"سليمان" يشيد بمرصد الأزهر في إيضاح الصورة الحقيقية للإسلام في الغرب
أكد الدكتور أحمد علي سليمان، عضو المكتب الفني بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، وعضو مكتب جامعة الأزهر للتميز الدولي، أن شبكات التواصل الاجتماعي أو الإعلام الجديد الذي وُلد في رحم العولمة وترعرع في رحابها، قد اشتدت سطوة تأثيره، حتى أصبح ينقل الحدث بصورة لحظية إلى شتى أنحاء العالم، دون خوف من عيون الرقيب الإعلامي أو مفتش الجمارك، ومن ثَمَّ برز كقوة جبارة تؤثر تأثيرًا مباشرًا في الوعي والاتجاهات والأحداث وفي صناعة القرار وفي فرض الثقافات.
وقال "سليمان": في الفترة المفتوحة (الإسلام والحياة) والتي أذيعت يوم الأربعاء 21 سبتمبر 2016م على الهواء عبر أثير إذاعة القرآن الكريم، وتناولت موضوع (شبكات التواصل الاجتماعي ما لها وما عليها)، وقدمها أ. بهاء عبادة، وأخرجتها أ. أميرة إبراهيم، وأشرف عليها أ. عادل عبد القادر مدير عام التنفيذ بإذاعة القرآن الكريم، قال إن الإعلام الجديد New Media ، يحمل من المخاطر ما لا يلتفت إليه إلا الدارسون، خصوصا مخاطر الإرهاب ومظاهر الاختراق وتحديات الأمن الإعلامي والثقافي الرامية لإذابة هُوية الأمة. وأوضح أن وسائل الإعلام الجديد على الرغم من أهميتها الفائقة، فإنها قد تستهدف اختراق ثقافتنا الإسلامية الأصيلة، وزعزعة عقائد الشباب، والتأثير على الهوية الإسلامية واللغة العربية محذرا من مغبة انتشار لغة جديدة بين الشباب تسمى (الفرانكو آرب) تجمع بين اللغة الإنجليزية والعربية وتُكتب باللاتينية.
وأشار إلى أن نصيب الجيل الحالي من تأثيرات وسائل الإعلام في تكوين ثقافته، وتحديد أنماط سلوكه، وإكسابه المفاهيم والقيم والعادات والاتجاهات في تزايد كبير؛ نظرًا لتقدم تقنية الاتصالات والمعلومات، وفي ظل الفوضى السائدة في المجال الإعلامي الخارجي، ربما تتأثر بالسالب أخلاقيات الشباب المسلم. وقال إن الدول بعد أن فقدت السيطرة الكاملة على البث المباشر، وفقدت قدرتها على التصدي للبث الإعلامي الخارجي بما يحمله من غزو ثقافي أجنبي، لم يعد بإمكانها التحكم في وسائل الإعلام التقليدية والجديدة، ومن ثم لابد من تربية الضمير لدى النشء والشباب.
ونوه إلى أن التفاوت في القدرات الإعلامية بين الدول المتقدمة والدول غير المتقدمة أدى إلى سيطرة الدول المتقدمة وتمكينها من تشكيل وعي الشعوب المغلوبة على أمرها، بثقافة الاختراق بشتى مظاهرها الفكرية والسلوكية، ومن بينها مشاهد العنف التي تولد العنف وتربي أجيالا على انتهاجه ومن ثم ينشأ السلوك الإرهابي، كما يسهم بعضها في ترويج الشائعات والأفكار العنصرية، وتيسير الجرائم وتجارة الدعارة، وتسهيل الوصول إلى ممتهنيها، وترسيخ الأنشطة المحرمة التي تحملها العقائد الفاسدة، والتشكيك في الثوابت الدينية والحضارية، وزعزعة الأمن الفكري والعقدي للشعوب المغلوبة على أمرها، فضلاً عن نشر ثقافة القوى الغالبة والتمكين للغتها وآدابها، ومن ثم تترك بصماتها على سلوك الشباب المسلم، وتدفعهم إلى التصرفات غير المسؤولة والأعمال العدوانية بفعل غريزة التقليد والمحاكاة للغالب.
