مجلة أمريكية: السعودية استخدمت "سياسة العضلات" وكشرت عن أنيابها

السعودية

السعودية
السعودية


نشرت مجلة "المصلحة القومية" الأمريكية مؤخرًا تقريرًا عن متغيرات الإستراتيجية الدفاعية للسعودية وبخاصة منذ عام 2015، مشيرًا إلى أن الرياض اتخذت نهجًا جديدًا وكشرت عن أنيابها إقليميًا.

التقرير أشار إلى أن المملكة العربية السعودية حتى نهاية عام 2010 كانت معروفة كقوة نفطية كبرى أكثر من كونها قوة عسكرية تسعى إلى هيمنة إقليمية، وأنها في كثير من الأحيان مارست تأثيرا هائلًا في إمدادات النفط العالمية وأسعاره.

وذكر التقرير أن الرياض كان يُعرف عنها أنها تتبع سياسة خارجية بعيدة عن الأضواء، وتتميز بضبط النفس، وتعمل في الأساس بالتنسيق الوثيق مع الولايات المتحدة، كما كان الحال عليه في أفغانستان خلال التدخل العسكري السوفييتي (1979 – 1988)، وهي قدمت دعمًا ماليًا لحركة "يونيتا" المتمردة المناهضة للشيوعية في أنجولا في ثمانينيات القرن الماضي، بل دعمت متمردي الـ"كونترا" في نيكاراجوا البعيدة في الفترة ذاتها.

وأشارت المجلة إلى ما عدته أمثلة على نهج سياسة العضلات الذي انتهجته السعودية في السنوات الأخيرة في التعامل مع التهديدات والأعداء "المتخيلين والحقيقيين"، ومنها الهجمات الجوية على اليمن التي بدأت في مارس عام 2015 للقضاء على المتمردين الحوثيين عقب استيلائهم على صنعاء بعد الإطاحة بالرئيس عبد ربه منصور المدعوم من الرياض، والتدخل العسكري في البحرين في مارس 2011، وتشكيل تحالف عسكري إسلامي يتكون من 34 دولة في ديسمبر عام 2015، والتدخل بالوكالة في الحرب الأهلية في سوريا، ولفتت إلى أن الرياض بذلك خرجت بوضوح عن خط سياستها التقليدية إلى نهج حازم في مواجهة كل الأشكال المعادية السرية والعلنية من الجماعات والدول.

ورأت المجلة الأمريكية أن العقيدة الدفاعية السعودية الجديدة تأتي بحسب مضمونها ردًا على تهديدات غير تقليدية من جماعات مثل "القاعدة" و"داعش" و"حزب الله"، لافتة إلى أن الأهم من ذلك أنها رد سعودي على "الإحباط المكبوت" نتيجة توقيع إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للاتفاق النووي مع إيران في يوليو 2015.

وقال التقرير إن الصفقة الأمريكية الإيرانية النووية كانت مقلقة للغاية للسعوديين كما للإسرائيليين، مضيفًا أن الطرفين، وهما حليفان تقليديان للولايات المتحدة عدا الصفقة النووية، يعدان الصفقة تنازلًا كبيرًا من واشنطن، وامتيازًا يسهل بروز إيران قوة مهيمنة في منطقة الشرق الأوسط.

وتعكس العقيدة الدفاعية السعودية الجديدة ضمنيًا، بحسب المجلة، فكرة تراجع نفوذ الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعدم وجود قوة موازية لإيران كما كان الحال عليه في العراق زمن صدام حسين، ولذلك فالسعودية هي الدولة الوحيدة القادرة ماليًا وعسكريًا على قيادة الدول العربية في منطقة الخليج وخارجها ولعب دور "المدافع الإقليمي" وفق العقيدة الدفاعية الجديدة.

وأفاد التقرير أن الرياض تسعى إلى أن تكون قوة عسكرية إقليمية رئيسة من خلال الإنفاق السخي على الدفاع في العقد المقبل، حيث يتوقع رفع جاهزية القوات البحرية والبرية والجوية بتكلفة هائلة تبلغ 250 مليار دولار، مضيفة أن المملكة بنهاية المطاف ستكون لها القوة القادرة على خوض حرب على جبهتين، على حدودها الجنوبية مع اليمن وحدودها الشمالية مع العراق والأردن، حيث تتحرك "القاعدة" و"داعش" بحرية.

وذكرت المجلة أن التدخل العسكري السعودي في اليمن لم ينجح إلا في طرد المقاتلين الحوثيين من جنوب اليمن بمشاركة مباشرة من تسع دول أعضاء في التحالف العربي، ودعم لوجستي من الولايات المتحدة يتمثل في التزويد بالوقود في الجو، وإمدادات سريعة بالأسلحة، ومع ذلك لم تنجح الرياض في القضاء على قوة الحوثيين وتقويض سلطاتهم، فيما استنزفت البلاد اقتصاديًا وسياسيًا وإستراتيجيًا، مع تراجع أسعار النفط (تكلفة الحرب في اليمن تبلغ بحسب التقريرات 6 مليارات دولار شهريًا)، لافتة إلى أن الصراع طال أمده مع غياب أفق قريب له.

وخلص التقرير إلى أن العقيدة الدفاعية السعودية توجد بها نقاط ضعف عديدة، من بينها خلوها من المرونة، والبناء على أسس ومفاهيم غير سليمة، مضيفًا أن هذه العقيدة الدفاعية الجديدة تعتمد إلى حد كبير على الدعم العسكري الأمريكي للقتال في اليمن وفي سوريا، وقد تتعطل عن العمل إذا قررت الولايات المتحدة عدم تلبية احتياجات السعودية الدفاعية لاعتبارات سياسية داخلية أو نتيجة لضغوطات دولية.