لماذا نصلي الظهر والعصر سراً والمغرب والعشاء والفجر جهراً؟
اختير أن الظهر والعصر يُسرّ فيهما بالقراءة لأن وقتهما في النهار ، والإنسان في ذلك الوقت قد يكون منشغل البال ، فتكثر عليه الواردات فيكون منشغلا بوظيفته أو تجارته أو صناعته فلو كانت القراءة جهرية لانشغل قلبه ولم ينصت لقراءة الإمام ، ولم يستمع لها ولم يتفرغ بل تواردت عليه الشواغل فكان الأمر أن يقرأ لنفسه حتى تكون قراءته تجلب له التفكير والتأمل . ومن المعلوم أنه في حالة إن كانوا جماعة في الظهر أو العصر فلا يجهروا في القراءة ، لأن فيه تشويشاً على بعضهم البعض ، فأمر الإمام والمأموم أن يسرّوا بالقراءة . وأما في صلاة الليل فالغالب أن الإنسان يكون قد تفرغ عن الانشغال فأمر أن يجهر الإمام بالقراءة حتى يُستفاد من قراءته .
أما الآية التي ذكرت فهي خاصة بصلاة الليل والتهجد فإذا كان الإنسان يصلي وحوله أناس يستمعون لقراءته وآخرون في حال نوم فلا يجهر حتى لا يؤذي النائمين ، ولا يخافت فتضيع الفائدة على المستمعين ، بل عليه أن يجهر قليلا بقدر ما يسمع ، ولا يجهر كثيرا حتى لا يتأذى به النائمون . وكما ورد في الآية فإن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يجاهر بقراءته فيسمعه المشركون فيسبوا القرءان ومن جاء به فنهي عن الجهر به ثم أصبح يُسرّ به فتفوت الفائدة عن أهل بيته ومن يستمع إليه فأمر أن يجهر قليلا .
قال ابن عثيمين رحمه الله تعالي :
"الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية ليس على سبيل الوجوب بل هو على سبيل الأفضلية ، فلو أن الإنسان قرأ سراً فيما يشرع فيه الجهر لم تكن صلاته باطلة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن)، ولم يقيِّد هذه القراءة بكونها جهراً أو سرّاً ، فإذا قرأ الإنسان ما يجب قراءته سرّاً أو جهراً : فقد أتى بالواجب ، لكن الأفضل الجهر فيما يسن فيه الجهر مما هو معروف كصلاة الفجر والجمعة .
ولو تعمد الإنسان وهو إمام ألا يجهر فصلاته صحيحة لكنها ناقصة .
أما المنفرد إذا صلى الصلاة الجهرية : فإنه يخيَّر بين الجهر والإسرار ، وينظر ما هو أنشط له وأقرب إلى الخشوع فيقوم به .
وقالت اللجنه الدائمة للفتوي بالسعودية :
نفعل ذلك اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فنسرُّ فيما أسرَّ فيه ونجهر فيما جهر فيه لقول الله عز وجل : (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه) وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (صلوا كما رأيتموني أصلي) رواه البخاري في صحيحه .