أحمد فايق يكتب : الحقوق المنهوبة للصحفيين

مقالات الرأي



صور وزير المالية مطالب الصحفيين بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا على أنها مطالب فئوية، وأصدر تصريحات عنترية تؤكد أن ميزانية الدولة لا تتحمل مزيدا من الأعباء، باعتبار أن البدل الذى يحصل عليه الصحفيون منة أو فضل من ميزانية الدولة أو من جيب سعادته الخاص. ببساطة ينهب الوزير المحترم أموال الصحفيين لصالح الموازنة العامة، ويصور للرأى العام أنها تمثل عبئاً على الدولة، ومن قال له إن الصحفيين يريدون من الحكومة بدل التدريب والتكنولوجيا، نحن نريد قيمة «الدمغة» الخاصة بالصحفيين التى تتجاوز أضعاف بدل التدريب والتكنولوجيا. الحكاية ببساطة أن نقابة الصحفيين لها نسبة من الإعلانات التى تنشر فى الصحف قيمة «الدمغة»، لكن وزارة مالية مبارك استولت عليها منذ سنوات، وقامت بضمها إلى الموازنة العامة للدولة، ساهم فى هذا صمت وتواطؤ المجالس المتعاقبة لنقابة الصحفيين بمختلف أطيافها من معارضة وموالاة، وقبلوا بـ «جزرة» بدل التدريب والتكنولوجيا التى لا تساوى قيمتها 20% من أموال الصحفيين، ومنذ انضمامى إلى نقابة الصحفيين ودائما ما أرى برامج انتخابية لمرشحى مجلس النقابة والنقيب تبدأ بضرورة الحصول على «دمغة» الصحفيين من الحكومة، وبعدما يتم انتخاباهم يصابون بالخرس.

الخرس الذى أصيب به ممدوح الولى نقيب الصحفيين ولم يرد على تصريحات وزير المالية، رغم أنه أغرق الصحف تصريحات عن مقابلته للرئيس محمد مرسى قبل ذلك، وأكد فيها أنه حصل على وعد بزيادة بدل التدريب والتكنولوجيا إلى 1200 جنيه فى الشهر، ورغم أن هذا المبلغ لا يساوى ثلث ما يمكن أن يحصل عليه الصحفيون لو أخذوا قيمة «الدمغة» من إعلانات الصحف، إلا أن الصحفيين ارتضوا بذلك، ثم عاد النقيب يصرح ويصرح ويصرح عن وعود ووعود ووعود بزيادة البدل، فسكت عن الكلام المجانى بعد تصريحات وزير المالية، دون أن يعلم أن نسبة كبيرة ممن انتخبوه نقيبا للصحفيين اختاروه بسبب برامجه التى لم تنفذ عن إصلاح الأحوال الاقتصادية للصحفيين.

هل توقف الإبداع عند كل من يجلس على كرسى السلطة؟ لماذا يتخلون عن برامجهم وطموحات أبناء المهنة من أجل المنصب؟

هذه التساؤلات أكتبها لكل أعضاء مجلس النقابة والنقيب ولا أستثنى منهم أحداً، حقوق الصحفيين منهوبة وهم يتفرغون لإدارة معارك خاصة وتافهة لتحقيق مصالح شخصية، لو كان لدى أحدهم وقت ليشاهد ماذا يحدث فى العالم، لقاموا بتوفير ملايين الدولارات شهريا لأبناء المهنة دون التسول من أحد، فقد قاضت الصحف البلجيكية محرك البحث الشهير «جوجل» وحصلوا على تعويض قدره 40 مليون يورو طبقا لقوانين الملكية الفكرية، ونسبة كبيرة شهريا من إعلانات «جوجل» لأنه يعرض محتويات الصحف ويربح منها المليارات دون أن يدفع لاتحاد الصحفيين دولارا واحدا، وفى بريطانيا وأمريكا نجح الصحفيون أيضا فى الحصول على حقوقهم من «جوجل»، ووفر هذا لهم ملايين الدولارات شهريا.

فى مصر لم يتحرك أحد ضد جوجل رغم أن أكثر من نصف رواد الموقع يتصفحون من خلاله مواقع الصحف المصرية مجانا، هل يعلم السادة أعضاء مجلس النقابة أن إثارة هذه القضية ستصل بنا لحل من اثنين: الأول هو توفير ما لا يقل عن 200 مليون جنيه شهريا، أى يوفر شهريا للصحفى الواحد 3000 جنيه بدل ملكية فكرية، أو إطلاق محرك بحث خاص بنقابة الصحفيين تتصفح من خلاله الصحف المصرية، وهذا يوفر المليارات للصحفيين، خاصة بعد إنذار «جوجل» بحذف كل مواقع الصحف المصرية من عليه.

بالطبع أعضاء المجلس والنقيب يظهرون يوميا فى الفضائيات ويتقاضون أجرا عن الاستضافة، وهذا حقهم الطبيعى لكنهم لم ينتبهوا ولو للحظة أن كل الفضائيات المصرية والعربية وبرامج التوك شو تعرض المواد الصحفية، وحينما تمن على الصحفى أو كاتب المقال فإنها تذكر اسمه واسم الجريدة، «وهذا لا يحدث كثيرا»، هؤلاء يعرضون نتيجة مجهود الصحفيين لأسابيع فى ثوان معدودة، ويبنون مناقشاتهم على مجهود أبناء المهنة، دون أن يدفعوا لنقابة الصحفيين حقوق الأداء العلنى، على سبيل المثال صحفى بذل مجهودا كبيرا فى تحقيق، واستغرق عمله شهراً ثم يبدأ برنامج التوك شو فى نقل معلومات هذا التحقيق، وعمل مناقشات حوله، هنا للصحفى حقوق أداء علنى، فقد كتب التحقيق فى البداية من أجل الجريدة، وبرنامج التوك شو يعرض إعلانات بمبالغ طائلة، وكلما زادت سخونة البرنامج تزداد حصيلة الإعلانات، والسخونة بالتأكيد لا تتوافر إلا من عرق ومجهود الصحفيين، فوارء كل مقال أو تحقيق أو تقرير أو تحقيق استقصائى يكتبه الصحفى، صناعة ضخمة فى برامج التوك شو وعالم الإنترنت تصل لمليارات الجنيهات، ورغم ذلك لا يتقاضى عنها الصحفى مليما واحدا، بل وتصرخ الصحف يوميا من ارتفاع أسعار الورق، وعدم قدرتها على دفع أجور توازى قيمة وقدر الصحفى.

إلى السادة مجلس نقابة الصحفيين، القضية أمامكم ويجب أن تتحركوا فيها، فهذا كفيل بحل كل مشاكل الصحفيين، ويوفر قبل ذلك استقلال الصحفى وعدم خضوعه لأحد، إذا تحركتم فهذا واجبكم، وإذا لم تتحركوا فهذه دعوة مفتوحة لكل الزملاء بالمهنة، لإسقاط مجلس نقابة الصحفيين والنقيب، ولنحصل على حقوقنا بأيدينا.