البرلمان يضع يده داخل عش الدبابير.. يطالب بضم الصناديق الخاصة للموازنة.. واقتصاديون: "حجمها 20 تريليون جنيه"
ظلت أزمة الصناديق الخاصة من الملفات المثيرة للجدل على مدار السنوات الماضية حتى الآن، لاسيما أنها تغيب عن الموازنة العامة للدولة، ولا تخضع لأي جهة رقابية، في حين نادى الكثيرون بضمها خاصة وأنها قد تكون الحل الأمثل للقضاء على الأزمة الاقتصادية في مصر، في حالة خضوعها لرقابة ودراسة جيدة.
البرلمان يفتح الملف المسكوت عنه
طالب الدكتور علي عبد العال، يوم الأحد، خلال الجلسة العامة، بنقل الصناديق الخاصة بشكل كامل إلى الموازنة العامة للدولة، قائلا إنها نشأت بهدف نبيل لكنها أصبحت "بوابة للفساد".
أسست الصناديق الخاصة بقرارات جمهورية وفقاً لاعتبارات معينة وبغرض تحقيق أهداف محددة، وتتبع الوزارات والهيئات العامة والمحافظات والمجالس المحلية وتحصل على مواردها من عامة الشعب، من حصيلة الدمغات والغرامة ومن رسوم إصلاح في المباني، ورسوم اللوحات المعدنية للسيارات، ورسوم استغلال المحاجر، ورسوم دخول المستشفيات، وغيرها الكثير.
وتعمل تلك الصناديق خارج الموازنة العامة للدولة، بل اتسع نطاقها إلى قانون الإدارة المحلية الذي أعطى الحق لرؤساء القرى أو المراكز أو المحافظات في إنشاء صناديق خاصة.
قرار سلبي
ورأت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، أن من الصعب ضم الصناديق الخاصة إلى الموازنة العامة، نظرًا للاستثناءات التي ستطبق على بعض الصناديق مثل"صناديق القوات المسلحة، والقضاء، والشرطة"، متسائلة هل البرلمان سيستطيع ضم هذه الصناديق أم فقط سيطبق ذلك على المحليات والجامعات؟.
وأوضحت" المهدي"، في تصريح لـ"الفجر"، أن ضم الصناديق للموازنة العامة لن يساعد على تنمية الاقتصاد بل سيؤثر بالسلب، مشيرة إلى أنه لم تتضح الجهات المساهمة بأي أموال به، نظرًا لعدم الثقة في استخدام هذه الأموال، وبالتالي لم تحصل رسوم تمامًا وستنتهي فكرة الصناديق، بالإضافة إلى أن بعض المؤسسات مثل المراكز البحثية والوحدات ذات الطابع الخاص التي تعتمد على هذه الصناديق ولم تدعمها الدولة ماديًا سيتم غلقها.
تجربة فشلت من قبل
وأشارت"المهدي"، إلى أن في عام 2006 أصدر الدكتور يوسف بطرس غالي، قرارًا بضم جميع الصناديق الخاصة لسيطرة وتوجيه وزارة المالية، وجميع الموارد الخاصة بها تضع لدى البنك المركزي، من خلال ثلاثة بنوك تجارية، وبالفعل أخذت الدولة في عام 2007، 15% من أموال الصناديق الخاصة وضمتها للموازنة العامة للدولة ، لكن لم تحدد من أي حسابات صناديق خاصة أخذت هذه النسبة، وبالتالي لم ينجح هذا القرار إذا طبق حاليًا من أجل مواجهة مافيا وفساد "الصناديق".
بحاجة لدراسة
في سياق متصل قال الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، إن ضم الصناديق الخاصة للموازنة العامة أمرًا ليس بالسهل لكثرة الصناديق الخاصة في جميع مؤسسات الدولة، بالإضافة إلى أنها تحتاج لدراسة ووقت طويل، لأن بعضها بيد الرئيس ويخضع للقرارات الجمهورية.
وأضاف"الشريف"، في تصريحات لـ"الفجر"، أننا نحتاج إلى بيانات كاملة عن حسابات الصناديق الخاصة أولاً قبل أن يتخذ قرار بشأنها، لمعرفة نسبة أموال تلك الصنايق، خاصة أنها لا تخضع لأي جهات رقابية، ولا أحد يعلم عنها شىء سوى اسمها، لذا إدراجها داخل الموازنة العامة لدولة والكشف عنها سيكون لصالح مصر؛ لكن بعد حصر أموالها عن طريق دراسة تحدد جميع بيانتها البنكية وحجم حسابتها بغير ذلك مجرد "كلام فاضي"، مشيرًا إلى أن عجز الموازنة العامة للدولة تخطى 2 ترليون جنيهًا.
قرار جمهوري
وتابع" الشريف"، أن "مجلس النواب في الوقت الحالي يتخذ قرارات كثيرة لصالح الحكومة، بينما أصبح الشعب آخر اهتماماته، منوهًا بأن فتح ملف الصناديق الخاصة من جديد خلفه أشياء خافية والأيام المقبلة ستكشفها، مؤكدًا أن مجلس النواب لم يستطيع حصر أموال الصناديق، ولا يستطيع ضمها لها إلا إذا وافق رئيس الجمهورية".
20 تريليون جنيه بالصناديق الخاصة
من جانبه أكد الدكتور محسن خضير، الخبير الاقتصادي، أن حجم أموال الصناديق الخاصة وصل إلى (20تريليون) جنيه، حيث تم تكوينها على مراحل متعددة، ودخلت في جميع الأجهزة السيادية، مشيرًا إلى أن ضمها سيحول عجز الموازنة العامة في مصر إلى فائض مادي، يسد عجزها ويغنيها عن القروض.
وأضاف"خضير"، أن الأزمة الحقيقة والفساد الواضح في الصناديق الخاصة، هي عدم خضوعها لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، مشيرًا إلى أنها توضع في حسابات سرية ببنوك تجارية يصعب السيطرة عليها في وقت قياسي لصعوبة حصرها، وتغافل الدولة عنها لسنوات طويلة.
مجلس النواب لا يستطيع مواجهة مافيا الصناديق
وأشار"خضير"، إلى أن الحل يرجع إلى رقابة هذه الصناديق أولا وعدم ضمها في الوقت الحالي لأن بعضها يحقق إيرادات للدولة وأخرى تحقق خدمات مستمرة وضرورية للشعب،وبضمها ممكن يعطي مجال للمنتفعين منها على غلقها لكونها "بلعة رزق" لهم وسيقومو بفعل أي شىء من أجل تعطيل هذا القرار، مؤكدًا أنهم قادرون على ذلك لكونهم تمكنوا من الصناديق بشكل قوي، مشيرًا إلى أن مجلس النواب أضعف من أن يقوم بمواجهة هؤلاء، فهذا بحاجة لتدخل سيادي من رئيس الدولة.
7 صناديق خاصة تابعة لمكتب النائب العام
ورغم مرور أكثر من عقدين تقريبًا على ظهور الصناديق الخاصة، كان تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات المقدم إلى النائب العام، هو الوحيد الذي حدد حركة أموال تلك الصناديق، منذ عام 2011، ووفقًا للتقرير فإن أرصدة الصناديق التي أمكن للجهاز المركزي للمحاسبات مراجعتها بلغت 31.5 مليار جنيه في أول يوليو 2010، وهي تختلف كثيرًا عن أرصدة الصناديق نفسها، التي رصدتها كشوف البنك المركزي، الصادرة في 30 يونيو 2010 والبالغة 339 مليارًا و533 مليون جنيه.