ارتفاع الأسعار يضرب حركة بيع لحوم عيد الأضحى .. ومواطنون: "اكتفينا بالفول" .. (تحقيق)
تاجر لحوم: إقبال ضعيف في ظل ارتفاع أسعار اللحوم
بائعو الصاج: الغلاء طال أسعار لحوم الغلابة
مواطنون: "اكتفينا بالفول والبصارة .. واللحمة لها ناسها"
رئيس شعبة القصاصين: ارتفاع أسعار اللحوم الحية 5% والمستورد 20%
ركود غير مسبوق تشهده الأسواق الخاصة باللحوم ومشتقاتها مع ارتفاع أسعارها قبل يومين من عيد الأضحى، ويأتى ارتفاع سعر الدولار أحد أهم أسباب تلك الأزمة التي تشهدها الأسواق بنسبة كبيرة، فضلاً عن عدم الرقابة من الجهات المختصة على التجار.
ففي جولة لـ"الفجر"، في المدبح بمنطقة السيدة زينب، الذي يعد أكبر سوق لبيع المواشي واللحوم في القاهرة، رصدنا ضعف الإقبال من قبل المواطنين، وهو أمر ارجعه تجار ومواطنين إلى ارتفاع أسعار السلع وتأثير الوضع الاقتصادي.
إقبال ضعيف
يقول حلمي عبد العزيز، أحد الجزارين في المدبح بمنطقة السيدة زينب، إن الإقبال على شراء اللحمة بجميع مشتاقتها ضعيف جدًا مقارنة بالسنوات الماضية، لافتًا إلى أنه في مثل هذه الأيام من كل عام كان المدبح بيزدحم لدرجة إن " محدش يعرف يحط رجله"، وينتظر التجار الموسم من العام للعام، عكس هذه الأيام.
وأضاف "عبد العزيز"، أن السبب يرجع لجشع التجار، وعندما نتحدث معهم يقولون: "العلف غالي وتربيتها غالية وأكيد مش هنخسر.. أنتم كمان اعملوا كده وعلو على الزبون"، مشيرًا إلى أن "الصاج" وصل سعره إلى 1200 جنيهًا بعدما كان في العام الماضي سعره 700 جنيهًا، لذلك أصبح الاقبال ضعيف والمستهلك الذي كان في عدم استطاعته شراء اللحوم والاكتفاء بـ"الممبار والكرشة، والكوارع" بديلا لها بات لا يستطيع شرائهم، نظرًا لارتفاع أسعارهم بأضعاف مضعافة، وأصبحت الطبقة الغنية هي التي تستطيع شراء"الصاج" إضافة للحوم، أما الفقير ومحدودي الدخل فله الله.
وطالب "عبد العزيز" بتشديد الرقابة من قبل الحكومة على الأسواق، معلقًا: "مفيش رقابة والتجار بيغلو براحتهم ولاحد بيوقف ليهم، والحكومة بس كل اللي بتعمله كلام، احنا عاوزين جهاز حماية المستهلك ووزارة التموين تنزل تشوف الأسواق عاملة ازاي، قبل ما الناس تاكل بعضها ونكون احنا الأضحية للعيد".
ويشهد الاقتصاد المصري حالة من التذبذب، وبات يتراجع بمؤشرات كبيرة خلال العامين الماضيين، كما تراجع الجنيه المصري أمام الدولار الأمريكي (14) مرة متتالية خلال الأشهر الماضية، مما تسبب في ارتفاع الأسعار لاسيما اللحوم.
مخاوف تجار "الصاج" من غول الأسعار
وتقول فاطمة عبد الهادي، إحدى بائعي الصاج بذات المنطقة: "ارتفاع الأسعار كسرت ظهرنا، أنا وولادي بننتظر الموسم من سنة للسنة لأن الناس كلها بتاكل الصاج(كرشة، مبمبار، كوارع)، حتى الفقير وهو الأكثر اقبالا عليها نظرًا لسعرها المنخفض؛ إلا هذا العام الكل اختفى ولو في 5 زبائن في اليوم يبقى نعمة لكن للأسف طول اليوم ما بنشوف غير زبون أو اتنين بالكتير، بالرغم من أننا استعدادتنا للعيد جاءت متأخر عن كل عام لعدم استطاعتنا على شراء الصاج بهذه الأسعار المضعافة".
واستكملت "عبد الهادي حديثها"، وصلت سعر الكرشة إلى (20) جنيهًا بعدما كانت في العام الماضي بـ(10)، بالإضافة إلى سعر الممبار الذي وصل إلى (30) جنيها وفي العام الماضي كان سعره(20)، أما الكوارع فارتفعت سعرها بشكل كبير فتتراوح ما بين(45إلى 50)، ومن قبل كان سعر الكارع(30)جنيهًا.
