفضها ونتمسك بكل ما أوتينا من قوة للهجوم على العمل لماذا لم نسخر تلك القوة ونحن لا نملك ناقة ولا جمل لندافع به عن ديننا وأفكاره النبيلة؟
لماذا لم يخلق الله محمد ملاكا؟ وخلقه بشرا من طين مثلنا؟ يصيب ويخطئ كما جاء فى كتاب الله؟
لا أدعى بأننى مع عرض الفيلم ولست بالتأكيد مع منعه لأننى لست ضد عرض فيلم يحتوى على مشاهد ساخنة فى السينما لأنها ببساطة اختيارات شخصية لأفراد تعترف الدولة بأنهم راشدون يعرفون تماما ماذا يريدون.. أتاح الله لنا حرية العقيدة ولم يجبرنا جميعا على الإسلام.. الرب أعطى مساحة الحرية ولكن آفة الثقافة العربية هى المنع والإجبار واختيار ما يناسبنا بحسب أهوائهم.