ولفت إلى أنه أمام هذه التحديات يشعر كثير من الخبراء أنه ربما تنزوي فعالية الخطط الدعوية وتتوارى هذه الخطط الإصلاحية التي تتوجه إلى الفكر الواعي في الإنسان وتنشر السلام والمحبة بين الناس، تفتقد الآن الإرادة الصلبة، والعزيمة القوية، والتنسيق الكامل، والإمكانات المادية، والوسائل التقنية الحديثة، والكوادر المؤهلة والقادرة على حمل دعوة الخير ونشرها للناس في مشارق الأرض ومغاربها.
ودعا "سليمان" إلى أهمية تدارس سبل تحقيق الأمن الإعلامي من خلال التوسع في نشر مناهج وبرامج التربية الإعلامية في المؤسسات التربوية والإعلامية، وتمكين الموهوبين من الشباب من الظهور في وسائل الإعلام حتى يصبحوا قدوة ومؤثرين عالميًّا.
ولمواجهة المخاطر السابقة طالب الدكتور أحمد علي سليمان الأزهر الشريف بضرورة (صياغة استراتيجية تربوية إعلامية ثقافية موحدة للعالم الإسلامي)؛ تسعى للحفاظ على هوية المسلمين، ومواجهة التطرف والإرهاب والإلحاد والحفاظ على معطياتنا الحضارية وتوجهاتنا التربوية، وإعادة بناء منظومة القيم من خلال التربية الإعلامية بشقيها (تربية المتلقي على عمليات الفرز والانتقاء، وتربية المرسل على بث الرسالة النافعة للناس) وبما يسهم في تكوين الجهاز المناعي والحصانة الفكرية والثقافية للشباب المسلم.
وأشاد عضو مكتب جامعة الأزهر للتميز الدولي، بتجربة مرصد الأزهر باللغات الأجنبية الذي أنشأه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر الشريف، مشيرا إلى أن هذا المرصد يعد مفخرة للمسلمين في كل مكان؛ لأنه أسهم في فترة قصيرة في تفيد الشبهات وإيضاح الصورة الحقيقية للإسلام في العالم، خصوصا وأنه يحمل اسم الأزهر وينشر فكرا أزهريا مستنيرا يرمي إلى تحقيق المحبة ونشر السلام العالمي، داعيا المؤسسات المعنية إلى ضرورة الاستفادة من تجربة مرصد الأزهر، بعد أن أشارت التقارير العالمية إلى تنامي عدد المتصفحين لموقع المرصد في شتى دول العالم بصورة كبيرة جدا وملفتة للانتباه.
وفي نهاية حديثه لإذاعة القرآن الكريم دعا إلى الاستخدام الرشيد لمواقع التواصل الاجتماعي، وعدم إضاعة الوقت أمامها، وتوظيفها في نشر العلم النافع والثقافة التي ترسخ الجانب الإيماني والاجتماعي، وجعلها ساحة لنشر دعوة الخير للعالمين حتى يصبح صوت الإسلام جهيرا في كل مكان، وقال للشباب لا تجعلوا الله تعالى أهون الناظرين إليكم، وتذكروا دائما أن الله يراكم ولا ترونه، فكونوا عند حسن ظن الله تعالى بكم، وتذكروا قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (احفظ الله يحفظك.. احفظ الله تجده تجاهك...)، وتذكروا دائما أن العين أمانة والأذن أمانة وكل النعم التي أنعمها الله عليكم أمانات لديك وأنتم مسئولون عنها يوم القيامة، وطالب جماهير المسلمين بألا تلهيهم مواقع التواصل الاجتماعي في الفضاء الإلكتروني الافتراضي، عن التواصل الحي والمباشر بين الناس.