ولفتت"عبد الهادي"، إلى أن هذه الأسعار ظلمت المواطنين الفقراء، إنما أصحاب المال لم يشعروا بالزيادة سوى بشيء طفيف، بالإضافة أنها ظلمت بائعي الصاج بشكل خاص لأنهم معتمدين على رزقهم هذا فقط من أجل المعيشة، وارتفاع الأسعار تسببت في "خراب بيوتهم" مضيفة: "فالخسارة عليا وعلى الزبون.. كلنا الهم صايبنا.. والحكومة ودن من طين وودن من عجين.. وكأنهم عاوزينا نخف الحمل من عليهم ونموت بكوي الأسعار".
لحوم القوات المسلحة وضعف الاقبال على التجار
ولا يختلف حال سعيدة محمود، بائعة لحوم بمنطقة السيدة زينب، عن سابقيها، فأعربت عن استيائها من ركود البيع، لاسيما في ظل انتشار الجمعيات الاستهلاكية ومنافذ البيع وسيارات الجيش التي تباع اللحوم المجمدة وبسعر أرخص، متخوفة من أن ترتفع الأسعار خلال الأيام المقبلة قبيل العيد مباشرة خوفا من عزوف المواطنين على الشراء.
وأردفت"محمود"، أن قلة الدخل للشعب وزيادة أسعار اللحوم، تسببت في عزوف المواطنين عن شراء لحمة العيد، وأصبح البعض ينتظر "الأضحية"، والبعض الأخر اكتفى باللحوم المستوردة بالرغم من أنها قفزت بشكل كبير، حيث وصل سعر الكيلو إلى (55) جنيهًا، مقارنة بالكيلو جرام البلدي الذي وصل سعره إلى (100) جنيهًا.
واستطردت"محمود"، قائلة: "نفسي أبيع زي كل موسم، لكن حتى بقينا نشتري اللحمة كام كيلوجرام غير الأول، بخاف معرفش ابيعها وتفضل عندي مركونة، حتى الأغنياء اللي كان بيشتري كميات علشان يوزعها على الفقراء اكتفى بأسرته، غير الشكك ومش قادرين نقول للناس لأ وخاصة في موسم العيد".
"الاكتفاء بالفول ..واللحمة لها ناسها"
وتعلق هناء صبري، موظفة في إحدى القطاعات الحكومية، أن وصول ارتفاع أسعار اللحوم والصاج بهذا الشكل، عبئا كبيرًا على الأسرة المصرية، لاسيما مع اقتراب المدارس، ومصاريف الملابس، والكتب والأدوات المدرسية، بالإضافة للدروس الخصوصية.
فيما قالت إيناس السيد، ربة منزل، إن اللحمة للأغنياء، معلقة : "مين هيجيب كيلو لحمة بـ(100) جنيه، واحنا من الأساس دخلنا بسيط، هنجيب لحمة ولا نجيب العلاج اللي سعره غلي مرتين، ولا هنجيب لبس العيد ولا المدارس، ده أيام سودة والواحد ما يعلم به غير ربنا لحد ما يموت ".
"حتى اللحمة المستوردة اللي كانت بتسندنا ارتفعت سعرها"، بهذه الكلمات وصف محمد بيومي، مهندس، الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، ويضيف: "كنا بنعتمد على اللحمة المستوردة والكرشة والممبار والعيال اهي بتحس بالعيد وتفرح، دلوقتي ما سابوش حاجة للفقراء غير الدعاء على أنفسهم برحمة ربنا تخلصهم من الحياة".
ويشكوا مرتادي المدبح من ارتفاع الأسعار متهمين التجار بالجشع واستغلال موسم عيد الأضحى ادراكا منهم بأن اللحمة من الأساسيات في العيد ولا يمكن الاستغناء عنها وأن ارتفع سعرها.
ارتفاع أسعار اللحوم الحية 5% والمستورد 20%
وقال محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين، إن متوسط أسعار الخراف المحلية الحية بلغ 40 جنيهًا للكيلو، فيما بلغ متوسط سعر العجول 38 جنيهًا، مشيرًا إلى استقرار أسعار اللحوم المذبوحة ما بين 80 و100 جنيه للكيلو، وأنه لا يُتوقع أن تشهد زيادات جديدة في ظل تراجع الطلب.
وأشار"وهبة"، إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم المحلية الحية ارتفعت بنسبة 5%، عن الأسعار السائدة مقارنة بالعام الماضي مع اقتراب عيد الأضحى، وارتفاع أسعار المستورد بنسبة 20%، بسبب أزمة الدولار.
وكشف "وهبة"، عن ارتفاع متوسط حجم الاستيراد من 20 ألف طن شهريًا إلى ما بين 40 و50 ألف طن، مع تزايد الإقبال على المستورد، في ظل ارتفاع أسعار اللحوم البلدية.