منظمات المجتمع المدني في السعودية.. شريكا فاعلا للحكومات في الرعاية الاجتماعية للمواطنين

السعودية

الملك سلمان - ارشيفية
الملك سلمان - ارشيفية


جهود مستمرة منذ 40 عاماً لضمان تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي

أكثر  من 600 جمعية خيرية تقدم مساعداتها للسعوديين في مختلف المجالات

دعم أعمال البر والزواج والتنمية الأسرية.. على رأس القائمة

للعمل الأهلي بالمملكة العربية السعودية دور كبير في خدمة المجتمع، خاصة مع ما يتمتع به من صلاحيات واسعة ومساحة كبيرة من التحرك في وسط المجتمع للتعرف على مشاكله واحتياجاته، والقدرة على تجميع الأموال بيسر وسهولة ودون مساءلة أمنية، في وقت منع فيه الآخرون.

وتعد المنظمات الأهلية في المملكة العربية السعودية، فاعلاً أساسياً في تلبية الاحتياجات المجتمعية وشريكاً أساسياً للحكومة في دعم الخطط الرعائية والمساعدات الاجتماعية والإغاثية. ويدعم من ذلك التوجه أن المجتمع السعودي بطبيعته وتركيبته الثقافية والاجتماعية والدينية محب لعمل الخير وتقديم التبرعات والصدقات من زكاة الأموال لمساعدة المساكين والفقراء وأبناء السبيل وعمارة المساجد والتعليم وتدريس القرآن وعلوم الدين وكذلك إيواء الحجاج من البلدان الإسلامية. ويمثل الوقف الخيري إحدى أدوات الصرف وتمويل تلك الأعمال الخيرية.

دعم الدولة لجهود العمل الأهلي
شكل دعم العمل الأهلي منهجاً أساسياً ارتبط بالدولة السعودية، ويوضح ذلك اهتمام الحكومات السعودية المتعاقبة بتشجيع إنشاء الجمعيات والمؤسسات الخيرية بشتى أشكالها ونشاطاتها ودعمها مالياً ومادياً وتقديم جميع التسهيلات الضرورية لقيامها واستمرارها بتأدية دورها في خدمة المجتمع السعودي. 

وتأسست الجمعيات الخيرية في المملكة قبل أكثر من 40 عاما تقريبا، وقدمت طوال هذه السنوات الكثير من الأعمال لخدمة أبناء المملكة من المحتاجين والفقراء، وتقديم الدعم المادي لهم، والقضاء على العديد من المظاهر الاجتماعية السلبية، وتدريب وتأهيل أبناء المجتمع بما يساعدهم في مستقبلهم الاجتماعي والتعليمي والمهني. وفي الجانب الصحي والتربوي نجح العمل المدني السعودي في إنشاء العشرات من المراكز الصحية ورياض الأطفال، ودور العجزة والمسنين, ومراكز التدريب والمعارض.

وفيما يتعلق بالدعم المالي بدأت الجمعيات الخيرية في البحث عن سبل استثمارية حديثة تغطي حاجاتها المتنامية وتسند مواردها المالية المعتادة القائمة على التبرعات والاشتراكات. وهناك بعض الجمعيات التي أسست مشاريع وقفية خيرية وأعمالا استثمارية مختلفة لدعم برامجها المختلفة، كما أن بعض المشاريع التي تقوم بها الجمعيات هي في حد ذاتها إنتاجية وتشكل مصادر دخل جيدة كالمستوصفات الصحية ورياض الأطفال والدورات التدريبية وغيرها.

تنوع نشاطات العمل الأهلي
عكفت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بالمملكة خلال الفترة الأخيرة على وضع تنظيم لتصنيف مجالات وأنشطة الجمعيات الأهلية، من أجل أن تحقق الجمعيات أهدافها ورسالتها عبر مجالاتها المختلفة. وقامت الوزارة برصد أنشطة الجمعيات المختلفة، تمهيدا للتصنيف، وكان الهدف من التصنيف الارتقاء بأداء الجمعيات المختلفة ومنع ازدواجية العمل وتداخل الاختصاصات، من خلال معرفة الفئات المستهدفة من قبل الجمعيات الخيرية والتي تشتمل على ‏العاطلين عن العمل، ومحدودي الدخل، وذوي الإعاقة والمرضى والفقراء والمساكين والأرامـل والمطلقات، والمقبلين على الزواج، كما تشمل أصحاب الجنح والمســـاجين، والأيتام، والمتزوجين والمسنين ‏والصحة والتعليم والأبحاث والخدمات الاجتماعية والبيئة، التنمية والإسكان والحماية والدعوة والإرشاد الديني، وغيرها من جمعيات النفع العام.

