منال لاشين تكتب: مصر فى كماشة الصندوق

مقالات الرأي



لاجارد تكذب الحكومة: القرض مقابل تعويم الجنيه وزيادة البنزين

■ صندوق النقد وضع الحكومة فى مأزق سيؤدى إلى ارتفاع جنونى فى الأسعار

■ صمت المسئولين ومفاجأة الناس بالقرارات سيؤدى إلى كوارث


لو كانت هناك مؤامرة على مصر ستكون مؤامرة اقتصادية وبالتأكيد ثمة مؤامرة على مصر، لكن الحكومة لم تنتبه كثيرا لهذه المؤامرة، تصورت أنها أذكى إخواتها، ربما لأن الحكومة تفلت من الشعب كثيرا بالحيل والتصريحات وكثيرا من الأحيان بأكاذيب سياسية، لكنها وجدت نفسها فى كماشة اقتصادية لا يعلم آثارها أو بالأحرى كوارثها سوى الله.

منذ أشهر والحكومة تنكر وتكذب لجوءها إلى صندوق النقد وطلب قرض منه، كتبنا أن الإعلان عن بيع حصص البنوك والشركات هو مقدمة لقرض الصندوق، وقدرنا أن المحادثات ستبدأ خلال ثلاثة أشهر بعد إعلان البيع، وأن التعويم المدار أو «تخفيض» الجنيه ورفع الدعم عن البنزبن وإخواته على رأس شروط الصندق، وهو ما تم سرا، ولم تعلن عنه الحكومة إلا بعد مرور ثلاثة أشهر.

لم تتعلم الحكومة وظنت أنها تستطيع أن تلعب الثلاث ورقات مع صندوق النقد، أن تقول للصندوق أنها ستعوم الجنيه وسترفع الدعم عن البنزين فى الغرف المغلقة، وتقول للمصريين أنها لم تتعهد أو تتفق على أى شىء وكله تمام، كررت الحكومة هذه الطريقة، مرة بالانكار ومرة بالخرس السياسى ونجحت هذه الطريقة خلال الشهرين الماضيين، لكن لأن الكذب مالوش رجلين ولأن هذه الأساليب لا تنفع مع مؤسسة دولية مثل الصندوق، فقد كشر الصندوق عن أنيابه وطلع العين الحمراء للحكومة المصرية، وكذب مسئولون كبار بالصندوق الحكومة علنا فى الأسبوع الماضى.

مديرة الصندوق كريستان لاجارد قالت بالفم المليان إن تعويم الجنيه وزيادة البنزين شرطان قبل توقيع القرض، ورمى مستشار الصندوق مسعود أحمد للحكومة المصرية الطمع، مسعود قال نفس كلام لاجارد لكنه أضاف أن مصر ستحصل على شريحة بـ2.5 مليار دولار فور التوقيع.

وهكذا أصحبت الحكومة بين كماشة الصندوق، وطرفا الكماشة تعويم الجنيه ورفع أسعار البنزين وكلا الأمرين يؤدى لارتفاع جنونى للأسعار.

وأرجو ألا تبتلع الحكومة الطعم وألا تطمع فى الـ2.5 مليار دولار، لأن تنفيذ طلبات الصندوق سوف يكون مغامرة بل مقامرة سياسية، وهذه المقامرة قد تدفع مصر ثمنها بما لا يحتمل صبر المواطن.

وأخطر ما فى المغامرة أن تظل الحكومة مصابة بالخرس وتقوم فجأة بتنفيذ طلبات الصندوق، ومفاجأة أو بالأحرى مداهمة المصريين بارتفاع أسعار جنونى سيكون جنوناً سياسياً فمثل هذه الخطوات تحتاج للمصارحة والمكاشفة، ولذلك يجب أن تقوم الحكومة وبسرعة شديدة واليوم قبل غدا بالإعلان عن هذه الإجراءات، وأن تشرح للمواطن الذى سيتحمل الفاتورة القاسية كل الظروف والملابسات التى دعت الحكومة لاتخاذ هذه الإجراءات أو بالأحرى الكوارث، ويجب أن تستمع الحكومة للبدائل الاخرى للقرض وتفند هذه البدائل أمام المصريين، لأن ضربة الصندوق ستكون ضربة موجعة جدا، ومن حق كل من سيتلقى الضربة وكل من سيتحمل الألم والثمن أن يعرف التفاصيل، وأن يصل إلى درجة القناعة بأنه لم يكن هناك طريق آخر سوى طريق الصندوق. صارحوا الناس بدل ما الناس تفاجئكم.