كيف بدت إسرائيل من الداخل قبل حرب 1973

العدو الصهيوني

اسرائيل من الداخل
اسرائيل من الداخل

1- الإقتصاد والأسعار:
قبل حلول عام 1973 كان الإقتصاد الإسرائيلى يمر بحالة من الإنتعاش الغير مسبوقة, نتيجة المساعدات الامريكية السخية التى تم تقديمها لتل أبيب ,لكى تحافظ على تفوقها الذى حققته خلال حرب 1967 , هذا التفوق منح القيادات الإسرائيلية نوعاً من النشوة لتقررالحكومة الإسرائيلية  وقتها  إقامة بعض المشاريع ,وإجراء مجموعة من التطويرات فى جميع المجالات ,وهو ما جعلها تفتح الباب لإستقبال العديد من العمال .وتسببت الهجرات المتتالية من الإتحاد السوفيتى _أنذاك_فى تحفيز النمو الإقتصادى بالإضافة إلى حرب الإستنزاف التى تسببت فى مضاعفة الميزانية الامنية بشكل كبير .

إستمر النمو الإقتصادى حتى بدايات  عام 1972, وقتها قررت الحكومة الإسرائيلية  دعم جميع المنتجات والسلع الأساسية ,إلا أن هذا الدعم تسبب فى حدوث موجات من التضخم المالى ,فبعد موجه الغلاء العالمية ,إستمرت الحكومة الإسرائيلية  فى خطة الدعم الكاملة ,وهو ما أدى إلى حدوث عجز شديد فى الميزانية وإرتفاع غير مسبوق فى الاسعار وصلت خلاله معدلات التضخم المالى إلى 12%,وومع حلول عام 1973 ومع تدعيم الميزانية الامنية وحدوث أزمة الطاقة ,بلغت نسبة التضخم عام 1973 حوالى 20 % ,ووصل  حجم الدين الخارجى إلى 38% من إجمالى الناتج المحلى .
 
2- كره القدم :
تُعد لعبة كره السلة هى اللعبة الشعبية الاولى فى إسرائيل قبل كره القدم التى لم تحقق اى إنجازات تذكر على المستوى الدولى .

الإنجاز الوحيد الذى  حققته إسرائيل فى لعبة  كره القدم ,هو وصولها لكأس العالم عام 1970 وقتها لعب المنتخب الإسرائيلى  ثلاثة مبارايات فى البطولة التى أقيمت بالمكسيك ,خسر مباراة أمام الاورجواى بنتيجة صفر _2 وتعادل فى مبارتيين أمام إيطاليا صفر _صفر, والسويد 1_1.

ومنذ ذلك التاريخ لم تتأهل إسرائيل أبداً سواء لبطولة كأس العالم أو لبطولة الامم الاوربية .

وتتركز إنجازات إسرائيل الرياضية فى رياضة كره السلة ,حيث حقق فريق مكابى تل أبيب بطولة أوربا للاندية أكثر من مرة ,بفضل إقدام الاندية  الإسرائيلية على شراء لاعبين كبار للإحتراف داخل إسرائيل من أفضل الاندية الامريكية والاوربية .

لم تتوقف المسابقة المحلية لكرة القدم فى إسرائيل خلال فترة الستينات أو السبعينات,تلك الفترة  التى شهدت المواجهات  العسكرية التى خاضها الكيان الصهيونى ضد مصر والدول العربية ,وخلال عام 1973 تحديداً ,حصل نادى "مكابى  رامات جان" على بطولة الدورى للمرة الثانية فى تاريخ المسابقة التى تزعم إسرائيل أنها بدأت عام 1928.

الافت للنظر أن البث التلفزيونى  الذى أنطلق  عام 1968 فى إسرائيل  ,لم يكن يبث  مباريات الدورى العام فى إسرائيل ,الذى كان يُبث عبر الراديو ,والمثير  أن اول مباراة تم بثها فى الدورى الإسرائيلى كانت بتاريخ 24 مايو عام 1986 ,هذا فى الوقت الذى بدأ التلفزيون المصرى فى بث المبارايات منذ عام 1960 مع إنطلاق البث التلفزيونى .
 