وتضم ايضا المنظمات والأنشطة المتخصصة في الثقافة والترفيه والتعليم والأبحاث والصحة والخدمات الاجتماعية، والمنظمات التي تعزز وتوفر خدمات المحافظة على البيئة، وبرامج الخدمات للمساعدة في تحسين وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، وتقديم الخدمات القانونية وتعزيز السلامة العامة، ومنظمات دعم العمل الخيري والتي تقدم الدعم الإداري والفني والبشري والمالي للعمل الخيري والتطوعي، ومنظمات الدعوة والإرشاد والتعليم الديني التي تعمل على غرس ونشر التعاليم والقيم الدينية بين المسلمين وغيرهم، وأخيراً الجمعيات والروابط المهنية والعلمية التي تعزز وتنظم حماية المصالح التجارية والمهنية والعلمية.‏

وينضم إلى هذه المنظومة الواسعة من جمعيات العمل الأهلي والخيري الرسمية والخاصة والتي تغطي عشرات المجالات في داخل المملكة، صحيا وثقافيا وبيئيا وقانونيا وأسريا، المؤسسات والجمعيات السعودية العاملة في الخارج، حيث نشأ في المملكة عدد من المؤسسات والجمعيات واللجان الخيرية التي تمارس نشاطاً خيريا "غير ربحي"، وتتركز أنشطتها في تقديم برامج الإغاثة والإيواء في مناطق العالم الإسلامي المختلفة وفي الدول التي تتعرض لكوارث وفي المجتمعات الفقيرة، ومن أبرزها "الهيئة السعودية الأهلية للإغاثة والأعمال الخيرية بالخارج".

ضوابط العمل الأهلي 
وضعت وزارة الشؤون الاجتماعية بالمملكة، ضوابط مشددة لإدارة المصروفات المالية في الجمعيات الخيرية المختلفة أبرزها حماية التعاملات المالية في الجمعيات من أي محاولات لعمليات غسيل الأموال.

وتضمنت الضوابط، التي تم الانتهاء منها في اللائحة التنفيذية الجديدة والمتوقع تطبيقها خلال الأشهر القادمة إلزام الجمعيات بالاحتفاظ في مقرها بالسجلات والمستندات المالية وملفات الحسابات والمراسلات المالية وصور وثائق الهويات الوطنية للمتعاملين معها، لمدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ انتهاء التعامل، وإذا توافرت لديها أسباب معقولة للاشتباه في أن الأموال أو بعضها تمثل حصيلة نشاط إجرامي، أو مرتبطة بعمليات غسل أموال، أو تمويل إرهاب، أو أنها ستستخدم في العمليات السابقة فعليها اتخاذ عدة إجراءات من بينها إبلاغ وحدة التحريات المالية لدى وزارة الداخلية فورًا وبشكل مباشر، وإعداد تقرير مفصّل يتضمن جميع البيانات والمعلومات المتوافرة لديها عن تلك الحالة والأطراف ذات الصلة، وتزويد وحدة التحريات المالية به، وتضمنت الضوابط أن تعيّن الوزارة مراجعًا للحسابات أو أكثر للقيام بالأعمال التي تطلبها، كما يشترط على الجمعية أن تزود الوزارة بحسابها الختامي للسنة المنتهية بعد اعتماده من الجمعية العمومية خلال أربعة أشهر من نهاية السنة المالية.

تطوير العمل الأهلي
في إطار مساعي المملكة لتطوير العمل الأهلي، وقع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة مؤسسة "مسك الخيرية"، في نهاية يونيو من عام 2016م مع الرئيس المشارك لمؤسسة بيل، ومليندا جيتس الخيريَّة السيد بيل جيتس اتفاقيَّة تعاون لتدريب القيادات السعوديَّة التي تعمل في المجال الخيري، ونقل أفضل وسائل الحوكمة إلى المؤسسات الخيريَّة في المملكة العربيَّة السعوديَّة، وتطوير منتجات العمل الخيري في المملكة.

دور المرأة والإعلام في العمل الأهلي
تلعب المرأة السعودية دورا فاعلا في العمل الأهلي داخل المملكة، خاصة مع تأسيس الجمعيات النسائية التي نجحت في اقتحام ميادين العمل الخيري التطوعي، من خلال توظيف باحثات اجتماعيات لزيارة الأسر والمستفيدين, وتدشين دورات أعمال نسائية حرفية لتدريب وتأهيل بعض أفراد الأسر المستفيدة من العنصر النسائي.

ويعتبر الإعلام العام والخاص في المملكة شريكا حقيقيا في نجاح مسيرة العمل الخيري السعودي، نظراً لقدرته على خلق التواصل بين الجمعيات الأهلية وأبناء المملكة من القادرين، وحثهم على تقديم المساعدات المالية والعينية لإخوانهم من المحتاجين. 

وبالمثل يؤدي رجال الدين في المملكة دورهم المأمول والمتوقع في دفع المواطنين السعوديين إلى التبرع,  دون أن يعني ذلك تغييب دور المختصين في الدراسات الاجتماعية والنفسية والتقنية والثقافية والإدارية والمالية.

وبشكل عام يتركز نشاط الجمعيات الأهلية الخيرية السعودية في مجال الأعمال المتعلقة بالبر والزواج والتنمية الأسرية بإجمالي 516 جمعية، وتعمل المملكة قدر المستطاع على تعميق دور العمل الأهلي وتقوية مؤسسات المجتمع والرهان عليه والعمل كذلك على توفير الدعم المؤسسي لهذه المنظمات بالقدر الذى يساعدها على تنمية مواردها الذاتية والتعبئة المجتمعية عبر توسيع منظومة الوقف الإسلامي والصناديق  الخيرية وتحفيز آليات التطوع ولا سيما التطوع بالجهد، فمن شأن نشر هذه الثقافة وترسيخ آلياتها أن يتضمن مستويات واسعة من المشاركة المجتمعية القوية وهو ما يوفر ضمان الحد من أي توترات اجتماعية ويساهم في تعزيز الاستقرار والأمن الاجتماعي.