دراسة .. كثرة النظافة الشخصية قد تهدم العلاقة الحميمة بين الزوجين
كلنا نعرف أن النظافة من الإيمان، ولكن كثرة النظافة قد تكون إحدى علامات الوسواس القهري، والذي قد يهدم العلاقة الحميمة بين الزوجين بدلاً من أن يجعلها أفضل وأحسن.
حتى موضوع استخدام "المعطرات النسائية" للمناطق الحساسة لدى المرأة يعتبر للأسف من الأشياء المستخدمة كثيراً لدى بعض المتزوجات، ولكي نعرف مدى خطورتها لابد أن نعرف أن مادة الشبّة (Alum stone) هي مادة كاوية وتعمل على إزالة السوائل والروائح من الجسم، وقد تستخدمها بعض السيدات لإزالة رائحة العرق، والخطورة تكمن في أن هذه المادة تؤدي إلى حدوث تقرحات داخلية قد ينتج عنها التهابات شديدة.
الحالة:
السيدة "م.ص" تقول: إن طبيبة النساء والتوليد طلبت منها استشارة الطبيبة النفسية حول مشكلتها التي أصبحت تؤرق حياتها الزوجية بعد أن أثرت على علاقتها الحميمة مع الزوج، فهي سيدة تبلغ من العمر 32 عاماً، متزوجة منذ نحو 4 سنوات، ولديها طفلة.
تقول إنها بدأت في الفترة الأخيرة تعاني من حكة مستمرة في المنطقة الحساسة خاصة بعد اللقاء الحميم مع الزوج، تصاحبها إفرازات غير مريحة جعلتها تستشير إحدى صديقاتها؛ التي أشارت عليها باستعمال مطهر الديتول والصابون لغسل هذه المنطقة.
تقول: في البداية شعرت براحة وجفاف، ولكن بمجرد الشروع في اللقاء الحميم مرة ثانية تشعر بالحرقان والحكة، وبدأ الزوج يشعر بعدم الاستمتاع أثناء العلاقة الحميمة؛ بسبب الجفاف الموجود في المنطقة، ولذلك لجأت إلى طبيبة النساء والتوليد؛ حرصاً على إرضاء الزوج واستمتاعه في العلاقة الحميمة، وتقول إنها غير مقتنعة بأنها بحاجة إلى الطب النفسي لعلاجها من زيادة الحرص على النظافة، ولكن لن تمانع إذا ساعدها ذلك على التخلص من معاناتها وزوجها.
الإجابة:
سيدتي الفاضلة، لا أستطيع أن ألومك مطلقاً في التردد في القبول أو الاقتناع بأهمية العلاج النفسي، فهي ظاهرة موجودة في معظم المجتمعات وبين فئات مختلفة من شرائح المجتمع، والسبب في ذلك يرجع لعدة عوامل؛ مثل ضعف الثقافة الصحية، وانتشار المفاهيم الخاطئة حول مفهوم الطب النفسي، والشعوذة، وأسباب كثيرة تحتاج إلى صفحات للحديث عنها..
الجانب المضيء في هذا الموضوع هو أن مثل هذه المفاهيم بدأت تتلاشى تدريجياً، ولعل طول قائمة الانتظار والمواعيد في العيادات النفسية الحكومية والخاصة أفضل دليل على ذلك.
المشكلة التي تعانين منها هي -كما تفضلتِ وقلتِ- زيادة الحرص على النظافة، والتي تحولت إلى اضطراب يُعرف بالوسواس القهري الاكتئابي Obsessive Compulsive Disorder
ويتمثل في الشعور بعدم نظافة منطقة معينة من الجسم؛ ما يجعل المريض يستمر وبصورة مبالغ فيها مع عدم القدرة في التحكم أو مقاومة فكرة الاستجابة لهذه الأفكار، فتقوم المريضة بغسل المنطقة، وأحياناً استخدام بعض المواد المطهرة والصابون والمواد المعطرة، وهو ما يزيد المشكلة تعقيداً ويجعل المنطقة الحساسة عرضة للالتهابات والتقرحات، وتصبح مؤلمة ومزعجة أثناء اللقاء الحميمي.
وقد يعاني الزوج من فقدان القدرة على الاستمتاع الحلال؛ نتيجة جفاف المنطقة ومعاناة الزوجة.
سيدتي إليكِ بعض المعلومات الطبية المهمة:
1. تحتوي المنطقة التناسلية لدى المرأة على مجموعة من الغدد التي تعمل على إفراز مواد تساعد على حماية هذه المنطقة من الالتهابات، كما تحتوي على بكتيريا وظيفتها تدعيم الحماية، وباستخدام المواد المطهرة والصابون المحتوي على المواد الكاوية يؤدي إلى القضاء على هذه البكتيريا؛ ما يجعلها أكثر عرضة للالتهابات الخطيرة مثل الإصابة بالفطريات الضارة.
2. الزوج يشعر أيضاً بمضاعفات الاستخدام المفرط للمنظفات، خاصة ما ينتج عنها من جفاف وصعوبة أثناء اللقاء الحميمي؛ ما قد يؤدي إلى ظهور بعض التقرحات المؤلمة على العضو الخاص، فلذلك يجب علاج المشكلة من جذورها لكما معاً.
3. هناك خطأ آخر ترتكبه بعض السيدات المتزوجات من الإفراط في استخدام «الغسول النسائي»، والذي يحتوي على بعض المواد قد تؤدي إلى حدوث التهابات مزمنة في منطقة الحوض.
4. علاج الوسواس القهري يشتمل على جزأين متلازمين:
- الأول هو العلاج السلوكي المعرفي ويشمل تدريب المريضة على اكتساب القدرة على مقاومة الأفكار المتعلقة بوسواس النظافة، مع الحرص على تقليل نسبة القلق المصاحب للحالة.
- الثاني هو استخدام بعض الأدوية المعالجة للوسواس والاكتئاب، والتي تساعد على استعادة التوازن في الخلل الكيماوي الحاصل لمادة السيروتونين، والمسؤول عن ظهور هذا الاضطراب.
وعادة ما يستمر العلاج لمدة تتراوح ما بين 6 و8 أشهر، تعود بعدها الحالة إلى طبيعتها، مع الحرص على الاستفادة من نصائح طبيبة النساء والتوليد.
النصيحة:
الجسد والنفس وجهان لكيان واحد؛ وهو الإنسان، وقد يكون الخلل في العلاقة الحميمة مؤشراً على وجود مرض ما، وليس بالضرورة أن يكون دائماً؛ بسبب عدم التوافق الزوجي.