خانني بعد ان ضحيت باغلى ما املك
اختارت إلهام (ربة منزل، متزوجة منذ 35 عاماً) البقاء مع زوجها الذي لا يُنجب، وهي إذ تروي قصتها التي أطلقت عليها صفة «المأساة»، تقول: «لقد نشأ حلم الأمومة عندي منذ طفولتي، حيث كنت أرعى دميتي الصغيرة، وأهتم بها وأضمها إلى صدري. وببراءة تلك السن، كنت أعيش نشوة الأمومة، وكبر معي حلمي وأنا على أبواب الزواج، فقد كان في خاطري أن أنجب «دستة» من الأطفال أعوض بها وحدتي، خصوصاً أن والديَّ لم ينجبا غيري». تضيف: «في العشرين من عمري، تزوجت بشاب في مثل سني، وحينها، لم يراودني شك أبداً في أنني اقتربت من تحقيق حلمي، وأخذت أعد الأيام والليالي في انتظار الحدث السعيد. لكن، مر العام الأول والثاني من دون حدوث أي شيء، فقررنا أنا وزوجي الذهاب إلى الطبيب، وكانت النتائج جميعها تشير إلى سلامتي وقدرتي على الإنجاب. لكن الصدمة كانت أن فحوص زوجي الطبية أظهرت عيباً خلقياً يمنعه تماماً من الإنجاب، وأن لا أمل أبداً في أن يصبح أباً ذات يوم».
تسترسل إلهام والحسرة واضحة في نبرات صوتها، تقول: «كانت الصدمة شديدة علىَّ وعلى زوجي، ولكنها كانت اشد عليّ أنا». وعلى الرغم من ذلك، تؤكد أنها سرعان ما تماسكت و أطفأت مصابيح حلمها بالأمومة، ولملمت أطراف آمالها مودعة رغبتها في طفل يقول لها كلمة «ماما» إلى الأبد. تتابع: «لقد قررت الاستمرار مع زوجي ومشاركته هذه المحنة، وقلت له في لحظة إنسانية: لا أريد من دنياي سواك».
إلا أنها تحكي ما مرت به من معاناة بعد ذلك، تقول: «لم نوضح لأحد في الدنيا حتى أقرب الناس، وبإيعاز مني، من هو المسؤول منا عن عدم الإنجاب. ولكن، كعادة الناس في مجتمعنا، كنت أنا الوحيدة المتهمة بذلك، وظللت قسطاً من الزمان أتحمل سياط السؤال المزعج: «هل يوجد شيء (حمل) على الطريق؟»، وكنت أسمع بأذني أمه وأخواته يحثثنه على الزواج بأخرى من أجل الإنجاب، ولكني قلت لا بأس سأضحي بأمومتي من أجله». تتابع: «مرت الأيام والسنوات بيننا، وأنا أتعذب بصمت، أرى من حولي أطفال قريباتي وصديقاتي فيتقطع قلبي». تضيف: «ذات مرة حضر صديق لزوجي كان يعيش في دولة أوروبية وحدثه عن تقنية حديثة للإنجاب مناسبة لحالته، فوجدت زوجي مهتماً بالموضوع واستغربت لذلك، خاصة أنني كنت قد بلغت من العمر سناً تخطيت فيها مرحلة الإنجاب، ولكني حينها لم أهتم كثيراً».
ولكن، ثمة مفاجأة عاشتها إلهام، تكشف عنها بأسى، تقول: «لم يمر عام على حديث صديق زوجي معه، حتى وصلني خبر أكيد عن زواجه بأخرى». تقول: «لم أصدق حينها، وعندما واجهته اعترف، بل أخبرني أن زوجته الجديدة حامل بعد أن جرب العلاج الجديد ونجح معه، وقال بكل وقاحة إنه لجأ إلى الزواج بها لأنها صغيرة في السن، ويمكنها منحه الطفل الذي حلم به طوال حياته». هكذا، علمت إلهام أخيراً، وبعد أن ملأ الشيب رأسها، أن تضحيتها ضاعت هباءً منثوراً، وأنها كانت تعيش مع زوج أناني، حرمها نعمة الأمومة في شبابها، والآن يحرمها في خريف عمرها من كنف الزوج الوفي. تختم بحسرة وألم: «بعد فوات الأوان أدركت أنني كنت على خطأ، ولكن، ما نفع الندم؟».