بالتعليم والعمل.. هكذا اندمج 2.5 مليون سوري في المجتمع السعودي

السعودية

بوابة الفجر

تَقَدّمت المملكة العربية السعودية الدولَ الداعمةَ للأشقاء السوريين، في المحنة التي ألّمت بهم منذ اندلاع الأزمة في بلادهم؛ حيث استقبلت ما يربو على 2.5 مليون سوري بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.

 

ودعا الملك "سلمان" إلى التعامل مع اللاجئين السوريين في المملكة كأشقاء لا كلاجئين؛ من أجل الحفاظ على كرامتهم الإنسانية، ومنحهم حق التمتع بحقوق الرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل، والالتحاق بالتعليم.

 

وأكدت هذه الخطوة مواقف المملكة الأخوية الصادقة مع الأشقاء السوريين في الأوضاع اللاإنسانية التي يعيشونها منذ أكثر من خمسة أعوام جراء الحرب الدائرة في بلادهم؛ حيث تم تأمين الحياة الكريمة لمن يقيم منهم على أرض المملكة، وتقديم يد العون لمن يعيش خارجها في البلدان المجاورة لسوريا، المُقَدّر عددهم -بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين- بأكثر من 4.8 مليون سوري.

 

وكشفت الأزمة الإنسانية التي يعيشها الأشقاء السوريين عن تفاوت سياسات الدول نحو القيام بمسؤولياتها الإنسانية والدولية تجاه قضايا اللاجئين في العالم؛ ففي حين استقبلت بعض الدول المئات أو الآلاف من السوريين في مخيمات إيواء تتوارى عن المدن والمجتمعات، احتضنت المملكة أكثر من 2.5 مليون سوري، ودمجتهم مع إخوتهم في المجتمع السعودي من خلال التعليم والعمل لمساعدتهم على تقديم أنفسهم كمساهمين فاعلين في بناء المجتمع دون الشعور بالشفقة أو الاغتراب.

 

وقد التحق أكثر من 141 ألف طالب وطالبة من أبناء الأشقاء السوريين بالتعليم في المملكة، وبلغ عدد الملتحقين بمدارس التعليم العام في مختلف مناطق المملكة (131297 طالباً وطالبة)، وأكثر من عشرة آلاف في التعليم الجامعي؛ وفقا لإحصائيات برنامج "نور"، ويتلقون التعليم المجاني مع (4895466 طالباً وطالبة من إخوتهم السعوديين) و(252842 طالباً وطالبة من اليمنيين) و(41209 طلاب وطالبات من البرماويين).

 

وانطلاقاً من أن الإسلام يحثّ على العمل وكسب الرزق؛ فقد أتاحت المملكة للأشقاء السوريين الذين يقيمون على أرضها، فُرصة الانخراط في السوق المحلي لمن يرغب منهم في استثمار خبراته لتحقيق الفاعلية والانصهار في المجتمع؛ وذلك من خلال التسجيل في نظام "أجير الإلكتروني".

وأصدر نظام "أجير" للسوريين (4500) تصريح عمل مؤقت منذ انطلاق الخدمة في تاريخ 7 جمادى الأولى 1437هـ حتى الآن؛ بحسب إحصائية لوزارة العمل.

 

وتمكّن السوريون من الذكور والإناث ممن تراوحت أعمارهم ما بين 18 و60 عاماً، من إصدار تصريح العمل المؤقت من خلال ست خطوات إلكترونية، وعَدّته الحكومة الرشيدة وثيقة قانونية تسمح لهم العمل في المملكة كزائرين لدى المنشآت المستفيدة من خدماتهم دون الحاجة لنقل الخدمات، ولمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

 

ووضعت وزارة العمل خطوات ميسرة لإصدار تصريح العمل المؤقت للسوريين، تبدأ بتسجيل الدخول في نظام "أجير" عبر الرابط (www.ajeer.com.sa)، ثم اختيار المنشأة التي سيعمل لديها الشخص؛ فالدخول إلى إشعارات الزائرين، وإدخال البيانات والرقم الحدودي إلى أن يتم إصدار الإشعار.

 

وعبر مسارين متوازيين يتمتعان بقدر من الأهمية، تبذل المملكة مساعيها الدبلوماسية الدؤوبة لحل الأزمة السورية مع الدول الشقيقة والصديقة والأمم المتحدة، وتواصل -في الوقت ذاته- الوقفة الإنسانية المشرفة مع الشعب السوري الشقيق دون انقطاع؛ مدفوعة باهتمام قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي قال خلال استقباله في 27 صفر 1437هـ أعضاءَ وفد المعارضة السورية في الرياض: "نحن نريد الخير لكم، نريد جمع الكلمة، نريد أن ترجع سوريا كما كانت في الماضي".

 

وكررت المملكة، في مناسبات مختلفة، مواقفها الثابتة تجاه السوريين، ومن ذلك: تشديد مجلس الوزراء المنعقد في الأول من شهر ذي الحجة عام 1436هـ برئاسة خادم الحرمين الشريفين، على أن المملكة ستظل دائماً في مقدمة الدول الداعمة للشعب السوري الشقيق والمتلمسة لمعاناته الإنسانية، ولن تقبل المزايدة عليها في هذا الشأن أو التشكيك في مواقفها.