3- السينما :
أنتجت إسرائيل خلال عام 1973 ,حوالى 12 فيلماً ,وهو رقم كبير بالنسبة لصناعة السينما الإسرائيلية الضعيفة للغاية ,كان أبرزها  "المنزل فى شارع 3" الذى تم ترشيحه لنيل جائزة أوسكار ,وفيلم "ابو البنات" الذى رُشح أيضاً لنيل جائزة السعفة الذهبية فى مهرجان "كان" ,وفيلم "كزابلان" الذى يُعد أحد أهم الأفلام فى تاريخ السينما الإسرائيلية والذى تعرض بوضوح للإنقسامات الطائفية التى يعانى منها المجتمع الإسرائيلى ,بالإضافة إلى الخلاف بين اليهود الشرقيين والغربيين  ,وفيلم "ضوء من العدم " و"المخبر الشجاع" و"هدية من السماء" و"ثلاثة ومعهم واحد "و"دعوة للقتل".

وبشكل عام ,لا تحظى السينما الإسرائيلية بأى إهتمام عالمى  و يرجع ذلك لضحالة الموضوعات التى كانت تتناولها السينما خلال حقبة السبعينات والثمانينات ,فمعظم الافلام التى أُنتجت خلال تلك الفترة كانت كوميدية تهتم بقضايا داخلية و تسخر دوماً من الشخصية الإسرائيلية ,أو كانت إقتباساً من الأفلام الامريكية مثل سلسلة أفلام "أسكيمو ليمون" و"سفيخاس" التى إهتمت بالجانب الرومانسى بين الشباب فى مرحلة المراهقة ,والتى لم  تخلو أيضاً من بعض المشاهد الجنسية فى إطار ساخر .

كما كان لشغف الإسرائيليين الشديد  بالأفلام المصرية الكوميدية على وجه التحديد التى تواظب القناة الثالثة  الإسرائيلية على عرضها مساء كل جمعة منذ عام 1980 وحتى الان والمصحوبة بالترجمة العبرية ,أكبر الأثر فى إهمال الجمهور الإسرائيلى ,لما يقدمه صُناع السينما لديهم ,حتى بات الفنان عادل إمام يحظى بشعبية جارفة هناك ,تضاهى شعبيته فى مصر .
 
_ تم إفتتاح يوم 11 مارس 1973 أول سينما سيارات داخل إسرائيل ,وتم إغلاقها فىما بعد عام 2000.
 
4- الأدب:
شهد عام الحرب ,غزارة فى الإنتاج الادبى بشكل لافت ,حيث ألف "أهارون ميجيد" رواية "فوق الأشجار والحجارة " وحصل خلالها على جائزة "بياليك" فى الادب ,وحصل "دان فجيس" على جائزة رئيس الوزراء فى الادب العبري ,بروايته فى أدب الطفل التى تحمل عنوان "البيضة المتنكرة " ,وأصدر "بنحاس ساديه " كتاب بعنوان "التضحية  والإخلاص " ,وأصدر الروائى "يوشع كينز" رواية بعنوان "المراة العظيمة من الاحلام " .

وخلال هذا العام منعت السلطات الإسرائيلية  الشاعر محمود درويش ,من الدخول إلى الاراضى الفلسطينية  المحتلة .

وخلال العام ذاته قررت رئيسة الوزراء الإسرائيلية  "جولدا مائير " منح جائزة التفوق الادبى لكتاب لغة "اليديش" التى تعتبر لغة يهودية وقريبة الشبه بالالمانية  ,لكنها تُكتب بحروف عبرية ,إذ تحتوى 30% من مصادر  مفرادتها على كلمات عبرية وأرامية ,الباقى من مصادر لاتينية .

ويقال أن عدد ضئيل  من الإسرائيليين بات يتحدث بها ,وهى فى طريقها للإنقراض .

ويرجع سبب الإنتاج الادبى الضخم لإسرائيل بشكل عام ,إلى الهجرات الاوربية التى توجهت إلى إسرائيل بشكل عام ,وأثرت الحياه الادبية كثيرا,وعلى الرغم من صعوبة الكتابة والتعبير باللغة العبرية خلال مرحلة البدايات  ,إلا أن العديد من الكتابات تم ترجمتها و" عبرنتها" لتنضم إلى مكتبة التراث الادبى العبرى فى ذلك الوقت .
 
