نص كلمة السيسي في المؤتمر المشترك مع الرئيس القبرصي
ألقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، كلمة خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس القبرصي، ورئيس الوزراء اليوناني، اليوم الثلاثاء، عقب انتهاء أعمال القمة الثلاثية، وجاءت كالتالي:
"يطيب لي في البداية أن أرحب بالسيد رئيس جمهورية قبرص، والسيد رئيس وزراء جمهورية اليونان، اللذين اجتمعت معهما اليوم في إطار تعزيز العلاقات التاريخية الفريدة بين حضارتين أنارتا بالأمس طريق العلم والتعايش المشترك، وتعملان اليوم على مواصلة مسيرة البناء والتنمية.
إنه من دواعي سروري أن استقبلكما اليوم في القمة الرابعة لآلية التعاون الثلاثي بين بلادنا، والتي انطلقت قمتها الأولى من مصر في يونيو 2014، وهو أمر يعكس حرصنا على عقد اجتماعات هذه الآلية على مستوى القمة بانتظام، بما يمثل نموذجاً إقليمياً لعلاقات التعاون وحسن الجوار، باعتباره مدخلاً للحفاظ على أمن واستقرار منطقة المتوسط بشكل عام.
ولا شك أن اهتمام مصر بتطوير التعاون مع دولتيكم هو أمر طبيعي وامتداد تلقائي لتاريخ طويل من الترابط والتواصل بين شعوبنا، ولاسيما وأن هذا الماضي يُحتم علينا جميعاً أن نعمل معاً من أجل تطوير آلية التعاون الثلاثي بين دولنا، بما يضع أساساً جديداً لمستقبل يوفر لأبنائنا نموذجاً يسمح بالتعدد، ويرى في الاختلاف رصيداً للأفكار والمواهب والقدرات، وأنى على ثقة في أن لدينا الإرادة والقدرة على تحقيقه سوياً والتغلب على ما تشهده منطقة المتوسط من تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية.
لقد عكس اجتماعنا اليوم توافقاً كبيراً في الرؤي، ولاسيما فيما يتعلق بتحقيق نقلة نوعية في التعاون الثلاثي بمختلف المجالات خلال المرحلة الراهنة، وذلك من خلال تعزيز الشراكات في مجالات مختلفة تؤسس لوجه جديد من علاقاتنا الاستراتيجية الراسخة عبر تاريخ ممتد من الصداقة والتعاون بين شعوبنا.
وقد تطرقت مباحثاتنا إلى سُبل الإسراع في تنفيذ المشروعات المشتركة في عدد من المجالات، منها تعظيم الاستفادة من موارد الطاقة وتنميتها واستخدامها لصالح شعوبنا، والحفاظ عليها باعتبارها ملكاً للأجيال القادمة ومصدراً لتأمين الطاقة لها، وذلك إلى جانب المحافظة على البيئة في البحر المتوسط وتفعيل الربط بين موانئ دولنا، بالإضافة إلى المشروعات المشتركة التي يتم إقامتها في مجالات الزراعة والسياحة بهدف توفير فرص العمل لشبابنا وضمان حياة كريمة ومستقبلاً آمناً لهم.
على المستوى السياسي والدولي، فقد تطرقت مناقشاتنا البناءة إلى العلاقات الممتدة التي تربط بين مصر والاتحاد الأوروبي، حيث أكدت أن أساس تلك العلاقة هو التعاون الذي يتأسس على الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة، فضلاً عن الرغبة المشتركة في الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة في ظل ما يشهده الشرق الأوسط وشرق المتوسط من توتر وأحداث تدركونها جميعاً.
وفى هذا السياق بحثنا أيضاً الأوضاع الإنسانية المُتدهورة في كل من سوريا وليبيا واليمن، حيث أكدنا على ضرورة إنهاء معاناة تلك الشعوب ومحاولة استعادة الاستقرار في المنطقة اتساقا مع القواعد الراسخة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
كما اتفقنا على الأولوية التي تحتلها حالياً قضية الهجرة غير الشرعية وتدفق اللاجئين، وقد استمعت خلال مباحثاتنا البناءة من فخامة الرئيس ودولة رئيس الوزراء باهتمام بالغ لرؤيتيهما لهذا الموضوع، وأكدت لهما على رؤيتنا تجاه تلك القضية، والتي تقوم على أهمية أن يتم التعامل مع هذه الظاهرة في إطار منهج شامل ومتوازن لا يُركز فقط على البعد الأمني وترحيل المهاجرين غير الشرعيين، وإنما يُركز على قضايا تنظيم الهجرة الشرعية كالهجرة الموسمية، وتسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات، إلى جانب دعم التنمية في دول المصدر والعبور.
وتظل القضية الفلسطينية حاضرةً في هذا المحفل، والتي نتفق جميعاً على أهمية التوصل لحل عادل وشامل لها يحقق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يوفر واقعاً جديداً بالمنطقة، ويساهم في القضاء على أحد أهم أسباب التوتر وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وهو الأمر الذي يتطلب من جميع الأطراف مضاعفة جهودها من أجل احياء عملية السلام بين الجانبين.
كما أعربت خلال مباحثاتنا اليوم عن استمرار دعم مصر لجهود التوصل لحل عادل للقضية القبرصية، بما يضمن إعادة توحيد شطري الجزيرة، ويراعي حقوق كافة القبارصة، وفق قرارات الأمم المتحدة ومقررات الشرعية الدولية ذات الصلة.
أود أن أرحب مُجدداً بصديقىَّ، السيد رئيس قبرص، والسيد رئيس وزراء اليونان في مصر، وأوكد مرة أخرى حرص مصر على مواصلة التنسيق فيما بيننا وبين وزاراتنا المعنية والقطاع الخاص بدولنا لنضمن تحقيق مستقبل أفضل لنا جميعاً رغم التحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية التى تواجهها منطقة الشرق الأوسط".