 

وأكد بيان مجلس الوزراء بجلاء المنهج الإنساني السامي الذي تتبعه المملكة في التعامل مع المحتاجين في العالم، تماماً كما أوضح ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز في كلمته أمام اجتماع قمة الأمم المتحدة للاجئين والمهاجرين الذي عُقد مؤخراً في نيويورك؛ إذ أفاد بأن المملكة تنطلق في تعاملها مع قضية اللاجئين الناجمة عن الصراعات العرقية والحروب والكوارث والنزاعات من مبادئ تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى السلام، وقدّمت لهم -خلال العقود الأربعة الماضية- نحو (139) مليار دولار.

 

وضربت المملكة أروع الأمثلة في الرفع من معاناة الإخوة السوريين الذين توسدوا الأرض وتلحفوا السماء خارج حدود بلادهم؛ حيث أنشأت لهم -عبر الحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا- العديد من البرامج والمشروعات الإغاثية والإنسانية التي لامست همومهم ولبّت احتياجاتهم الاجتماعية والنفسية والصحية بمختلف أعمارهم، حتى الجنين الذي في بطن أمه، عبر برامج خاصة للحوامل.

 

وعالجت المملكة جروح النفس التي لا يعادلها جرح حينما يتجرع الإنسان الألم وهو يلملم ما تبقى من شتات أسرته للخروج من وطنه رغماً عنه، بعد أن أنهكته الحروب؛ إذ لا مكان في الحياة للإنسان أجمل إلا وطنه الذي وُلد فيه وترعرع، وتفيأ بظلاله، وارتوى من مائه.

 

ودعماً لمبدأ الأخوة؛ فقد وجّه الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز المشرف العام على الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء في سوريا بتكثيف الجهود الإغاثية لتخفيف معاناتهم، والاستمرار في استقبال التبرعات النقدية للسوريين على حساب الحملة البنكي؛ فقدمت الحملة أكثر من (152) برنامجاً إغاثياً ومشروعاً إنسانياً تجاوزت تكلفتها أكثر من (845.775.881) ريالاً، أسهمت في تخفيف جزء من معاناة الأشقاء السوريين، وتسيير شؤون حياتهم اليومية.

 

ومن أبرز هذه البرامج، برنامج "شقيقي بالعلم نعمرها" الذي يوفر الأدوات القرطاسية المختلفة للطلاب بمختلف المراحل التعليمية، وبرنامج "نمو بصحة وأمان" الذي يوفر حليب الأطفال للرضع انطلاقاً من الاهتمام بصحة النشء، وغيرها من البرامج التي تعبر عن البعد الإنساني العميق للمملكة في تعاملها مع الأشقاء السوريين.

 

وضمن برنامج "شقيقي بالعلم نعمرها"؛ وزّعت الحملة الوطنية في 24 ربيع الآخر من عام 1347هـ 450 ألف حقيبة مدرسية للطلاب السوريين في الأردن وتركيا ولبنان، إضافة لمستلزمات القرطاسية من الأقلام والدفاتر والأدوات الهندسية؛ فضلاً عن تهيئة الأجواء الدراسية الممكنة؛ ليواصل الطلاب مسيرتهم الدراسية دون أي عوائق من خلال برنامج "شقيقي بيتك عامر" الذي يهدف إلى استبدال الخيام في مخيم الزعتري بالوحدات السكنية والكرفانات الجاهزة.

 

وخلال يوميْ 11 و13 محرم الجاري فقط، وزّعت الحملة حقائب مدرسية وأدوات قرطاسية على 1298 طالباً وطالبة في مدينة الرمثا شمال الأردن، و60.720 قطعة من الأدوات القرطاسية المختلفة على الطلاب والطالبات السوريين في محافظة إربد الأردنية.

 

وسَعَت الحملة الوطنية لرفع المستوى التربوي والتعليمي لدى أبناء الأشقاء السوريين من خلال الاتفاقيات والشراكات التي تنفذها مع الجهات الرسمية والمنظمات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني المحلية؛ للوصول إلى مستوى تعليمي متقدم؛ في ظل الظروف الصعبة التي يمرون بها.

 

وفي سياق متصل، أبرمت المملكة -ممثلة في الصندوق السعـودي للتنمية في 31 مارس 2015م- اتفاقية تعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تُقدم بموجبها المملكة مساهمة بقيمة إجمالية قدرها 5 ملايين دولار لتنفيذ مشروعات إعادة بناء وتأهيل 4650 مسكناً في ريف دمشق وحمص وحماة ودرعا وإدلب، وتوفير خدمات عامة يستفيد منها 23.250 سورياً.

 

وبحسب إحصائيات المؤتمر الدولي الثالث للمانحين المنعقد في دولة الكويت بتاريخ 31 مارس 2015م؛ فقد بلغت قيمة المساعدات الإنسانية التي قدّمتها المملكة للأشقاء السوريين (700 مليون دولار) شاملة للمساعدات الحكومية، والحملة الوطنية لنصرة الأشقاء في سوريا، وخُصصت لدعم الوضع الإنساني في سوريا.

 

وقد وقفت المملكة بحزم ضد بعض الخطابات المناوئة لأوضاع الأشقاء السوريين الذين فروا من سوريا إلى بلدان بعيدة في العالم مع بقية اللاجئين والمهجّرين.

 

وأعربت المملكة، في كلمة لها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 23 نوفمبر 2015م، عن قلقها البالغ إزاء تزايد مثل هذه الخطابات ضد اللاجئين بصفة عامة والمسلمين منهم بصفة خاصة؛ داعية لتقديم الحماية اللازمة لهم بعد فرارهم من نيران السلطات الجائرة والجماعات الإرهابية.