"العريان" يؤكد: السعودية مستهدفة
أكد البروفيسور سامي العريان، الأكاديمي بجامعة فلوريدا سابقًا، الذي واجه القوانين الأمريكية طوال سنوات مضت في تهم تتعلق بدعم حركة الجهاد الفلسطيني في أمريكا، في مقال تحذيري للسعودية أن السعودية هي المستهدفة، مشددًا على أن عليها التحرك في الحال بالبدء بسحب تدريجي للودائع السعودية لإثارة القطاع الاقتصادي بالولايات المتحدة؛ وذلك للضغط على الكونغرس لتغيير القرار.
وتفصيلاً، قال "العريان" في مقاله الذي نشره موقع "ترك بس": "من الواضح أن الذين يكتبون ويعلقون على قانون (الجاستا) يجهلون تمامًا تاريخ هذا القانون، ولا يعرفون الكثير عن النظام السياسي والقضائي الأمريكي. ولا أدري لماذا هذه المحاولات للتقليل من شأن وفاعلية القانون؟ هل هو لحث التهديد السعودي بسحب أو التخفيض من الأرصدة، التي تقدر بأكثر من 750 مليار دولار؟".
وزاد: "ليس صحيحًا على الإطلاق أن إيران هي المقصودة بهذا القانون؛ لسبب بسيط هو أن أي دولة أو منظمة على قائمة الإرهاب يمكن مقاضاتها أصلاً في المحاكم الأمريكية بدون هذا القانون. وهذه الحالة واقعة منذ عشرات السنين. وللعلم، هناك أحكام صدرت ضد إيران، وصلت إلى أكثر من 46 مليار دولار. ولقد قامت الحكومة الأمريكية بمصادرة مبنيَيْن قبل أعوام عدة بقيمة تقدر بأكثر من بليونَيْ دولار".
وأردف: "هاتان البنايتان كانتا للشاه، وأُعطيتا لإيران كجزء من اتفاقية تسليم الرهائن عام 1981 بشرط ألا تبيعهما إيران، ولا تحول عوائدهما خارج أمريكا. وغير صحيح بالمطلق الخبر الذي يقول إن الرئيس الأمريكي أو حتى الكونجرس لهما القدرة على الاعتراض على حكم أي محكمة حتى لو كانت الأحكام ضدهم".
وأوضح أن "الأحكام القضائية في أمريكا بعد الاستئناف نهائية. يمكن فقط تغيير القانون من قِبل الكونجرس بشرط عدم تناقضه مع الدستور (ولكن هذا التغيير لا يستطيع إيقاف أو إلغاء أية أحكام صدرت سابقة على إلغائه، وإنما ينهي فقط أي أحكام مستقبلية). ذكرت بعض المقالات أن قانون (الجاستا) تغير بعد اعتراض الرئيس الأمريكي عليه، وأصبح بلا أنياب. هذا القول أيضًا خاطئ ومضلل. ليس صحيحًا أن الرئيس أو وزيري الخارجية والعدل قادرون على تعطيل أو إيقاف العمل بالقانون. الصحيح أن القانون يعطي الحق لأي متضرر من أعمال إرهابية (كما تعرفها الحكومة الأمريكية) بمقاضاة أي دولة أو شخصية عامة حتى ولو لم تكن على قائمة الإرهاب. لقد كان هناك المئات من القضايا التي رُفعت ضد السعودية منذ أحداث أيلول 2001، ولكن الغالبية العظمى منها أسقطت بفضل قانون صدر عام 1976، الذي يحمي مقاضاة الدول التي ليست على قائمة الإرهاب أو في حالة حرب (إيران، السودان، سوريا، منظمة التحرير ومنظمات أخرى). بالمناسبة، هذه الدول والمنظمات باستثناء سوريا عليها أحكام بعشرات المليارات".
وأكد: "لذا، لا بد ألا يكون هناك أدنى شك أن المقصود الأول في هذا القانون هو السعودية وما تمتلكه من أرصدة واستثمارات في الولايات المتحدة. ثانيًا: ما يتيحه القانون لوزير الخارجية هو أن يطلب من القاضي إيقاف العمل بنتائج الحكم (أي في حال حكم المحلفون بإدانة الدولة وقبول القاضي لهذا الحكم) لمدة 6 أشهر حتى تتفاوض الحكومة الأمريكية مع الدولة التي قد يحكم القاضي ضدها، والوصول إلى تسوية بدلاً من صدور حكم بالاستيلاء على الأرصدة كما حدث مع إيران. وهذا الأمر أيضًا خاضع لموافقة القاضي".
وأردف: "القانون أيضًا يسمح لوزير العدل بأن يطلب من القاضي 6 أشهر إضافية بعد أن يقرر القاضي أن المفاوضات مع الحكومة المعنية جادة. بعد انقضاء السنة على التفاوض سيكون الحكم نهائيًّا. مع العلم أن المتضرر يحق له الاستئناف. الاستئناف الفدرالي في أمريكا درجة واحدة، ثم يمكن بعدها رفع القضية إلى المحكمة الدستورية العليا التي تقبل أقل من 100 قضية سنويًّا من بين آلاف القضايا المقدمة لها".
