في ذكرى العبور الـ 43.. لماذا اختفت الاحتفالات بالميادين والعروض الجوية ؟
عروض جوية ومواطنون يحملون العلم المصري وصورًا لجنود القوات المسلحة البواسل، ينشدون أغنيات النصر "بسم الله" و"أحلف بسماها وبترابها".. جميعها أجواء احتفالية اعتاد عليها المصريين خلال السنوات الماضية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، لكن الذكرى الـ 43 لانتصارات أكتوبر، شهدت غياب العروض الجوية عن السماء، كما غابت أيضًا الأجواء الاحتفالية عن الميادين، وهو الأمر الذي جعلنا نطرح تساؤلًا حول سر التغير الذي وقع على المصريين مؤخرًا، وأسباب عدم قيام القوات الجوية بعروضها مثل كل عام ومشاركة المصريين فرحتهم.
أنصار مبارك.. الاحتفال الأبرز
وكان الاحتفال الأبرز اليوم لأنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث احتشدوا أمام مستشفى المعادي العسكري، رافعين صور الرئيس الأسبق، ولافتات مدون عليها عبارة قالها من قبل: "أن هذا الوطن وطني.. فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه وعلى أرضه أموت ".
جيهان السادات وأطفال المدارس بالنصب التذكاري
كما كان محيط المنصة والنصب التذكاري للجندي المجهول بحي مدينة نصر، من أكثر المناطق التي قصدها المحتفلون، حيث وضعت السيدة جيهان السادات، زوجة الرئيس الراحل أنور السادات، إكليلا من الزهور على قبر الرئيس الراحل.
وحرص عدد من المدارس -رغم العطلة الرسمية - على تنظيم رحلات مدرسية إلى المنصة والنصب التذكاري للجندي المجهول، لرفع الشعور الوطني لدى الأطفال الذين التقطوا الصور التذكارية مع أفراد الجيش المكلفين بتأمين المنطقة.
"الميسترال" بالإسكندرية
وربما كان وصول حاملة الطائرات المصرية "أنور السادات" إلى محافظة الإسكندرية اليوم، سببا في تركز الاحتفالات بالمدينة الساحلية عن بقية محافظات مصر، حيث احتفلت القوات البحرية ونظمت عروضا بحرية على شواطئ مدينة الإسكندرية للميسترال، وعدد من القطع البحرية المنضمة حديثا لقواتنا البحرية، لمشاركة الشعب المصري احتفالاته وفرحته بالذكرى الثالثة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد.
عروض جوية وفنية في احتفالات 2015
بينما في العام الماضي شاركت القوات الجوية خلال الاحتفال بنصر أكتوبر المجيد بأكثر من 100 طائرة وهليكوبتر، والتي أقلعت من 15 قاعدة جوية ومطار.
كما شهدت المحافظات عروضًا فنية وكرنفالات احتفالًا بهذه المناسبة، وشارك فيها الأطفال آنذاك، ورفعوا أعلام مصر ولافتات عليها صور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأرجع الخبراء أسباب اختلاف الأجواء الاحتفالية إلى العديد من العوامل والتي من بينها ترشيد الانفاق، والظروف النفسية والمعيشية التي يعيشها المواطنين.
اتجاه لترشيد الإنفاق
من جانبها رأت النائبة بسنت فهمي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن الاحتفالات بذكرى انتصار أكتوبر هذا العام اختلفت عن السنوات السابقة، نظرًا لأن الدولة اتخذت في اعتبارها الظروف الاقتصادية التي تمر بها، مؤكدة أنها لا يمكن أن تستنزف أموالًا طائلة بالاحتفالات، وأن هناك اتجاه عام بترشيد الانفاق.
وأشارت "فهمي"، في تصريحات ل ـ"الفجر"، إلى أن الدولة لم تُقصر تجاه الاحتفالات، وأن القوات المسلحة احتفت بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشددة على أنه من الصعب أن يتم نزع فرحة المصريين من قلوبهم بنصر أكتوبر المجيد، وهي فرحة عودة الهيبة والكرامة.
انتهاء زمن "العواجيز"
بينما يرى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، أن عزوف المواطنين عن احتفالات أكتوبر ترجع إلى أن زمن "العواجيز" قد انتهى وحان وقت الشباب، الذين لم يعتدوا الاحتفال بهذا النصر، لافتًا إلى أنهم لم يسمعوا عن حرب أكتوبر سوى بكتب التاريخ .
وأضاف"نافعة"، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، أن فئة الشباب لم تقتنع بأن الشعب المهزوم الآن هو من حقق النصر في السادس من أكتوبر 1973، فتعتبر بالنسبة لهم سراب، لذا لم نجد الحشد الذي كان يتواجد في جميع الأحداث التي دارت من قبل في مصر.
ولفت إلى أن اختفاء دور الأحزاب الآن، أحد الأسباب أيضًا، موضحًا أنهم كانوا يدعموا هذه المسيرات والاحتفالات الشعبية ماديًا، ومع اختفائها اختفت الاحتفالات، وظهر دور الشباب الفعلي.
الظروف الاقتصادية والمعيشية
أما عن الجانب النفسي، أكد الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة، أن المواطن وليد الحشد الإعلامي، مشيرًا إلى أن اهتمام الإعلام بانتصار أكتوبر هذا العام كان ضعيفًا، نظرًا لإنشغاله بقضايا أخرى.
وأضاف"فرويز"، في تصريحه لـ"الفجر"، أن المواطنين لديهم نوع من الحماسة لاسيما المواضيع ذات الـ"فرقعة الإعلامية"، مثل مبادرة "الشعب يأمر"، فكانت الحدث الأقوى على الساحة الإعلامية المرئية والمكتوبة مؤخرًا.
وأشار إلى أن السنوات الماضية كان الحشد فيها غير عاديًا لتوصيل هدف معين من قبل الدولة ضد جماعة الإخوان، وإبراز مشهد أن مصر يسودها الأمان، ولكن في ظل الضغوط القائمة على المواطن المصري كإرتفاع أسعار السلع، أصبحت الدولة تهتم أكثر بهذا الشأن، وبالتالي المواطن نفسيًا ستشغله حالته الاقتصادية وظروفه المعيشية أكثر من النزول في الشارع للاحتفال.