5- الموضة:
مع إنطلاق حقبة السبعينات وحتى عام 1979 ,أثرت الموضة الاوربية بشكل كبير على المجتمع الإسرائيلى ,حيث تم لأول مرة الإستغناء عن الكعب العالى واللجوء إلى الأحذية المسطحة المصنوعة من المطاط ,والصنادل المصنوعة من البلاستيك ,فى حين إنتقلت موضة الكعب العالى ,لاحذية الرجال "كيكرز" ,وأيضاً الملابس الداخلية الملونة والضيقة التى حلت محل الملابس الداخلية البيضاء القطنية ,وبدأ الشكل التقليدى لملبس الرجل والمرأة يختفى فى ذلك الوقت ,إستغنى معظم الرجال عن المظهر الرسمى الممثل فى البدل الرجالى التقليدية ,ولجئوا إلى " البلوفرات "التريكو ,والقمصان ذات الياقات الطويلة ,كما استغنت المرأة عن "الجيب" الطويل  الفضفاض التقليدى بشكل كبير ,وأستبدلته بالجينز .
 
6- الجريمة:
يُطلق الإسرائيليون  على النصف الاول من فترة السبعينات ,"أيام الرعب" ,بعد أن  أنتشرت وقتها ظاهرة التنظيمات العصابية الخطيرة التى لا تكتفى بالسرقات الخفيفة ,بل تلجأ لتنفيذ جرائم  قتل وسرقة للمتاجر الكبرى ,والبنوك ,ومراكز صقل الماس .كانت الفترة منذ عام 1971 وحتى عام 1975 من اكثر الفترات التى شهدات إرتفاعاً ملحوظ فى معدلات الجريمة .

وعن أشهر تشكيل عصابى فى إسرائيل فى تلك الاونة ,كان  التشكيل الذى رأسه "هرتزل أفيطان " الذى كان يثير الرعب فى قلوب رجال الشرطة الإسرائيلية بمجرد ذكر إسمه ,كان قاتل بدرجة خبير ,وروى بعض رجال الشرطة ,أنه لم يتمكن أحد من رؤيته على بُعد متر ,إذ كان يطلق النار عليه على الفور ,وكان مصير كل من يتعرض له ,هو القتل ,وتم إلقاء القبض عليه عام 1973 بعد قيامه هو و4 من افراد عصابته بقتل حراس بنك "لئومى " الشهير وسرقة مبلغ 8 ملايين ليرة .

وهناك أكثر من تشكيل عصابى ظهر فى إسرائيل خلال تلك الفترة أبرزهم عصابة  "شماعيا أنجل" التى تخصصت فى الإتجار وتوزيع المخدرات ,وأتهم رئيسها فى العديد من قضايا القتل ,وعصابة ""شاتس بلوم " التى تخصت فى توزيع المخدرات داخل تل أبيب ,وعلى فرض الإتاوات بالقوة على أصحاب المتاجر الكبرى فى تل أبيب ,ومن يرفض منهم  يتم تفجير سيارته وهو داخلها ,حيث كان "بلوم" خبيراً أيضاً فى المفرقعات .
 
7- المخدرات:
فى أعقاب إنتشار المخدرات داخل المدن الإسرائيلية ,نتيجة زيادة معدلات الجريمة ,وإنتشار تجار المخدرات ,تم تعديل  عام 1973 نصأ بقانون العقوبات الإسرائيلى تحت مسمى "أمر المخدرات المدمرة للصحة "  ,تم خلاله تغليظ العقوبات على تجار المخدرات ومتعاطيها داخل إسرائيل ,وجاء نص الأمر كالتالى :

يحظر زراعة المخدرات أو إنتاجها أو نشرها أو تصنيعها من مواد بديلة ,ومن يخالف الامر سيتعرض لعقوبة السجن لمدة  25  عاما أو غرامة بدفع مبلغ مالى كبير ,ومن يثبت إحتفاظه بالمخدرات لغرض التعاطى ,سيُعاقب بالسجن لمدة 3 أعوام .

وأوضح نص الامر ,أن عقوبة كل من يتهم بحوزته مخدر أو الإتجار فيه أو إستيراده ,أو دفع المراهقين على تناوله ,سييتعرض لعقوبة السجن لمدة 25 عاماً أيضاً .
 
