حرب الفراولة

العدد الأسبوعي

فراولة - أرشيفية
فراولة - أرشيفية

مخطط ضرب الاقتصاد يهدد مصر بخسارة 4.7 مليارات دولار

■ زيادة فى حجم صادرات الفراولة بنسبة 60% خلال العام الحالى رغم الشائعات الأمريكية بفسادها

■ رئيس هيئة المواصفات والجودة السابق: التهديد الروسى بفرض قيود على الموالح « مساومة» لإجبار مصر على استلام شحنة قمح فاسد

■ خبراء: الحل فى إنشاء جهاز سلامة الغذاء .. ولابد من الرد السريع على هذه الأكاذيب


شهدت الفترة الأخيرة شائعات كثيرة الهدف منها ضرب الاقتصاد المصرى، بدءًا من أنباء مغلوطة عن إغلاق شركات عالمية فى مصر، مروراً بفساد الفراولة المصرية التى يتم تصديرها إلى الأسواق الأمريكية والعربية، وانتهاء بوضع قيود روسية على استيراد الموالح.

صحف أجنبية تروج لهذه الشائعات على أنها «حقائق» فى إشارة واضحة تدل على وجود مخطط لضرب الاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل تأزم الأوضاع الاقتصادية، ما يخلق لهذه الشائعات مناخا مناسبا لانتشارها على مدى واسع.

بعض هذه الشائعات يتم الرد عليها سريعاً من قبل مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء، وأخرى يتم تجاهلها، غير أن الخطورة فى الأمر تكمن فى أن هذا المخطط يكبد الاقتصاد المصرى خسائر تقدر بـ 4.7 مليار دولار، بحسب تقرير هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بوزارة التجارة والصناعة.


1- خروج الشركات العالمية

انتشرت أكاذيب عن أن بعض من الشركات العالمية الموجودة فى مصر مثل «إل جى» للإلكترونيات اتجهت لخفض عملياتها الإنتاجية، تمهيداً لوقف الإنتاج تماماً والانسحاب من مصر، غير أن الشركة نفت هذه المعلومات، ووصفتها بالشائعات التى تستهدف ضرب مناخ الاستثمار فى مصر.

ووصل الأمر إلى أن بعض الصحف الأجنبية بدأت تروج لأكاذيب تسريح كبرى المصانع العاملة فى مجال السيارات مثل تويوتا وسوزوكى وجنرال موتورز، للعمالة الموجودة فيها نتيجة تأزم أوضاعها المالية بسبب تردى الوضع الاقتصادى فى مصر.

ويعتبر خروج شركة «شل» البترولية من مصر هى أحدث الشائعات التى ردت عليها الشركة نفسها بأن الكشف البترولى الذى أعلنت عنه الشركة مؤخرا بصحراء مصر الغربية باسم «علم الشاويش» يؤكد التزام الشركة تجاه مصر، واصفة ما يروج من شائعات بسحب الشركة لاستثماراتها من مصر بـ»الأمر المغرض».


2- أزمة الفراولة

وفى منتصف شهر أغسطس الماضى، أعلن مسئولون بولاية فيرجينيا الأمريكية عن اشتباههم فى تسبب الفراولة المصرية فى إصابة مواطنين بفيروس الكبد، وذلك بعد تناولهم لعصير من سلسلة محلات «تروبيكال سموثيز»، وحينها ترددت شائعات بسحب الفراولة المصرية من الأسواق الأمريكية وهو ما لم يحدث.

الجهات المسئولة فى مصر سارعت بالرد على هذه الشائعات بالمعلومات الموثقة، نظراً لخطورتها على الاقتصاد القومى، حيث نفت وزارة الزراعة الأمر بعدما أظهرت نتائج تحاليل العينات المسحوبة من شحنات الفراولة المصدرة للأسواق الأمريكية أنها «سليمة»، ومطابقة للمواصفات العالمية، وخالية من أى فيروسات أو ميكروبات، مؤكدة أنها لم تتلق أى شكاوى رسمية بشأن هذه الشحنات.

وأشارت الوزارة إلى أن هناك زيادة فى حجم الصادرات الزراعية خاصة الفراولة بنسبة 60% خلال العام الحالى بسبب جودة المنتج المصرى، مضيفة: إن التصدير إلى السوق الأوروبية والأمريكية يخضع لاشتراطات ومعايير عالمية، ولا يتم قبول شحنات غير خاضعة للتحليل إلا بموافقة الجهة الطالبة والمصدرة.

أما وزارة الصحة، فأكدت أنها تتابع مع الجهات الدولية المختصة نتائج التحقيق فى إصابة المواطنين الأمريكيين من تناول عصائر الفراولة المصرية المجمدة، وشهدت وزارة التجارة والصناعة هى الأخرى حالة من الطوارئ لمتابعة القضية، حيث خاطبت مكتب التمثيل التجارى فى واشنطن، لتكليف الملحق التجارى هناك بمتابعة الملف.

وأعلنت هيئة الغذاء والدواء السعودية أنها حللت عينات من الفراولة المصرية، وتأكد خلوها من فيروس الكبد، وقررت دول الكويت والإمارات والأردن القيام بالأمر ذاته.

وتعتبر مصر هى رابع أكبر منتج للفراولة فى العالم ويبلغ حجم صادراتها سنوياً 60 مليون دولار، ويستحوذ الاتحاد الأوروبى على نحو 16 ألفا و177 طنا، بنسبة 35% منها، بينما لا يتعدى ما تستورد الولايات المتحدة نسبة الـ 6% بما يعادل نحو 2000 طن فقط، والباقى يتم تصديره لدول روسيا واليابان والخليج العربى.