وفسر قائلاً: "أي أن قبولها لأي قضية من هذا النوع هو شبه معدوم. كما يجب أيضًا فهم طبيعة النظام القضائي الأمريكي. الذي يحدد إدانة المدعى عليه ليس القاضي أو الحكومة الأمريكية، بل إن الحكومة الأمريكية لن تكون طرفًا أصلاً في أي من هذه القضايا التي تعتبر قضايا حق مدني بين طرفين، ليست الحكومة الأمريكية أحدهما. الذي يقرر الإدانة من عدمها في هذه القضايا هو 12 شخصًا من عامة المواطنين، قد يكونون أصلاً متعاطفين مع الضحايا (بدلاً من حكومات أجنبية)، ولا تهمهم أي انعكاسات سياسية أو نتائج سلبية نتيجة قرارهم. أما القول بأن اليابان وفيتنام وغيرهما ستقوم بتشريع قوانين ضد أمريكا مثل هذا القانون فهو أيضًا مضلل؛ لأن هذه الدول ليست هي المعنية بالقانون، ولأن مصالحها الاقتصادية والأمنية مع أمريكا لن تجعلها تتخذها أصلاً".
وأضاف: "الملخص: 1) ستكون هناك آلاف القضايا المقدمة للمحاكم الأمريكية ضد السعودية ممثلة بالحكومة والعائلة الحاكمة والأمراء.
2) للدفاع عن أنفسهم ستضطر الحكومة والعائلة والأمراء أن يدفعوا عشرات إن لم يكن مئات الملايين من الدولارات كمصاريف لفِرق المحامين (والتعويضات بالبلايين في حالة الإدانة).
3) كما ذكرت آنفًا، ليس مهمًّا في القانون الأمريكي أن يكون المتهمون أبرياء. المهم إقناع 12 شخصًا ببراءة أو إدانة المتهمين. والبراءة ستكون صعبة؛ إذ إن الأمر يختص بأحداث سبتمبر، وفي ولاية نيويورك تحديدًا.
4) ستُستخدم هذه القضايا كمحاولات لابتزاز الحكومة السعودية طالما أن لها مئات البلايين كأرصدة واستثمارات. [ملاحظة: كل متضرر من عمليات أيلول 2001 أخذ من الحكومة الأمريكية منذ أكثر من عشر سنوات ما بين مليوني دولار (إذا كان جريحًا) وأكثر من 10 ملايين دولار (لعائلته إذا كان قتيلاً]".
5) معظم الدوائر الصهيونية وكل المنظمات المعادية للعرب والمسلمين في أمريكا وقفت مع هذا القانون، ودعمته بقوة؛ لأهداف سياسية وأيديولوجية لا تخفى على أحد. كما أن أعضاء الكونغرس المدافعين بشدة عن هذا القانون ذكروا أنهم غير عابئين برد فعل سعودي قوي؛ لأن السعودية - في رأيهم - لن تقوم بسحب أية أرصدة؛ لكونها بحاجة إلى الحماية الأمريكية، كما أن أمريكا يمكنها أن تثير العديد من المشاكل للسعودية في حال أقدمت الأخيرة على أي رد من شأنه أن يؤثر سلبًا على الاقتصاد أو السوق أو السياسة الأمريكية".
وشدد على أن: "التحدي الحقيقي هو: هل الحكومة السعودية لديها الإرادة والقدرة على مواجهة هذا التحدي، وتنفيذ التهديد الذي أعلنته قبل صدور القانون؟ إن الرد الوحيد على هذا القانون لمآلاته الكارثية هو بدء الحكومة السعودية بسحب الأرصدة والاستثمارات، ليس بالضرورة كل شيء، ومرة واحدة، ولكن لتبدأ الحكومة بسحب 3-5 % كل شهر حتى يتم إلغاء القانون. في هذه الحالة فقط ستكون هناك ضغوط هائلة من الشركات وبيوت المال والاستثمار لإلغاء القانون. وعليه فإنني أؤكد أن إمكانية إلغائه ستكون عالية جدًّا حينها، وخصوصًا في وسط أوضاع اقتصادية غير مستقرة، وفي سنة غير انتخابية. أما إذا لم يحدث ذلك فأؤكد أيضًا أن القضايا المقدمة ضد السعودية والعائلة الحاكمة ستكون بالمئات أو الآلاف، ومن المؤكد أن بعضها سيكون رابحًا في المحاكم، وعندها ستصدر أحكام بعشرات إن لم يكن مئات البلايين. والخاسر وقتها لن تكون فقط الحكومات، ولكن أيضًا الشعوب المقهورة التي ليس لها من أمرها وثرواتها المنهوبة شيء".
وأكد أن "الخوف أن الابتزاز الواضح والمفضوح سيؤدي إلى نتيجة سيئة، هي الخضوع الكامل بأن تقنع الدوائر الأمريكية الحكومة السعودية بدفع تعويضات قد تصل إلى 100 بليون دولار، بدلاً من مواجهة آلاف القضايا في المحاكم".