8- الدراما:
قبل  الحرب ,لم تكن إسرائيل تمتلك إلا قناة واحده ,تبث فى معظمها برامج أطفال وبرامج تعليمية وتثقيفية ,وبعض المسلسلات الاجنبية الأمريكية ,وكان الارسال يمتد لثلاثة ساعات خلال أربعة ايام فقط فى الاسبوع ,وقررت إدارة القناة مد ساعات الإرسال لتشمل جميع أيام الاسبوع بما فيها أيام الجمعة والسبت ,,هو ما أثار حفيظة الاحزاب الدينية التى ترفض تدنيس قدسية يوم السبت بالعمل ,وبعد سلسلة من المداولات الساخنة  ,إستجابت رئيسة الوزراء "جولدا مائير " لمطالب الاحزاب الدينية وقررت ,وقف البث التلفزيونى أيام السبت .

 ولكن بعد الحرب ,تم مد ساعات الإرسال  إلى 6 ساعات ونصف الساعة يومياً ,منها ساعة ونصف باللغة العربية ,وساعة لبرامج الاطفال ,أما باقى ساعات البث ,فتم تخصيصها للمسلسلات الاجنبية والتحليلات السياسية.
 
9- الإعلانات:
عام 1973 كانت المرة الاولى التى يتم خلالها الإعلان عن ليتر مشروب كوكا كولا الغازى ,وأطلق عليه "عملاق التوفير " ,بالإضافة لترويج لمنتج يدعى "شيلتوكس"لمقاومة الحشرات الطائرة ,ولاول مرة أيضا تم الترويج للاكل الصحى ,عن طريق منتج "كوتيتج" وهى عبارة عن نوع من الجبن خالى الدسم ,للمساعدة أيضا فى إنقاص الوزن ,ودعاية أخرى للفاكهة من تعبئة شركة "تنوفا"للأغذية ,ويلاحظ أن جميع المنتجات التى تم الإشارة لها ,مازالت تلقى رواجاً كبيراً حتى الأن  داخل إسرائيل .
 
10- الكاريكاتير:
جند رسامو الكاريكاتير الإسرائيليين أنفسهم من خلال رسوماتهم بعد إندلاع الحرب , بصحف معاريف ويديعوت أحرونوت وهاآريتس ودافار ,على التقليل  من هول المفاجأة على الجمهور الإسرائيلى الذى لم يستوعب حجم الكارثة بعد ,وكان من الطبيعى أن تعتمد الرسومات على بعض الاكاذيب وتشويه الحقائق فى الأيام الاولى من الحرب ,فعلى سبيل المثال فى اليوم الاول من الحرب رسمت إحدى الصحف صورة لطفل إسرائيلى ,يهاجمه صقران هما مصر وسوريا ,وهو يقف فى ثبات لمواجهتهما وحده ,وصور رسم أخر لرئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير ,وهى تلعب لعبة إختبار القوة  "رست" مع كل من الرئيس السورى حافظ الاسد والرئيس الراحل أنور السادات بمفردها وتنتصر عليهما  ,أتبعه رسم كاريكاتيرى فى اليوم الثالث للمعركة بصورة لنفس الطفل وهو يكسر فوهة المدافع السورية والمصرية بأيديه ,ولكن بعد أن تأكد للجميع حجم الكارثة التى وقعت على الدولة العبرية ,لجأ رسامو الكاريكاتير إلى كشف الحقيقة للجمهور الإسرائيلى  رويداً رويداً بشكل يسخر من القادة العسكريين ,وصور أحد الرسامين جولدا مائير وهى تسير ويوجهها وزير الدفاع أنذاك موشيه ديان ,وهى تتعثر وسط جثث الجنود الإسرائيليين ,وهى تقول لديان "هل أنت واثق أن العصابة التى تضعها على عينك ,لا تعد نوعاً من أنواع  العمى ؟؟ويرد عليها قائلاً لا تقلقى أنى واثق " ,وهو ما يرمز إلى حقيقة الإعتراف  بخطأ  وزير الدفاع الإسرائيلى الذى أدى إلى مقتل 2445 إسرائيلى خلال الحرب ..