من جانبه، علق المهندس علاء عبد الكريم رئيس هيئة الرقابة على الصادرات والواردات بوزارة التجارة والصناعة، قائلاً: كل مايقال عن عدم جودة ومطابقة الصادرات الزراعية المصرية للمواصفات «شائعات» مغرضة، متسائلاً: نحن نصدر منذ عشرات السنوات، فلماذا يتم الآن الاعتراض على منتجاتنا، ولماذا لم يقل الاتحاد الأوروبى أنها غير مطابقة للمواصفات فى حين أن شروطه شديدة التعقيد.

وأضاف عبدالكريم: ملف الفراولة المصدرة إلى أمريكا لم يثبت فيه أى إدانة لمصر، بل على العكس ثبت أن أحد العاملين فى محل العصائر هو سبب العدوى، وليست الفراولة المصرية، مؤكداً أن إجراءات فحص الصادرات متعارف عليها دولياً، وبالتالى لا مجال للسلع الفاسدة.

وأشار إلى أن هناك إجراءات تطبق على منتجات البصل والثوم والموالح والبطاطس والفول السودانى، وتخضع لفحص من الهيئة والحجر الزراعى، ولا يتم التصدير إلا بعد موافقة الجهتين، وغير هذه المحاصيل تخضع لرقابة الحجر الزراعى فقط، وإذا كان منتج مصنعاً غذائيًا تخرج له شهادة زراعية ثم فحص من وزارة الصحة.


3- المنتجات المحظورة فى أمريكا

تسبب تداول تقرير سابق صادر عن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية فى إثارة بلبلة حول مدى صلاحية المنتجات المصرية التى تدخل الولايات المتحدة الأمريكية، وشملت بعض منتجات لكبرى الشركات المصرية مثل جبنة جرين لاند، وحلاوة طحينية الرشيدى الميزان، وكورن فليكس جولدن فودز.. وغيرها من المنتجات.

تبين بعد ذلك أن هذه الوثائق ليست حديثة، ولم تصدر قرارات بمنع أى منتج مصرى فى العامين الاخيرين، وإنما تعود هذه المعلومات المغلوطة إلى عام 2009 ، ولم تكن مصر الدولة الوحيدة التى شملها تقرير الهيئة، بل شاركها 28 دولة أخرى فى العالم، من بينها فرنسا، حيث تم حظر استيراد منتجات 17 شركة منها، وحظر أيضا 36 شركة إيطالية بينما بلغت عدد الشركات المكسيكية 91 شركة.

مصطفى النجارى رئيس لجنة التصدير بجمعية رجال الأعمال المصريين، قال لـ«الفجر»: ما يتم ترويجه عن عدم صلاحية المنتجات المصرية نابع من رغبة شديدة لدى بعض الدول الغربية لضرب اقتصاد مصر، مؤكداً أن الولايات المتحدة لم تقم بحظر أى منتج مصرى، ولكن الأمر مجرد «تحذير»، ومصر يخصها 6 ملاحظات فقط منذ عام 2005 فى حين أن هناك دولا يوجد 22 صفحة ملاحظات على منتجاتها.

وأكد رضا عيسى الباحث الاقتصادى فى مجال الأسواق والتجارة، أهمية إنشاء جهاز «سلامة الغذاء» ليكون منوطاً بفحص المنتجات والمصانع التى تعانى من مشكلات، متابعاً: لا ينبغى أن ترد كل الأمور فى النهاية لنظرية «المؤامرة».


4- قيود روسيا على استيراد الموالح

ومنذ أيام قليلة أعلنت الهيئة المعنية بمراقبة سلامة الغذاء فى روسيا عن دراسة حظر استيراد الموالح المصرية، وأرجعت ذلك لمخالفات فى المواصفات الدولية والتى تتعلق بالصحة النباتية. فيما أعلنت هيئة الرقابة البيطرية والصحة النباتية فى روسيا أنها تبحث وضع قيود على استيراد محاصيل زراعية غير مطابقة للمواصفات بعد أن اكتشفت مخالفات فى الفاكهة المصرية.

الغريب أنه حتى الآن لم تتسلم مصر أى مخاطبات رسمية من روسيا لحظر استيراد الموالح والفاكهة المصرية، وتصدر مصر لروسيا 320 ألف طن موالح و200 ألف طن بطاطس بجانب البصل والرمان والليمون، وتصل قيمة الحاصلات الزراعية المصدرة للسوق الروسية سنويا حوالى 350 مليون دولار.

وتجرى وزارة التجارة والصناعة حالياً الإعداد لإيفاد بعثة فنية مصرية تضم ممثلين عن الجهات المعنية بالحجر الزراعى، والرقابة على الصادرات والواردات، والمجلس التصديرى للحاصلات الزراعية، لزيارة روسيا نهاية الشهر الحالى لبحث مستجدات قرار فرض قيود مؤقتة على الصادرات الزراعية المصرية، وبصفة خاصة البطاطس والموالح والخوخ والفلفل والطماطم.

حسن عبد المجيد رئيس هيئة المواصفات والجودة السابق بوزارة التجارة والصناعة، وصف هذه الأنباء بالأكاذيب التى تستهدف تضييق الخناق على مصر، والتأثير على مصادر العملة الأجنبية، لافتاً إلى أن التهديد الروسى ما هو إلا «مساومة» ورد فعل على رفض مصر لاستلام شحنة من القمح الروسى المصاب بفطر «الارجوت».

وقالت الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد العربى لحماية المستهلك: مصر دولة مستهدفة من الداخل والخارج، وينبغى أن تعالج جوانب القصور الموجودة لديها حتى لا تمنح فرصة لانتشار الشائعات التى تضر الاقتصاد، مؤكدة أن تداول المعلومات بحرية وشفافية هى أسرع وسيلة لمواجهة هذه الأكاذيب.